Author Search
خبير سابق لدى البنك الدولي في سياسات المياه

د. سلمان محمد سلمان أثناء إلقائه المحاضرة

ضمن سمناره الأسبوعي، استضاف المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في 27 نيسان/ أبريل 2014 الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان الخبير السابق لدى البنك الدولي في سياسات المياه؛ لإلقاء محاضرة تحت عنوان: "سد النهض الإثيوبي: التحديات والفرص".

بدأ الدكتور سلمان حديثه بالتعريف بنهر النيل قائلًا إنه نهر تتشاركه إحدى عشرة دولةً؛ هي بوروندي، ورواندا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وكينيا، وتنزانيا، وأوغندا، وجنوب السودان، وإثيوبيا، وإريتريا، والسودان، ومصر. وإذا كانت اهتمامات مصر، والسودان، وجنوب السودان، وإثيوبيا، بحوض النيل عاليةً جدًّا، فإنّ اهتمامات أوغندا به تأتي في المرتبة العالية. أمّا اهتمامات كينيا، وأوغندا، وتنزانيا، وبوروندي، ورواندا، فهي تُصنّف على أنها متوسطة. وأمّا اهتمامات كلّ من إريتريا والكونغو، فهي تُوصف بأنها ضعيفة.

وعرج الدكتور سلمان على اتفاقيات مياه النيل فقال إنّ هناك مجموعةً من الاتفاقيات التي جرى عقْدها خلال القرن الماضي، وهي مثار جدل، ومصدر نزاع راهن بين دول حوض النيل.

وبشأن تاريخ بناء إثيوبيا للسدود، قال الدكتور سلمان إنّ إثيوبيا بدأت برنامج بناء السدود على النيل بسدّ فينشا في سبعينيات القرن الماضي، وأتبعته بسدّ تِس أباي، وسدّ تانا بيليس، ثمّ سدّ تكزي الضخم الذي اكتمل عام 2010 على نهر عطبرة. وقد بدأ العمل في سد النهضة العظيم في شهر نيسان/ أبريل عام 2011، وقامت إثيوبيا في شهر أيار/ مايو عام 2013 بتحويل مجرى النيل الأزرق؛ لبناء السد على مجرى النهر الطبيعي.

ويقع سدّ النهضة على بعد نحو عشرين كيلومترًا من الحدود السودانية، ويبلغ ارتفاعه نحو 170 مترًا، أمّا بحيرة السد فستحجز نحو 74 مليار متر مكعب من المياه، ويُتوقّع أن يولِّد السدُّ 5,000 ميغاواط من الكهرباء عند اكتماله عام 2017. وأمّا تكاليفه فتبلغ نحو خمسة مليارات دولار، وهي ستأتي، بحسب إثيوبيا، من مصادر محلية.

الحضور أثناء المناقشة

وبالنسبة إلى موقف كلّ من مصر والسودان بشأن السد، فقد قال الدكتور سلمان إنّ دولتي مصر والسودان اعترضتا على قيامه بحجة أنه سيحرمهما من قدرٍ كبير من المياه، وأنه سيجعل أراضيَ زراعيةً صحراويةً، وأنه سيقلّل توليد الكهرباء من السد العالي وسدود السودان. غير أنّ السودان، بعد ذلك، أيّد السد في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، موضحًا أنه سوف يساعد على حجز الطمي الذي أنهك السدود السودانية، وأفقدها أكثر من نصف طاقة تخزين المياه وتوليد الكهرباء، وأنه سيوقف الفيضانات، وينظّم توليد الكهرباء، ويساعد على تعدّد الدورات الزراعية وتغذية المياه الجوفية على مدى العام، بدلًا من موسميتها الحالية. ويبدو أنّ وعود إثيوبيا ببيع جزءٍ من كهرباء السد للسودان ومصر بسعر التكلفة، وعرضها على السودان شقّ قناة من بحيرة السد لريّ أراضيه كانت أسبابًا أخرى لتأييد السودان لسد النهضة.

اقترحت إثيوبيا، إثر خلافها مع مصر والسودان على سدّ النهضة، تكوين لجنة دولية من عشرة أعضاء، يشارك فيها عضوان اثنان من مصر والسودان، وإثيوبيا، وأربعة أعضاء من خارج حوض النيل لإعداد تقرير بشأن السد. وتكونت اللجنة عام 2011. وأكملت تقريرها، وقدّمته في شهر أيار/ مايو عام 2013. وقد أوصى التقرير بالقيام بدراسات إضافية لتأثيرات السد. وطالبت مصر إثيوبيا بوقف العمل في بناء السد حتى اكتمال هذه الدراسات، وبإشراك جهات دولية في هذه الدراسات. لكنّ إثيوبيا رفضت وقْف العمل في السد، وأبدت استعدادها لإنجازه، من دون مشاركة أيّ جهاتٍ دولية. وقد توقّف التفاوض بين الدول الثلاث بشأن السد في شهر شباط/ فبراير الماضي؛ بسبب الفشل في حلّ هذه الخلافات.

وفي الختام لخَّص الدكتور سلمان وجهة نظره بالقول إنّ التعاون التامّ - بحسن نية كاملة - هو الوسيلة الوحيدة للاستفادة من مياه النيل المحدودة. ومن هذا المنطلق يرى الدكتور سلمان أنه من الضروري أن تركّز مصر والسودان جهدهما التفاوضي على الملكية، والإدارة، والتمويل المشترك لسد النهضة؛ حتى تتسنى الاستفادة من منافعه المتمثّلة بالكهرباء، ومياه الري في الدول الثلاث.

على إثر التقديم جرت مناقشة حية شارك فيها عدد كبير من باحثي المركز وضيوفهم.