Author Search
أستاذ مساعد في مركز التشريع الإسلامي والأخلاق بجامعة حمد بن خليفة بالدوحة. حاصل على الدكتوراه في السنّة وعلوم الحديث، عمل مُعدًّا لبرنامج "الشريعة والحياة" في قناة "الجزيرة".
معتز الخطيب
معتز الخطيب
من السيمنار
من السيمنار
عائشة البصري مترأسةً الجلسة
عائشة البصري مترأسةً الجلسة
رشيد بوطيب معقبًا على ورقة السيمنار
رشيد بوطيب معقبًا على ورقة السيمنار
خلال السيمنار
خلال السيمنار

استضاف المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور معتز الخطيب، أستاذ المنهجية والأخلاق المشارك في مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق في كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة. وقد استعرض الباحث مشروعًا بحثيًا حول "الضمير في التراث الإسلامي ودوره في التقويم الأخلاقي"، يجادل على نحوٍ أساس بأن "الضمير الأخلاقي" - بتجلياته المختلفة كالإلهام، واستفتاء القلب، وترجيح القلب المعمور بالتقوى وغيرها - كان حاضرًا بقوة في التراث الإسلامي، على عكس ما يروج في الأطروحات الغربية وبعض الأدبيات العربية.

وأشار الباحث إلى أنه على الرغم من كثافة النقاشات حول الضمير الفردي في المصادر الإسلامية، وأن مرجعيته كانت محل جدلٍ، فلقد جرى إهمال دوره في الأخلاق الإسلامية. ومن ثم، فإن مشروعه البحثي يقدم أساسًا نقديًّا لفكرتين جرى تداولهما في بعض الدراسات الحديثة. مفاد الفكرة الأولى، التي يُرجح الباحث أنها قد تعود إلى مطلع القرن العشرين، أن التراث الإسلامي لم يعرف مفهوم الضمير وأن الأخير يقترن بالمسيحية خاصة، أو بالغرب عمومًا، وأوضح أن هذه الفكرة تزعم أن "الضمير الإسلامي خارجي يتقيد بفتوى المفتي، وأن الفرد ليس له أيّ دور في التقويم الأخلاقي".

وأما الفكرة الثانية، فيرى أنها تكمن في حَصْر "الأخلاق الإسلامية" في إحدى النظريتين: "العقلانية الأخلاقية" التي نُسبت إلى المعتزلة من جهة، و"الإرادوية الأخلاقية" التي نُسبت إلى الأشاعرة، أو ثنائية "العقل والنقل" في النقاشات الكلامية من جهة أخرى. ويضيف الباحث أن الفكرة الثانية "قد سادت في عدد من الدراسات الإنكليزية المتعلقة بالأخلاق الإسلامية، وطال النقاش حول هاتين النظريتين منذ سبعينيات القرن العشرين".

وناقش الباحث العديد من التساؤلات التي يطرحها موضوع الضمير الأخلاقي، من خلال دراسة حديثين مركزيين: الأول، "استفت قلبك واستفت نفسك"؛ والثاني، "البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهتَ أن يطَّلع عليه الناس". وأوضح أن اختياره لهذين الحديثين يعود بالأساس إلى خصوصيتهما ومضمونهما. وأضاف أن خصوصيتهما تعود إلى كونهما من الأحاديث المفتاحية، وقد جعلهما الإمام النووي ضمن الأربعين حديثًا التي جمعها، ووصف كل حديث منها بأنه "قاعدةٌ عظيمة من قواعد الدين". وأما عن مضمونهما، فإنه يُحيل إلى الأبعاد الباطنية في الإنسان، ويتعدى ثنائية "النص والعقل"، إلى معنى ثالث، وهو "الوجدان".

وخلص الباحث في معرض دراسته إلى أن الضمير، على الرغم من أنه شغل حيزًا مهمًّا في المعرفة الأخلاقية الاسلامية، فقد غاب عن النقاشات التي انشغلت بالخلاف بين المعتزلة والأشاعرة حول مصادر هذه المعرفة. وفي هذا السياق، يرى أن استعادة النقاش حول الضمير من شأنها أن "تكشف عن حجم الاختزال الذي لحق منهجية التقويم الأخلاقي في التراث الإسلامي في الدراسات المعاصرة من ناحية، ومن شأنها أن تستعيد مساحة الجهد المبدع، أو اجتهاد المكلف الذي ضمر بسبب كثافة اعتماد الناس على فتوى المفتي في كل صغيرة وكبيرة من ناحية أخرى.

وفي تعقيبه على هذا المشروع البحثي، أشار الدكتور رشيد بوطيب، أستاذ مساعد في الفلسفة العملية بمعهد الدوحة للدراسات العليا، إلى أن مقاربة الخطيب شجاعة وحداثية بامتياز، تنطلق من أحاديث نبوية وتراث إسلامي لتتجاوز ثنائية "العقل والنص" ولتفتح لنا أفقًا جديدًا اسمه "الضمير". وأضاف أن أهمية الدراسة تكمن في محاولتها ترجمة التراث الإسلامي إلى الإتيقا المعاصرة.

شارك في نقاش السيمنار باحثون في المركز العربي، وأساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وطلبته، وأساتذة باحثون من مؤسسات بحثية في العاصمة القطرية، الدوحة.