Author Search

أستاذ علم الاجتماع في معهد الدوحة للدراسات العليا​.

السيمنار
السيمنار
نبيل خطاب
نبيل خطاب
شارلز حرب
شارلز حرب
ليلى عمر
ليلى عمر

استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، يوم الأربعاء 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، الدكتور نبيل خطاب، أستاذ علم الاجتماع في معهد الدوحة للدراسات العليا، الذي قدّم محاضرة بعنوان "البياض والإسلاموفوبيا وشروط الامتياز: نحو فهم جديد للعرق والدين والانتماء في المجتمعات الغربية المعاصرة". تناول السيمنار الطبيعة السائلة والمشروطة لمفهوم "البياض" Whiteness وعلاقته بالإسلاموفوبيا، مركِّزًا على تجربة النساء المسلمات البيض في أسواق العمل الغربية، وكيف أنّ اعتناق الإسلام وإظهار الرموز الدينية يؤديان إلى إلغاء الامتيازات العرقية المرتبطة بالبشرة البيضاء.

استهل الباحث محاضرته بالإشارة إلى الجذور البحثية لمشروعه، وهو مشروع يندرج في كتاب قيد النشر سيصدر عن جامعة برينستون في عام 2026، موضحًا الإطار المفاهيمي الذي ينظر إلى البياض بوصفه معيارًا بنيويًّا غير مرئي يمنح الذين يشملهم القوةَ والسلطة الرمزية، وليس بوصفه سمةً بيولوجية ثابتة. وجادل بأن البياض، تاريخيًّا، لم يكن فئةً مستقرة أو متجانسة؛ فقد كانت مجموعات، مثل الإيرلنديين والإيطاليين واليهود، تُستبعد من دائرة البياض، وتوضع في مراتب متدنية، ولم تُدمج في "التيار الأبيض المهيمن" إلا بعد توسيع حدود البياض لضمان التماسك السياسي والديموغرافي، وغالبًا ما جرى ذلك عبر انخراط هذه المجموعات في ممارسات عنصرية ضد مجموعات أخرى أكثر تهميشًا، لتعزيز موقعها الاجتماعي.

ركّز الباحث، في ورقته، على فئة محددة هي "النساء المسلمات البيض"، ولا سيما النساء اللاتي اعتنقن الإسلام، معتبرًا حالتهن "مثالًا حيًّا" ذا دلالة على "البياض المشروط". وأوضح أن هؤلاء النساء، في سياق تصاعد الإسلاموفوبيا، التي تتجلى في عرقنة المسلمين وعدائهم، يَجِدن أن "بياضهن" الذي يُفترَض أن يمنحهن رأس مال اجتماعي وامتيازات تلقائية، يجعلهنّ مهددات. فعندما تتبنى المرأة البيضاء رموزًا إسلامية مرئية، من قبيل الحجاب أو تغيير الاسم، فإنها تتجرد من الامتيازات التي تُمنح عادةً للجماعة البيضاء، وتُعامل بوصفها "خائنة" للمعيار الأبيض الذي تأسست عليه الهوية الغربية.

استعرض الباحث نتائج أولية لدراسة كمية شملت بيانات من المملكة المتحدة وكندا وأستراليا، وقد كشفت عن "هرمية عرقية دينية" واضحة في سوق العمل. وأظهرت النتائج أن النساء المسيحيات البيض يتصدّرن أعلى معدلات التوظيف والأجور والوصول إلى المناصب الإدارية، تليهن النساء المسيحيات السود. أمّا المفارقة التي أبرزتها الدراسة، فهي أن النساء المسلمات البيض لا يستفدن من "بياض بشرتهن"؛ إذ تتقارب نتائجهن في سوق العمل مع النساء المسلمات من أقليات إثنية أخرى، ويسجّلن معدلات بطالة مرتفعة وتهميشًا وظيفيًّا؛ ما يشير إلى أن "الإسلام" يعمل بوصفه محورَ حرمانٍ ثابت على نحو يُلغي الامتياز العرقي الشكلي.

ولمواجهة إشكالية "السببية" في الدراسات المعتمدة على البيانات الإحصائية المتمثّل في التساؤل عن سبب التمييز، أكان بسبب الدين أم بسبب العرق أو عوامل أخرى، عرض الباحث الجزء الثاني من مشروعه البحثي المستقبلي الذي يعتمد منهجيةً تجريبية حديثة عبر منصة "لينكد إن". ويهدف هذا المشروع إلى إنشاء ملفّات تعريفية وهمية باستخدام الذكاء الاصطناعي تمثّل تقاطعات مختلفة من الرجال والنساء، والبيض والسود، والعرب، بأسماء وخلفيات دينية متنوعة؛ من أجل قياس استجابات أصحاب العمل، وفحص إذا ما كان التمييز ناتجًا من الانتماء الديني في حد ذاته، أو من تقاطعه مع العرق والجندر.

عقّب على المحاضرة الدكتور شارلز حرب، أستاذ علم النفس الاجتماعي والسياسي في معهد الدوحة للدراسات العليا، وقد أشاد بتماسك الأطروحة وقوتها، لكنه طرح تساؤلات نقدية متعلقة بالإطار النظري المستخدم. واقترح توسيع العدسة التحليلية لتشمل مفاهيم من علم النفس الاجتماعي مثل "نظرية الهوية الاجتماعية"، و"نظرية الهيمنة الاجتماعية"، مشيرًا إلى أن مصطلحَي "المجموعات المهيمنة"، و"الطبقات الحاكمة"، قد يكونان أحيانًا أكثر دقة من حصر التحليل في الأبعاد الدينية والعرقية المحضة، خاصة أن آليات التمييز والهيمنة موجودة في سياقات ليست غربية، ولا يطغى عليها العرق الأبيض بالضرورة. ولَفت الانتباه إلى التحديات المنهجية في استخدام الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي، مثل تأثير السمات الجمالية التي قد تتداخل مع متغيرات العرق والدين. وختم تعقيبه بدعوة ملحّة إلى نقل هذا النوع من الأبحاث إلى السياق العربي، مشيرًا إلى وفرة الدراسات المتعلقة بالتمييز في الغرب، في مقابل شُحّها في المنطقة العربية. وتساءل عن طبيعة التحيزات داخل المجتمعات العربية؛ سواء كانت مبنية على الجنسية، أو الطائفة، أو المذهب، أو اللون، مؤكدًا حاجة المكتبة العربية إلى فهم أعمق لديناميات التمييز المحلية، بعيدًا عن الاكتفاء باستيراد النماذج الغربية.

شهد السيمنار نقاشًا ثريًّا شارك فيه باحثون من المركز العربي وأساتذة وطلبة معهد الدوحة، تطرقوا خلاله إلى قضايا التقاطعية Intersectionality، ودور السياقات السياسية في تشكيل الهوية، وإمكانية تعميم نتائج دراسات التمييز العرقي والديني على بيئات ثقافية مختلفة.