Author Search
الخبير اللُغوي الحاسوبي بمعجم الدوحة التاريخي للّغة العربية.​
المعتز بالله السعيد
المعتز بالله السعيد
هاني عواد مترئسا جلسة السيمنار
هاني عواد مترئسا جلسة السيمنار
إلياس عطا الله معقبا على ورقة السيمنار
إلياس عطا الله معقبا على ورقة السيمنار
من قاعة السيمنار
من قاعة السيمنار

استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، يوم الأربعاء 14 أيلول/ سبتمبر 2022، الدكتور المعتز بالله السعيد، الخبير اللغوي الحاسوبي في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، الذي قدّم محاضرةً بعنوان "عربية التراث الكنسي: ثنائية اللغة والهوية". وسعى الباحث، من خلال تناوله هذا الموضوع، إلى الوُقُوف على البنية اللُّغويَّة لعربيَّة التُّراث الكَنَسيّ لدى عموم الطَّوائف المسيحيَّة، والكشف عن بعض خبايا هذه اللُّغة الخاصَّة عبرَ تاريخ العربيَّة المديد، مؤكدًا أهمية إيلاء مُدوَّنة التُّراث العربيّ الكنَسيّ أهميةً، باعتبارها موردًا لُغويًّا يُساعدُ الباحثين على تتبُّع سمات هذه اللُّغة وما أصابَها من تطوُّرات؛ ليسَ على مُستوى المُصطلحات الكَنَسيَّة فحسب، بل على مُستويات التَّحليل اللُّغويّ المُتعدِّدة أيضًا.

وقد قال الباحث إنّ الإشكال الرَّئيس في دراسة عربيَّة التُّراث الكنسيّ أنَّ القدرَ الأكبرَ من هذا التُّراث لا يزالُ مخطوطًا، فضلًا عن أنَّ مخطوطاته تتناثرُ – بينَ المشرق والمغرب – في الكنائس والأديرة والمكتبات الكُبرى. ومن ناحيةٍ أخرى، فإنَّ المعنيِّينَ بنشر التُّراث العربيّ الكنسيّ قليلون؛ إذ يُمكن حصرُهُم في عددٍ محدودٍ من المستشرقين والآباء والباحثين في تُراث الكنيسة. لم تأخُذ هذه اللُّغة العناية الكافية في دراستها؛ سواء على مُستوى الألفاظ والأبنية أو على مُستوى المعاني والدّلالات.

وميّز الباحث بينَ ما أسماه "عربيَّة التُّراث الكنسيّ"، و"عربيَّة النَّصارى العلميَّة". فالأولى، بحسب الباحث، لُغةٌ خاصَّة، يقتصرُ استخدامُها – غالبًا – على مُحيط الكنيسة، وتستهدفُ فئةً مُعَيَّنة، هي فئة أتباع الدِّيانة. أمَّا الأخرى، فهي أقربُ إلى العربيَّة المُتخصّصة؛ إذ تشملُ ما أنتَجَهُ علماء النَّصرانيَّة – بالعربيَّة – في ميادين العلوم، لا سيَّما تلكَ التي برزَ فيها نشاطُهم، كالطِّبّ والصَّيدلة والمنطق والفلسفة والرِّياضيَّات.

وقد بيّن الباحث أنّ للمسيحيين العرب أثرًا بالغًا في تدوين التُّراث العلميّ العربيّ في مراحله الأولى، وأنه برزَ منهم عُلماء ومُؤلِّفونَ أثرَوا الحياةَ العلميَّة بمُصنَّفاتهم، مشيرًا إلى تنوّع مادَّةُ هذا التُّراث لتشملَ ترجماتٍ لأجزاء الكتاب المُقدَّس، ومُؤلَّفات في شُرُوح الإنجيل، ومقالات في العقيدة واللَّاهوت، ومُؤلَّفاتٍ في الشَّرائع والقوانين الكنسيَّة، وكُتُبًا أخرى في التَّاريخ الكَنَسِيّ. وأوضح أنّ تنوُّع مذاهب المُؤلِّفينَ من ناحية، واختلاف بيئاتهم الثقافيَّة والحضاريَّة من ناحيةٍ أخرى، قاد إلى تبايُن مُخرجات التُّراث الكنسيّ إلى حدٍّ بعيد، وعزا التنوع إلى اختلاف المُعتَقَد باختلاف المذهب الدِّينيّ الذي ينتمي إليه المُؤلِّف، واختلاف اللُّغات التي اكتسَبَ المُؤلِّفونَ علومَهم عن طريقها، واختلاف الأجناس التي اختلَطَ بها المُؤلِّفون. ومن هذا المُنطلَق، صنّف الباحث مؤلفي التراث الكنسي إلى مدرسَتَين رئيسَتَين: المدرسة المشرقيَّة؛ وهي تضمُّ المُؤلِّفينَ الذين يغلبُ أن ينتموا إلى إحدى الطَّوائف الأربع (الملكانيَّة، والمارونيَّة، والنّسطوريَّة، واليعقوبيَّة)، والمدرسة القبطيَّة؛ وهي تضمُّ المُؤلِّفينَ الأقباط (وهم اليعاقبة الذين احتفظوا بالعادات والمُمارسات الدينيَّة التي تتبعُ الطَّقس السَّكندري).

وقد قدّم الباحث في علوم اللغة العربية وأستاذ اللسانيات والمعجمية العربية، الدكتور إلياس عطا الله، مداخلة تعقيبية أشار فيها إلى أهمية دراسة التراث اللغوي الكنسيّ العربي، وضرورة أن يجريَ إدراج كلماته ومفرداته في المعجم. وقد أعقب السيمنار نقاشٌ ثريٌّ شارك فيه باحثون وأساتذة في المركز العربي ومعهد الدوحة للدراسات العليا وطلبته، إضافةً إلى معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، وشارك فيه أيضًا جمهور المتابعين عبر وسائط التواصل الاجتماعي.