العنوان هنا
مراجعات 02 أبريل ، 2017

قراءة في كتاب أفكار ضدّ التيار: مساهمة للرفع من مستوى التعليم لأحمد بوعزي

الكلمات المفتاحية

منير الكشو

​أستاذ في الفلسفة السياسية والأخلاقية المعاصرة بقسم الفلسفة بجامعة تونس، صدر له كتابان باللغة الفرنسية حول الفيلسوف الأميركي المعاصر جون رولز؛ أحدهما بعنوان دراسات رولزية، والآخر بعنوان العدل ومعاييره: جون رولز ومفهوم السياسة. كما قام بترجمة أحد الكتب المهمّة للفيلسوف الكندي ويل كيمليشكا، هو: مدخل إلى الفلسفة السياسية المعاصرة


عنوان
الكتاب: أفكار ضدّ التيار، مساهمة للرفع من مستوى التعليم.

المؤلف : أحمد بوعزّي.

الناشر : المؤلف نفسه.

عدد الصفحات: 193 من القطع المتوسّط.



يمكن أن نعدّ صدور كتاب "أفكار ضدّ التيار، مساهمة للرفع من مستوى التعليم" استجابة للحاجة إلى نظرة عالمة خبيرة ومتروّية، في المنظومة التعليمية التونسية في مراحلها الثلاث؛ الأساسي، والثانوي، والعالي؛ من حيث غاياتها وأهدافها وفاعليتها وتاريخها ومظاهر الوهن فيها، ومن حيث سبل إصلاحها. فتونس تحتاج في رأي الكاتب بعد ثورة 2011 إلى إصلاح جذري للمنظومة التعليمية والتربوية؛ لتكون في مستوى تطلعات الشباب التونسي. ولئن تعذّر الإصلاح الحقيقي للنظام التعليمي زمن الاستبداد الذي لم يكن يسمح فيه بالجدل العام في الشأن التربوي والتعليمي، وكانت تفرض فيه رؤية للإصلاح التربوي تولّى إعدادها مجموعة من الإداريين والخبراء المحليين الموالين له، بالتعاون مع خبراء دوليين؛ فإن الديمقراطية الناشئة في تونس تتيح إمكانات كبيرة لتدارك أخطاء الماضي، والشروع في إصلاح جدّيّ لمنظومتي التعليم والتكوين. ولهذا الكتاب الفضل في تقديم الخطوط العريضة لبرنامج إصلاحي للتعليم، يفعّل الحقوق والحريات الواردة في الدستور التونسي الجديد، ويقدّم تصوّرًا للهوية الثقافية، قوامها المواطنة والحرية والمساواة، والانتساب إلى إرث حضاري وتاريخي مشترك. لذلك ينبّه الكاتب إلى ضرورة أن نستفيد من الوضع الحالي، حتى نحقق أوسع وفاق ممكن على أهداف التعليم، يتجاوز الانقسامات السياسية والأيديولوجية؛ لأنه "إذا لم تكن أهداف التعليم مكتوبة واضحة، ومتفقًا عليها وطنيًا في إطار وفاق واسع، فإن أي إصلاح لن ينجح" (ص 31).

وفي هذا السياق، يقترح الكاتب ما يمكن أن نعدّه هدفًا إستراتيجيًا، وفي الوقت نفسه، مبدأً لتقييم المنظومة التعليمية، من حيث أداؤها وجودة مخرجاتها، وهو أن تهدف المنظومة التعليمية لدولة ديمقراطية إلى تكوين المواطن القادر على الاستقلال الذاتي، وعلى الاختيار الرشيد المنسجم مع مصالحه وتوجهاته الفكرية والقيميّة، وعلى التكيّف مع عالم متغيّر بفعل التطوّر المتسارع للعلم والتكنولوجيا، وعلى التفاعل مع غيره من أبناء مجتمعه ومع سلطات بلاده (ص 28). فالاستقلالية الذاتية والفردية تفترضان المواطنة والانخراط في الشأن العام، وتغليب المصلحة العامة. وينبغي للمدرسة أن تنزع عن التلاميذ عادات الخمول والتواكل؛ لتبعث فيهم روح المبادرة والريادة والاستنباط.



* نشرت هذه المراجعة في العدد 19 (شتاء 2017) من مجلة "تبين" (الصفحات 121-128) وهي مجلة فصلية محكّمة يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات وتُعنى بشؤون الفكر والفلسفة والنقد والدراسات الثقافية.

** تجدون في موقع دورية "تبيّن" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.