العنوان هنا
تقدير موقف 13 نوفمبر ، 2013

مأزق المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية

الكلمات المفتاحية

وحدة الدراسات السياسية

هي الوحدة المكلفة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بدراسة القضايا الراهنة في المنطقة العربية وتحليلها. تقوم الوحدة بإصدار منشورات تلتزم معايير علميةً رصينةً ضمن ثلاث سلسلات هي؛ تقدير موقف، وتحليل سياسات، وتقييم حالة. تهدف الوحدة إلى إنجاز تحليلات تلبي حاجة القراء من أكاديميين، وصنّاع قرار، ومن الجمهور العامّ في البلاد العربية وغيرها. يساهم في رفد الإنتاج العلمي لهذه الوحدة باحثون متخصصون من داخل المركز العربي وخارجه، وفقًا للقضية المطروحة للنقاش..

وافقت القيادة الفلسطينية في أواسط آب / أغسطس الماضي، تحت ضغط أميركي شديد، على استئناف المفاوضات المباشرة الثنائيّة مع إسرائيل. وجاءت الموافقة على هذه المفاوضات التي من المقرّر أن تستمرّ فترةً زمنية أقصاها تسعة شهور، من دون أن يتحقّق مطلبان أساسيان من بين ثلاثة مطالب كانت القيادة الفلسطينية اشترطتها لذلك؛ وهما وقف الاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلّة سنة 1967، واعتبار حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 أساسًا للمفاوضات. فقد رفضت إسرائيل تنفيذ هذين المطلبين، لكنها استجابت للمطلب الثالث، وهو إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الذين سُجنوا قبل توقيع اتفاقية أوسلو في سنة 1993، والبالغ عددهم 104 أسرى. وجرى الاتّفاق على أن يُطلَق سراح الأسرى على أربع مراحل، يجري تنفيذ المرحلة الرابعة منها بعد ثمانية شهور من بدء المفاوضات؛ وذلك مقابل التزام القيادة الفلسطينية بعدم التوجّه إلى هيئات الأمم المتّحدة طوال هذه المفاوضات. في حين أكّد مسؤولون إسرائيليون أنّ حكومتهم تعتزم زيادة الاستيطان عند كلّ مرحلة من مراحل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين.

تعالج هذه الورقة المأزق الذي وصلت إليه المفاوضات بعد ستّ عشرة جولة، في ظلّ تعاظم النشاط الاستيطاني وازدياد العدوانية الإسرائيلية ضدّ الشعب الفلسطيني في مختلف المجالات من ناحية، وعدم إحراز أيّ تقدّم في المفاوضات من ناحيةٍ أخرى.


التصعيد الاستيطاني الإسرائيلي

منذ استئناف المفاوضات، صعّدت إسرائيل سياساتها العدوانية ضدّ الشعب الفلسطيني على مختلف الصعد. وفي هذا السياق، بالتزامن مع  بدء المفاوضات وإطلاق سراح الدفعة الأولى من الأسرى الفلسطينيين، أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن خطط واسعة لزيادة الاستيطان في القدس الشرقية المحتلّة وسائر أنحاء الضفّة الغربية[1]؛ فقد أعلنت في أواخر تشرين الأوّل / أكتوبر 2013، عشيّة إطلاق سراح الدفعة الثانية من الأسرى الفلسطينيين البالغ عددهم 26 أسيرًا، عن الشروع في موجة جديدة من الاستيطان في الضفّة الغربية والقدس الشرقية المحتلّة. وتشمل موجة الاستيطان الجديدة هذه إقامة نحو 5000 وحدة سكنيّة استيطانية في مختلف أنحاء الضفّة الغربية المحتلّة بما في ذلك القدس الشرقية المحتلّة[2]. ووفقًا لقرار الحكومة، سيجري الشروع فورًا في طرح مناقصات لبناء أكثر من 800 وحدة سكنيّة استيطانية جديدة في ما يطلق عليه مستوطنات "الكتل الاستيطانية"، وفي المستوطنات المنعزلة في أنحاء الضفّة المحتلّة. وسيجري أيضًا تنفيذ مخطّط بناء 1500 وحدة سكنية استيطانية جديدة في مستوطنة "رمات شلومو" في القدس الشرقية المحتلّة. وأعلنت الحكومة الإسرائيلية كذلك أنّ المخطّطات ستوضع لبناء ما يزيد عن 2500 وحدة سكنية استيطانية في مستوطنات "الكتل الاستيطانية"، وفي المستوطنات المنعزلة المنتشرة في أنحاء الضفّة الغربية المحتلّة، وفي المستوطنات المقامة في القدس الشرقية المحتلّة، وسيجري الإسراع في تمرير هذه المخطّطات في لجان التخطيط والبناء.

