عنوان الكتاب: قرن من الشعبوية: التاريخ والنظرية والنقد.
المؤلف: بيير روزانفالون.
المترجم: محمد الرحموني.
الناشر: بيروت/ الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
سنة النشر: 2022.
عدد الصفحات: 295.
مقدمة
برز مصطلح الشعبوية في السنوات القليلة الماضية، وشاع تداوله في وسائل الإعلام وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لوصف تيارات أو شخصيات سياسية، سواء في مواقع السلطة أم المعارضة، في عدد من الدول. ودخل المصطلح دائرة الاهتمام الأكاديمي أيضًا، فصدرت دراسات ومؤلفات تتناوله بالشرح والتأريخ والتفسير، ومن هذه المؤلفات، كتاب قرن من الشعبوية: التاريخ والنظرية والنقد، للمؤرخ وعالم الاجتماع الفرنسي بيير روزانفالون، رئيس كرسي التاريخ الحديث والمعاصر في الكوليج دو فرانس، ومدير الدراسات بمدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية. يضمّ الكتاب مقدمةً وأربعة عشر فصلًا وخاتمة، موزّعة على ثلاثة أقسام، مع ملحق عن تاريخ عبارة "الشعبوية".
يقرّ روزانفالون، في مقدّمة كتابه، بالغموض الذي تنطوي عليه عبارة "الشعبوية"، ويرى أنها "مضلِّلة؛ إذ تسمّى جملة من التحوّلات السياسية المعاصرة بتسمية واحدة، في حين أن هذه التحوّلات تتطلب مقدرة كبيرة للوقوف على تعقيداتها ودوافعها العميقة" (ص 17)، فيدعو إلى الحذر والتحلّي بالوعي السياسي والدقة العلمية الضروريين للخوض في الموضوع والتعامل مع هذا المفهوم الملتبس، من دون أن يعني ذلك التخلّي عن استعمال العبارة، لسببين: "في المقام الأول بيّنت الوقائع أنّ لا غنى عن استعمالها رغم غموضها. ويعود الفضل في سريانها على الألسن والأقلام رغم كلّ التحفظات التي سقناها، إلى كونها تستجيب بطريقة ضبابية وملحّة في الآن نفسه إلى الحاجة الماسة لاستعمال لغة جديدة لوصف هذا البُعد غير المسبوق الذي طبع المرحلة السياسية الجديدة التي انطلقت في مطلع القرن الحادي والعشرين؛ وإلى عدم وجود عبارة أخرى تنافسها في النهوض بهذه الوظيفة إلى حدّ الآن" (ص 18). وهو يعتقد أنّ "الكتابات الأخرى" تناولت الظاهرة بالتوصيف، من دون بحث معمّق، ويفترض أنّ الشعبوية أيديولوجيا ذات مشروع وأساس نظري؛ لذا يهدف كتاب روزانفالون "إلى رسم تصوّر أوّلي لهذه النظرية الغائبة. ويطمح إلى أن يُنجزها بلغةٍ تسمح بمقاربة جذرية للفكرة الشعبوية. وهذا ما يفترض التعامل معها على أساس أنها تشكِّل الأيديولوجيا الصاعدة التي تسم القرن الحادي والعشرين" (ص 23)، داعيًا إلى التعاطي مع الشعبوية "باعتبارها حلًا مقترحًا لمشكلات العصر"، قبل التعامل معها باعتبارها مشكلة (ص 31). ويبيّن أنّ بعض الشعبويين ينتقدون الديمقراطية الليبرالية، ويعدّون أنفسهم من الـ "ديمقراطيَّين" غير الليبراليَّين.
* هذه المراجعة منشورة في العدد 48 من دورية "تبيّن" (ربيع 2024، الصفحات 157-166)، وهي دورية فصلية محكّمة يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا وتُعنى بالدراسات الفلسفية والنظريات النقدية.
** تجدون في موقع دورية "تبيّن" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.