العنوان هنا
مراجعات 07 أبريل ، 2022

علوم الشرع والعلوم الاجتماعية: نحو تجاوز القطيعة (أليس الصبح بقريب)

محمد توفيق

باحث مصري مختص بالعلوم السياسية والعلاقات الدولية.

عنوان الكتاب: علوم الشرع والعلوم الاجتماعية: نحو تجاوز القطيعة (أليس الصبح بقريب).

المؤلف: ساري حنفي.

الناشر: الكويت: مركز نهوض للدراسات والأبحاث.

سنة النشر: 2021.

عدد الصفحات: 800 صفحة.



مقدمة

مع مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، برزت مساعٍ عدة لإيجاد مساحة مشتركة بين العلوم الإسلامية والعلوم الاجتماعية، تنهي ما بينهما من قطيعة على المستوى الإبستيمولوجي. وكان أبرز هذه المساعي ما أسسه إسماعيل الفاروقي ومن عملوا معه من الباحثين في المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن، وهو التيار الذي عرف في حينه بـ "إسلامية المعرفة". بدا المعهد أقرب إلى نموذج أكاديمي غير مسبوق؛ إذ تخصص بكامله لإنجاز غايات أسلمة المعرفة، منطلقًا من لدن تصور عقيدي يرى أن الأمة الإسلامية قد تراجعت على المستوى الحضاري، وباتت تابعة، للنماذج المعرفية الغربية. وفي هذا الصدد، شدد الفاروقي مرارًا على ضرورة الانطلاق من البعد الإسلامي الرسالي لتأسيس تيار معرفي في العلوم الاجتماعية ينطلق من البعد العقائدي للإسلام وهمومه وقيمه. وكان يأمل من نموذج معرفي إسلامي كهذا أن يشكل بديلًا من النماذج الغربية، ودافعه "أن الأمة تعاني من انحراف خطير يَتَهدّدها، وتحاول – أي أسلمة المعرفة - أن تقدم للأمة علاجًا أكيدًا يعيد إليها عافيتها، ويحفز تقدمها نحو الدور المقدور لها في حمل مسؤولية قيادة العالم: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (البقرة: 143)".

ينطلق ساري حنفي من فرضيةٍ مفادها أنه ثمة قطيعة معرفية بين علوم الشرع والعلوم الاجتماعية، وأن هذه القطيعة تعود إلى عدة عوامل موردها بعض مؤسسات إنتاج المعرفة الدينية. وعبر تتبع تاريخ مشروع أسلمة المعرفة وغيره من المشروعات المشابهة، حاول الكتاب أولًا أن يبرهن على وجود هذه القطيعة في جل منصّات التعليم الديني الإسلامي، وثانيًا إثبات فرضيته القائلة بأنه "لا يمكن اختزال الدين في الفقه"، وأن "الفقه يلزمه فهم للأخلاق، وتنزيل الفقه على الواقع يحتاج إلى أدواتٍ علمية كانت تتطوَّر - وما تزال - في بوتقة العلوم الإنسانية عامَّة والعلوم الاجتماعية خاصَّة" (ص 28). ولأجل التحقق من هذه الفرضية والخروج بتشخيص وحلّ لهذه القطيعة، انطلق حنفي وفريق عمله منذ عام 2015 لرصد العديد من نماذج التعليم الديني التقليدي والجامعي، في عدد من الدول العربية والإسلامية، إضافة إلى فرنسا، وأجروا كمًا هائلًا من المقابلات الميدانية فضلًا عن مراجعة العديد من الدراسات التاريخية.


* هذه المراجعة منشورة في العدد 39 (شتاء 2022) من مجلة "عمران" وهي مجلة فصلية محكمة متخصّصة في العلوم الاجتماعيّة، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا.

** تجدون في موقع دورية "عمران"  جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.