 وفي العاشر من تشرين الثاني / نوفمبر 2013 كشفت صحيفة هآرتس النقاب عن أنّ وزارة البناء والإسكان طرحت عطاءات لوضع مخطّطات لبناء 8700 وحدة سكنية استيطانية جديدة في الضفّة الغربية والقدس الشرقية المحتلّة[3]. وذكرت الصحيفة أنّ وزارة البناء والإسكان قرّرت دمج العطاءات التي تطرحها لوضع مخطّطات البناء في المستوطنات مع العطاءات التي تطرحها لوضع مخطّطات البناء في المدن والبلدات في داخل الخطّ الأخضر؛ وذلك من أجل تسريع عمل شركات التخطيط ومكاتبه في إنجاز مخطّطات البناء في المستوطنات. وتشمل العطاءات التي طرحتها وزارة البناء والإسكان ثلاثة عناقيد. ويضمّ كلّ عنقود منها مستوطنة واحدة أو أكثر، إلى جانب مدنٍ وبلدات في داخل الخطّ الأخضر. وينبغي لشركات التخطيط ومكاتبه أخذ كلّ عنقود بالكامل وليس جزءًا منه فقط. ويشمل العنقود الأوّل بناء 1000 وحدة سكنية استيطانية في مستوطنة "جفعوت" الواقعة بين بيت لحم والخليل في الضفّة الغربية المحتلّة. أمّا العنقود الثاني، فيشمل بناء 3700 وحدة سكنية استيطانية في مستوطنة "معاليه أدوميم" في الضفّة الغربية المحتلّة. ويشمل العنقود الثالث بناء 4000 وحدة سكنيّة استيطانية في منطقة مستوطنة "عطروت" (بالقرب من قلنديا) في شمال القدس الشرقية، وفي مستوطنة "تسور هداسا" في جنوبها[4].   

فضلًا عن ذلك، أعلن بنيامين نتنياهو عن عزم حكومته بناء جدار في منطقة الغور في الضفّة الغربية المحتلّة على طول الحدود الفلسطينية - الأردنية. وقد شرعت العديد من الوزارات في إجراء فحوصات أوّلية من أجل وضع المخطّطات لبناء هذا الجدار. وأكّد نتنياهو على أهمية هذه الخطوة؛ لأنّ ذلك يوضح للفلسطينيين إصرار إسرائيل على عدم الانسحاب من منطقة الغور في أيّ اتّفاق مستقبلي، وأنّها تعدّ نهر الأردن حدّها الشرقي[5]. أعلن هذا الجدار في إطار مخطّط قديم لمنع قيام حدود فلسطينية أردنية، ومنع حدوث أيّ تواصل عربي - عربي يشمل الضفّة الغربية مستقبلًا. وهو موقف إسرائيلي معلَن. ولكن يبدو أنّ الكثيرين لم يتعاملوا معه بالجدّية الكافية في الماضي. كما يشمل ذلك مصادرة شريط من الأراضي على طول نهر الأردن، وضمّه إلى إسرائيل.


تضاعف الممارسات العدوانية ضدّ الشعب الفلسطيني

إلى جانب تكثيف الاستيطان في مختلف المناطق الفلسطينية المحتلّة، صعّدت إسرائيل منذ استئناف المفاوضات سياساتها وممارساتِها العدوانية ضدّ الفلسطينيين في المناطق الفلسطينية المحتلّة في مختلف المجالات. وقد شمل ذلك الاستمرار في مصادرة الأراضي الفلسطينية في مناطقَ مختلفة من الضفّة الغربية المحتلّة لمصلحة المستوطنين والاستمرار في شقّ الطرق الاستيطانية، والتصعيد في اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وممتلكاتهم في مختلف نواحي الضفّة الغربية المحتلّة. وازداد عدد الفلسطينيين الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي في الضفّة الغربية المحتلّة بصورةٍ ملحوظة في الشهرين الماضيين، وترافق ذلك مع ازدياد عمليات المداهمة والاعتقال وهدم منازل الفلسطينيين. وهو ما لم يبرز كما في الماضي؛ لغزارة الدماء وأعداد القتلى في الدول العربية على خلفيّة قمع الثورات، والثورات المضادّة.

