العنوان هنا
مراجعات 01 سبتمبر ، 2021

مراجعة كتاب "الفلسطينيون في العالم: دراسة ديموغرافية"

ديموغرافيا الصراع: استشراف مستقبل الفلسطينيين عام 2050

مجد أبو عامر

باحث ومقرر وحدة الدراسات الاستراتيجية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وسكرتير تحرير دورية "عمران للعلوم الاجتماعية". حاصل على الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من معهد الدوحة للدراسات العليا، والبكالوريوس في القانون من جامعة فلسطين. تركّز اهتماماته البحثيّة على قضايا الانتقال الديمقراطي، والحركات الاجتماعية، والدولة العربية، والدراسات الفلسطينية.

عنوان الكتاب: الفلسطينيون في العالم: دراسة ديموغرافية.

المؤلف: يوسف كرباج وحلا نوفل.

اسم ومكان دار النشر: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة/بيروت.

سنة النشر: 2020.

عدد الصفحات: 296 صفحة.


مقدمة

يتموقع كتاب الفلسطينيون في العالم: دراسة ديموغرافية في حقل الدراسات الديموغرافية الفلسطينية، التي اختلفت في مقارباتها واهتماماتها بالمجتمعات الفلسطينية المختلفة داخل فلسطين وخارجها، والتي تتطلبُ مزيدًا من السبر والبحث الميداني، لارتباط المسألة الديموغرافية الفلسطينية ارتباطًا وثيقًا بالتحوّلات والحلول السياسية المُمكنة؛ وكون أنه "لا يُطرح أيّ حل أو تسوية جيوسياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلا إذا شمل المُركب الديموغرافي (عدد السكان وانتشارهم) بوصفه عنصرًا صائغًا ومُشكِّلًا للحل".

ما يُميّز الكتاب من الدراسات السابقة أنّه يُعدُّ، من جهة، دراسة ديموغرافية بحتة، وهي الأولى من نوعها على مستوى مُعالجة الديموغرافيا الفلسطينية (تتناول الجوانب الديموغرافية حصرًا)، ولاهتمامها بفلسطينيي الشتات إلى جانب فلسطينيي الداخل، خلافًا للدراسات الممتدة على مدار العقدين الأخيرين التي أهملت الشتات. ومن جهةٍ أخرى، للدراسة إسهامٌ نوعي بوضع حجر الأساس لمشروع بحث ديموغرافي شامل للفلسطينيين في شتّى أماكن وجودهم، إضافةً إلى اعتبارها امتدادًا لمشروع الباحثين، يوسف كرباج وحلا نوفل حول الديموغرافيا الفلسطينية الذي يعود إلى عقدين من الزمن.

يسعى الكتاب إلى رصدِ توزيع الفلسطينيين الذين يعيشون في 200 دولة تقريبًا، سواء داخل حدود الأراضي الفلسطينية لعام 1967 أو 1948، أو في الشتات العربي والعالمي، وذلك من خلال مُعالجة أوضاعهم الديموغرافية، بوصفها عُنصرًا أساسيًا يغيّبُ بحثه بدقة في الدراسات السابقة، رغم أنه المُعطى الذي يُمكّن من التنبؤ بالمستقبل الديموغرافي للفلسطينيين ومصيرهم. كما يهدفُ الكتاب إلى دراسة المجتمعات الفلسطينية المُهاجرة قبل عام 1948 وبعده، مُعتمدًا على مقاربة تاريخية ترصدُ تيارات الهجرة المُختلفة، بقصد استشراف مُستقبل الفلسطينيين الديموغرافي بحلول عام 2050. وقد أتاح منهج دراسة الحالة المُتّبع في الدراسة بحثَ خصوصية كل مجتمع من المجتمعات الفلسطينية في 23 بلدًا تُمثّل حالات الدراسة (ص 17 - 20).

ولحظ المؤلفان أهمية وضرورة أن تعتني الأبحاث اللاحقة حول الفلسطينيين في الخارج، في أوروبا على نحو خاص، وإضافة إلى البلدان القليلة التي شملتها هذه الدراسة: البلدان الثلاثة في أوروبا الغربية والبلدان الخمسة في أوروبا الشمالية، بالمضي قدمًا في دراسة الوجود الفلسطيني في بلدان أخرى في المنطقة الأوروبية نفسها؛ بلجيكا وهولندا، وبلدان جنوب أوروبا مثل إيطاليا وإسبانيا واليونان، أو أوروبا الشرقية مثل روسيا.

أمّا بالنسبة إلى عينة الدراسة، فتشمل كل الفلسطينيين، سواء كانوا لاجئين أم حَملة الجنسية/ تصاريح الإقامة الفلسطينية، أم حَملة جنسيات الدول المُضيفة (ص 22). ونظرًا إلى عدم شمولية الدراسات والأبحاث والمعطيات الإحصائية حول الفلسطينيين في البلدان محلّ الدراسة من جهة، وقِدمِ معلوماتها من جهةٍ أخرى، اعتمدَت الدراسة في مصدر معلوماتها على البحث الديموغرافي المُنطوي على المقابلات الشخصية، وزيارات لمراكز بحوث وبعض السفارات والقنصليات الفلسطينية (ص 21 - 23).

يقعُ الكتاب في 12 فصلًا. يبحثُ الفصل الأول الأوضاع الديموغرافية للفلسطينيين داخل فلسطين التي تشهدُ مُنافسة ديموغرافية فلسطينية - إسرائيلية. ثم ينتقلُ الفصل الثاني إلى دراسة الفلسطينيين داخل إسرائيل، الذين يُعتبر تزايدهم مُعجزةً ديموغرافية. في حين يذهبُ الفصل الثالث إلى الضفّة الأخرى للمُعالجة الديموغرافية للفلسطينيين في الأردن، نافيًا مزاعم "فلسطنة" الأردن بوصفه وطنًا بديلًا للفلسطينيين. ويدرسُ الفصل الرابع الفلسطينيين في سورية الذين تكرّر شتاتهم مع انزلاق البلاد في أتون حرب أهلية بعد حركة الاحتجاجات الواسعة والثورة التي اندلعت عام 2011. أمّا الفصل الخامس فيبحث أوضاع الفلسطينيين في لبنان المُتأثرين بصراعاته السياسية، الذين لم يتبقّ أمامهم سوى المطالبة بالحق في الهجرة. بينما يسلّط الفصل السادس الضوء على الفلسطينيين المُهمّشين في مصر. ثم يتتبع الفصل السابع تشكّل الشتات الفلسطيني في العراق الذي بدأ في التلاشي بعد الغزو الأميركي له عام 2003. ويرصدُ الفصل الثامن الوجود الفلسطيني في بلدان الخليج العربية الستّة الذي بدأ منذُ قرابة قرن، وتأثّرهم بالتقلبات السياسية والاقتصادية للمنطقة. في حين يتّجه الفصل التاسع نحو استعراض طبيعة الوجود الفلسطيني في فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، وفي الفصل العاشر يستعرض وجودهم في بلدان شمال أوروبا (السويد والدنمارك والنرويج وآيسلندا وفنلندا). وختامًا، يقطعُ الكتاب المُحيط نحو الأميركتين في الفصلين الحادي عشر والثاني عشر، ليدرس الأوضاع الديموغرافية للفلسطينيين في الولايات المتحدة الأميركية وتشيلي.


* هذه المراجعة منشورة في الكتاب السنوي الخامس 2020 من دورية "استشراف" (الصفحات 404- 417)، وهي مجلة محكّمة للدراسات المستقبلية والاستشرافية، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات مرة كل سنة.
** تجدون في موقع دورية "استشراف" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.