أستاذ علم الاجتماع ورئيس برنامج علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في معهد الدوحة للدراسات العليا. عمل محاضرًا وباحثًا في علم الاجتماع في عدة جامعات، منها جامعة بريستول في المملكة المتحدة (2003-2009)، والجامعة العبرية في القدس (2009-2015). تتركز اهتماماته البحثية في موضوعات اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية، وإشكالات سوق العمل، والهجرة، والمدرسة والتحصيل الدراسي، والعنصرية، والجندر، والدين والعلاقة بين الهويات الإثنودينية والفرص الحياتية.
استضاف المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في السيمنار الأسبوعي يوم الأربعاء 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، نبيل خطاب، أستاذ علم الاجتماع ورئيس برنامج علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في معهد الدوحة للدراسات العليا، الذي عرض لمشروعه البحثي عن "دور الهوية الدينية في تهميش النساء المسلمات في أسواق العمل الغربية: مقارنة بين كندا وأستراليا وبريطانيا".
استهلّ الباحث عرضه بموضعة هذا المشروع البحثي في سياق اهتمامات أوسع تتناول إشكالات سوق العمل وتقاطعات الجندر والإثنية، وتنطلق من أسئلة بحثية من قبيل: ما مستويات الحرمان والغبن والجزاءات التي تعانيها الأقليات الدينية والإثنية في السياق الغربي؟ وكيف تتغير مستويات الحرمان/ الجزاءات وفق محور الزمن؟ وكيف تتغير هذه المستويات عبر أجيال المهاجرين؟ وهل جميع الجماعات الإثنية تواجه المستوى نفسه من الحرمان/ الجزاءات؟ وإلى أي مدى ينتج هذا الحرمان من نشاطات وممارسات منهجية من قبل الأكثرية المهيمنة ضد الأقليات؟
أوضح الباحث أنه يشيع بين الباحثين في علم الاجتماع والاقتصاد دراسة مجموعة من مخرجات سوق العمل بوصفها تشكّل مستويات مختلفة من الجزاءات، مثل دراسة البطالة أو فائض الشهادات over-qualification، أو مسألة الأجور، إلّا أنّ الباحث يركز في دراسته على واحدٍ من مخرجات سوق العمل، ألا وهو الحصول على الوظائف المعتبرة Salariat، التي يشترط في من يريد الوصول إليها مستوى عالٍ من التعليم، ويترتب عليها مكانة وأجرة عاليين.
وأشار الباحث في بداية المحاضرة إلى أن الهامشية في سوق العمل هي المسافة بين ما حصّله فرد أو جماعة ما، وما يمكن تحصيله نظريًا تحت ظروف المساواة الكاملة. وفي بعض البلدان الغربية، تميل الجماعات السكانية المهيمنة من الناحية الثقافية إلى إقصاء المهاجرين والأقليات والتمييز ضدهم لأسباب مختلفة، منها التنافس على الموارد المهمة داخل المجتمع، والشعور بالتهديد والخطر المنسوب إلى المهاجرين. ولا يتأتى تهميش المهاجرين والأقليات الأخرى بسبب انتماء هؤلاء إلى خلفيات إثنية ودينية مختلفة، بل القيمة أو الشحنة النمطية التي تنسبها الجماعة المهيمنة إلى جماعات المهاجرين بناءً على انتماءاتهم الإثنية والدينية الحقيقية والمتخيلة معًا.
ثم انتقل الباحث إلى تقديم عناصر الإجابة عن الأسئلة المركزية لمشروعه البحثي، ومنها: إلى أي مدى يساعد منطق الجدارة وسياسة التعددية الثقافية في ضمان تكافؤ الفرص في دول مثل كندا وأستراليا والمملكة المتحدة؟ وما مدى تعرض النساء المسلمات لإقصاء اقتصادي (تهميش) بسبب انتسابهن إلى الإسلام؟ وإلى أي مدى تتعرض هذه النساء لمستوى الإقصاء نفسه في الدول الثلاث؟ والتي يجيب عنه من خلال الاعتماد على مقاربة التقاطعية الهوياتية (Intersectionality) والعنصرية الثقافية، إضافةً إلى استخدام المنهج الكمي؛ إذ يقيس في مشروعه البحثي احتمال حصول النساء المسلمات على وظائف إدارية واحترافية/ تخصصية (الوظائف المعتبرة Salariat) مقارنةً بالمسيحيات من السكان البيض.
وتوصّل الباحث بعد تحليل النتائج، إلى أن النساء المسلمات يتعرضن لإقصاء ناتج من انتمائهن الديني (الإسلامي)؛ فهن أقل حظًا في الحصول على وظائف إدارية أو احترافية مقارنةً بالأكثرية من النساء في الدول الثلاث. وتبين هذه النتائج عجز سياسة التعددية الثقافية Multiculturalism من جهة، ومنطق الجدارة والاستحقاق Meritocracy الذي اعتمدته غالبية الدول الليبرالية في سياق ما بعد الحداثة، من جهة أخرى، معيارًا للمكافأة وتحديد الفرص الحياتية.
وقد أعقب المحاضرة نقاش واسع، شارك فيه باحثات وباحثون من المركز العربي ومعهد الدوحة للدراسات العليا، ومن طلبة المعهد، من تخصصات مختلفة.