وضاعفت إسرائيل أيضًا إجراءات هدم المنازل الفلسطينية في الأيّام الأخيرة في القدس الشرقية المحتلّة بصورة غير مسبوقة؛ فبعد أن هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلية عددًا من المنازل في القدس الشرقية المحتلّة، سلّمت إخطارات هدم جديدة لمئات الشقق السكنيّة في حيَّي "راس خميس" و"راس شحادة"، في منطقة مخيّم شعفاط في القدس الشرقية المحتلّة[6].

موقف عاجز

على الرغم من أنّ إسرائيل لم تلتزم بتجميد الاستيطان، لم تتوقّع قيادة السلطة الفلسطينية حجم الموجة الاستيطانية الواسعة التي أُعلنت عند إطلاق سراح الدفعة الثانية من الأسرى الفلسطينيين. وهذا يعني عمليًّا مقايضة إطلاق سراح الأسرى بالقضية التي من أجلها سُجنوا. وقد أربكت هذه الموجة الاستيطانية قيادة السلطة الفلسطينية وأحرجتها، لا سيّما أنّ إسرائيل تبجّحت بهذه الموجة في وسائل إعلامها، وأكّدت إصرارها على الاستمرار في الاستيطان بصورة واسعة في الضفّة الغربية والقدس الشرقية المحتلّة، وأنّها ستعلن عن موجاتٍ جديدة من الاستيطان عند إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في المرحلتين المتبقّيتين. ووصل التبجّح حدّ تحذير رئيس الشاباك (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي) من احتمال انفجار انتفاضة ثالثة. في هذه الأجواء، قدّم الوفدُ الفلسطيني المفاوض المكوّن من صائب عريقات ومحمد اشتيه، استقالته للرئيس الفلسطيني محمود عباس احتجاجًا على استمرار الاستيطان وتهويد القدس و"تنصّل إسرائيل من عملية السلام"؛ وللدقّة، وضع الوفد استقالته تحت تصرّف الرئيس الفلسطيني.

 لم ترْقَ ردّة فعل قيادة السلطة الفلسطينية إلى مستوى الهجمة الاستيطانية الإسرائيلية والسياسة العدوانية التي اتّبعتها إسرائيل ضدّ الفلسطينيين منذ استئناف المفاوضات. فعلى الرغم من زخم الهجمة الاستيطانية الإسرائيلية التي تناقضت مع التفاهمات بين وزير الخارجية الأميركية وإسرائيل بشأن حجم الاستيطان في فترة المفاوضات[7]، فإنّ قيادة السلطة الفلسطينية أعلنت عن استمرارها في المفاوضات، وتصرّفت وكأنّها رهينة في محبسَي الإدارة الأميركية وإسرائيل، وليس بوصفها قيادة شعب يناضل من أجل تحرير وطنه من الاحتلال والاستيطان؛ فهي، وبسبب فقدانها إرادة المقاومة وقيم حركة التحرّر الوطني لمصلحة منطق السلطة الرهينة المقيّدة، وبسبب هشاشة تركيبتها، خضعت للضغط الأميركي المكثّف، وتخلّت عن مطلبيها الأساسيّين اللذيْن أكّدت طوال السنوات الماضية أنّهما يمثّلان خطًّا أحمرَ وشرطًا لاستئناف المفاوضات الثنائية مع إسرائيل؛ وهما وقف الاستيطان وعَدّ حدود الرابع من حزيران / يونيو أساسًا للمفاوضات. لقد وصفت قيادة السلطة المفاوضات مع إسرائيل مرارًا وتكرارًا بأنّها تمثّل غطاءً للاستيطان ودرعًا واقية لإسرائيل من العقوبات الدولية. وكان واضحًا لكلّ ذي بصيرة أنّ قيادة السلطة تدخل هذه المفاوضات وهي مكتوفة اليدين ومكسورة الإرادة، بعد أن تخلّت عمّا تبقّى لها من عوامل قوّتها عندما استأنفت المفاوضات وفقًا للشروط الإسرائيلية، وحين التزمت الاستمرار فيها لتسعة شهور وعدم التوجّه إلى مؤسّسات الأمم المتحدة والمؤسّسات الدولية الأخرى؛ إذ بخضوعها للضغط الأميركي واستئنافها المفاوضات بهذه الشروط، حشرت قيادة السلطة نفسها في زاويةٍ وفي نهجٍ وفي موقفٍ غير معقول. وكان ينبغي أن يكون واضحًا أنّ إسرائيل سوف تستغلّ التنازل عن هذه الشروط لزيادة وتيرة الاستيطان بنسبٍ أعلى من السابق، ولفرض أمر واقع استيطاني يرسم حدود إسرائيل المستقبلية. لقد ثبت مرّةً أخرى أنّ طرح شروطٍ والتنازل عنها لاحقًا يُنشئان وضعًا أسوأ ممّا كان قبل وضع الشروط.


