Author Search
باحث في المركز العربي ورئيس تحرير دورية "سياسات عربية"، 
Author Search
أستاذ العلوم السياسية المشارك في برنامج العلوم السياسية والعلاقات الدولية بمعهد الدوحة للدراسات العليا. 

في إطار السيمنار الأسبوعي الذي ينظّمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، قدّم الدكتور حيدر سعيد، الباحث في المركز، يوم الأربعاء 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2016، محاضرةً بعنوان "البنية الخطابية لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)".

حيدر سعيد

وقد افتتح الباحث عرضه بالعودة إلى المصادر الأيديولوجية لداعش، ولا سيما كتاب إدارة التوحش الذي يُنسَب إلى "أبو بكر ناجي"، وتعدُّه أغلب مقاربات الظاهرة مصدرًا أساسيًا لأيديولوجيا التنظيم. وناقش الدكتور حيدر هذا الكتاب باستفاضة، مؤكدًا أنّ التنقيب وراءه يكشف أنْ لا صلةَ بينه وبين داعش، وأنّ الربط بين الاثنين هو نتاج تعميم تأريخي وسياقي. ويوضح أنّ الأدبيات الأميركية التي تعاملت مع الكتاب بوصفه أحد مصادر تنظيم القاعدة في ذروة نشاطها في العراق (وهو في الحقيقة أحد نتاجات القاعدة وسابق لظهور تنظيم الدولة)، انزلقت باستسهال إلى الحديث عنه بوصفه أحد مصادر داعش، من دون التوقف عند طبيعة التناقضات والتنافس بين القاعدة وداعش، أو حتى الوعي بها. وكان محفز هذا الانزلاق أنّ الكتاب يلبي حاجةً غربيةً إلى التعامل مع داعش بوصفه خطرًا كونيًا. ويشير هذا الأمر إلى أنّ المنزلة التي وُضع فيها كتاب إدارة التوحش، هي صناعة غربية. وقد أتى وضعُه في صدارة المصادر الأيديولوجية للفكر الجهادي من الخارج، ولم يكن ترتيبًا من داخل هذه التنظيمات، ولا يوجد أيّ دليل على أنّ داعش اهتم بهذا الكتاب أو استعان به لسد الفراغ الأيديولوجي الذي يعانيه.

ثم انتقل الباحث إلى تحليل خطاب داعش ما بعد سقوط الموصل وإعلان دولة الخلافة، وهو الخطاب الذي اتجه إلى التأسيس الأيديولوجي والفقهي لفكرة الدولة الإسلامية والخلافة، موضحًا أنّ الكتب والرسائل والنصوص والمنشورات التي صاغها تنظيم الدولة وضمّنها فكره الجهادي والأيديولوجي لا تدخل في تفاصيل شكل الدولة وبنيتها، بقدر ما تركز على إثبات إمكانية الدولة الإسلامية، وتحديد كيفية اختيار الخليفة، في حين تكاد تغيب الموضوعات الأخرى، ولا سيما السياسية والإستراتيجية، وكذلك موضوع المواجهة مع الغرب. وخلص الباحث إلى أنّ داعش انتقل من فكرة الجهادية العابرة للحدود والمواجهة مع الغرب (وتنظيم القاعدة هو مصدر هذه الفكرة) إلى التعبير عن أزمة محلية. وهذا هو جوهر القطيعة بين القاعدة وداعش، بحسب ما يرى الباحث، إذ يتمايز النموذجان، ولكل منهما منطق مختلف.

وفي النهاية، لخّص الباحث الدراسة بفرضيتين جوهريتين؛ إحداهما أنّ تنظيم داعش ليس استمرارًا للقاعدة، والأخرى أنّه ليس مرحلة تطورٍ أيديولوجي، بمعنى أنه ليس تطورًا ضمن سجال أيديولوجي مستمر منذ عقود حول فكرة الخلافة.

وقد عقّب الدكتور خليل العناني، الأستاذ ببرنامج العلوم السياسية والعلاقات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا، على هذه المحاضرة. ثم تلا ذلك نقاش عامّ شارك فيه الحاضرون.