الاستيطان هو مشروع الحكومة الإسرائيلية الوحيد

تنطلق إستراتيجية حكومة نتنياهو تجاه القضية الفلسطينية من منطلقات القوّة والصراع وموازين القوى، وفرض الأمر الواقع. وترى هذه الحكومة أنّ لبّ الصراع الإقليمي ضدّ الفلسطينيين يدور حول مصير أراضي الضفّة الغربية. وتتمحور إستراتيجيتها، كما الحكومات السابقة كلّها ولكن بوتيرةٍ أعلى وشهيّة أكبر، في السعي الدؤوب إلى تهويد أكبر مساحة ممكنة من الضفّة الغربية المحتلّة تمهيدًا لضمّها إلى إسرائيل. وما يميّز الحكومة الإسرائيلية الحاليّة عن الحكومات السابقة هو أنّ الاستيطان في الضفّة الغربية المحتلّة، بما في ذلك في القدس الشرقية المحتلّة، هو مشروعها الوحيد الذي تسعى من خلاله إلى خلق أمر واقع استيطاني جديد، وفرض حلّ على الفلسطينيين بعد عدّة عقود وفقًا للخريطة الديمغرافية التي يُنشئها الاستيطان. لذلك، ومن منطلقات أيديولوجية – سياسية مستندة إلى قاعدة داعمة في الكنيست وفي المجتمع الإسرائيلي وأحزاب الوسط واليمين واليمين المتطرّف في إسرائيل، وإلى موازين القوى المحلّية والإقليمية، لا تريد حكومة نتنياهو التوصّل إلى حلٍّ دائم مع الفلسطينيين في الزمن المنظور، وهي لا تطرح أيّ تصوّر لمثل هذا الحلّ حتّى ولو على شكل مناورة سياسية، خلافًا لما كانت  تفعله بعض الحكومات الإسرائيلية في السابق. وكما يتّضح من موجات الاستيطان التي بادرت إليها منذ استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، تعمل حكومة نتنياهو على زيادة الاستيطان في مختلف مناطق الضفّة الغربية المحتلّة: في غربيّ جدار الفصل، وفي شرقيّه، وفي القدس الشرقية المحتلّة، وفي مستوطنات ما يطلق عليه "الكتل الاستيطانية" المقامة في مناطقَ مختلفة في الضفّة المحتلّة، والتي تتّسم بالتوسع الإقليمي المستمرّ، وفي المستوطنات المنعزلة، وفي البؤر الاستيطانية المنتشرة في الضفّة الغربية التي قنَّنت الحكومة الكثير منها في العامين الأخيرين؛ وذلك بهدف ضمّ ما يربو على ستّين في المئة من أراضي الضفّة الغربية إلى إسرائيل بعد عقودٍ عديدة.

وتستخدم حكومة نتنياهو المفاوضات الثنائية المباشرة مع الفلسطينيين وسيلةً ناجحة للغاية، من المنظور الصهيوني، لإدارة الصراع ضدّ الفلسطينيين؛ من أجل تحقيق أهداف الصهيونية الأساسية وفي مقدّمتها استمرار الاستيطان وتعزيزه. وهذه ليست أيديولوجيات، بل هي "سياسات واقعية" Realpolitik في المرحلة الراهنة؛ فالمفاوضات الثنائية المباشرة تمثّل غطاء مثاليًّا لإسرائيل من أجل الاستمرار في الاستيطان، ودرعًا واقية وفعّالة لتجنّب العقوبات الدولية. والمفاوضات الثنائية تمكّنها من الاستفراد بالفلسطينيين، ومن الاستقواء عليهم، ومنعهم من تفعيل عوامل قوّتهم، ولا سيّما في ضوء العقلية المسيطرة على قيادة السلطة الفلسطينية، وخلق الوهم الكاذب أنّ الحلّ وشيك، في الوقت الذي يستمرّ فيه تعزيز الاستيطان على أرض الواقع. ونتيجة لذلك، لم تكن المفاوضات أداةً في يد إسرائيل لإدارة الصراع، وغطاءً للاستيطان، ودرعًا ضدّ العقوبات الدولية فقط، بل هي وسيلة أيضًا لعدم التوصّل إلى حلٍّ مع الفلسطينيين؛ لذلك من المؤكّد أن يسعى الكيان الصهيوني إلى تمديد هذه المفاوضات بعد انقضاء فترتها الزمنية المحدّدة.

على الدول العربية أن  تفحص من جديد ذلك الإجراء الروتيني الذي بموجبه يجتمع بها وزير الخارجية الأميركي في كلّ مرّة؛ ليضغط عليها ويعطي غطاءً عربيًّا لعودة المفاوضات من دون أيّ تأثير فيها أو في نتائجها. وهو الإجراء الذي أصبح يشبه "معروفًا" يسديه وزراء الخارجية العرب لوزير الخارجية الأميركي. وهو في الواقع فقدان الإرادة والسيادة في التعامل مع الولايات المتحدة.

كما نشأ وضعٌ في العقد الأخير (منذ مرحلة حكم شارون) جرى فيه نوعٌ من تقسيم العمل بين الإدارة الأميركية وإسرائيل، بحيث لا تزعج إسرائيل سياسات أميركا الإقليمية، حتّى لو لم تتّفق معها، في حين لا تتدخّل الولايات المتحدة في السياسات الإسرائيلية بشأن فلسطين والفلسطينيين، حتّى لو اختلفت معها في التكتيك والتفاصيل.

إنّ إزالة الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي من المناطق الفلسطينية المحتلّة عام 1967 تتطلّب من القيادة الفلسطينية والقوى الفلسطينية المختلفة، مراجعة تجربة المفاوضات في العقدين الماضيين وتلخيصها، والتوصّل إلى ضرورة وقف المفاوضات الثنائيّة المباشرة التي أثبتت التجربة أنّها لم تخدم إلّا الاستيطان والاحتلال، وأنّ إزالة الاحتلال والاستيطان تستدعي وضع إستراتيجية فلسطينية تقوم على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وحشد طاقات الشعب الفلسطيني والدول العربية والمنظّمات الدولية والإقليمية؛ لتدفع إسرائيل ثمن تمسّكها بالاستيطان والاحتلال، بفرض عقوباتٍ سياسية واقتصادية مؤلمة عليها.               


           

[1]  للمزيد عن موجة الاستيطان هذه، انظر إلى تقدير موقف: "مفاوضات في خدمة الاستيطان والتوسّع الإسرائيلي"، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 15/8/2013، على الرابط:

 http://www.dohainstitute.org/release/6a9e98a7-98fd-4dc1-9d15-45d012381d56

[2]  يهونتان ليس وآخرون، "موجة البناء في المناطق: نحو 5000 آلاف وحدة سكنية ستقام، وستشمل المستوطنات المعزولة"، هآرتس، 30/10/2013، على الرابط:

 http://www.haaretz.co.il/news/politics/1.2153540

[3]  تسفرير رينات، "الشرط للفوز بمناقصات الدولة: ينبغي التخطيط أيضا للمستوطنات"، هآرتس، 10/11/2013، على الرابط:

   http://www.haaretz.co.il/news/science/.premium-1.2161218

[4]  المرجع نفسه.

[5]  إيلي بردشتاين، "في ظلّ الأزمة في المفاوضات: نتنياهو يعجّل البدء في إقامة الجدار في الغور"، معاريف، 3/11/2013، على الرابط:

   http://www.nrg.co.il/online/1/ART2/518/833.html?hp=1&cat=404&loc=1

[6]  صحيفة القدس (المقدسية)، النسخة الورقية، 1/11/2013.

[7]  للمزيد انظر إلى تقدير موقف: "مفاوضات في خدمة الاستيطان"، المرجع نفسه.