Author Search

أستاذ مشارك في برنامج اللسانيّات والمعجميّة العربيّة بمعهد الدوحة للدراسات العليا، وخبير لغوي سابق بمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، عمل سابقًا أستاذًا في جامعات الفاتح (طرابلس) وزايد والشارقة (الإمارات العربية المتحدة). كما عمل مديرًا لإدارة البحوث والدراسات بالمنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية.

جدلية النص والخطاب موضوعًا لسيمنار المركز العربي
الدكتور محمد يونس علي
الدكتور هاني عواد مترأسًا جلسة السيمنار
الحضور المشارك في السيمنار

استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، يوم الأربعاء 6 آذار/ مارس 2024، الدكتور محمد يونس علي، أستاذ مشارك في برنامج اللسانيّات والمعجميّة العربيّة بمعهد الدوحة للدراسات العليا، الذي قدّم محاضرة عنوانها "من النصّ إلى الخطاب: كيف نقول ما لا نقول"، تناولت موضوع آليات التخاطب البشري وكيفية نقل المعنى من المتكلّم إلى المخاطب.

رأى الباحث أنّ القول اللغوي ليس سوى أداة واحدة من مجموعة أدوات يستعين بها المخاطَب لفهم قصد المتكلّم، وأنّ المقامات التخاطبية وأذهان المتخاطبين تُخفي قضايا صامتة تُستَنطق من خلال الكلمات. وأوضح أنّ العلامات اللغوية لا تبقى ثابتة عند الاستعمال، بل تتحول إلى أدلّة قابلة للتشكّل بحسب السياق. وأكَّد أنّ القول اللغوي ليس الدليل الوحيد لفهم قصد المتكلّم، بل هو أحد الأدلة التي تتضافر جميعًا للكشف عن ذلك القصد. ومن هنا، فإن ثمة علاقة بين دلالة القول اللغوي ومبدأ المناسبة؛ فكلّما زادت التأثيرات الإدراكيّة للمثير زادت صلته بقصد المتكلّم.

وذهب الباحث إلى أنّ المقامات التخاطبية وأذهان المتخاطبين تتضمن قضايا صامتة لا يجري التعبير عنها صراحةً، مبيِّنًا أنّ النصّ يثير تلك القضايا الصامتة ويخرجها من حيّز الوجود بالقوّة إلى حيّز الوجود الفعلي. وعدّد بعض العوامل التي تؤثّر في تفعيل القضايا الصامتة، مثل المعرفة المشتركة بين المتخاطبين وخبرتهم السابقة.

ثمّ بيَّن أنّ النصّ لا يقتصر على ما هو مصرّح به، بل يشمل أيضًا الاستلزامات، وهي المعاني التي تُستَنتج من النصّ من دون أن تُذكَر صراحةً. وأحصى أنواعًا مختلفة من الاستلزامات، مثل: الافتراض، والإيحاء، والتأليف، والاستبدال، والتلويح، والقياس، والاستدلال، شارحًا كل نوع منها، مقدِّمًا مجموعة من الأمثلة التوضيحية.

وناقش الباحث الفرق بين النصّية والمقاصديّة في قراءة النصّ؛ إذ إنّ النصيّة تركّز على المعنى الحَرفي للنصّ، أما المقاصديّة فتركّز على قصد المتكلّم من ورائه. وبناءً عليه، فإنّ فهم الخطاب لا يقتصر على فكّ رموز النصّ، بل يتطلب أيضًا فهم القرائن الحاليّة والعقلية ومبادئ التخاطب، وإنّ الاستلزامات تؤدّي دورًا مهمًّا في نقل المعنى من المتكلّم إلى المخاطب.

وفي التعقيب، أشاد الدكتور محمد الغامدي، أستاذ العلوم اللغوية في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، بالسيمنار لما اشتمل عليه من أبعاد متعددة. وركّز على الإضافات المعرفية للمحاضرة في مجال النص والخطاب، بدءًا من توظيفها الرابطة المخصوصة بينهما، ومرورًا بالتمييز بين القضايا الصامتة والقرائن، وتحليل أنواع الاستلزامات بدقة لفهم المعنى الحرفي والقصد والغاية والغرض من النص، ووصولًا إلى اقتراح تعريف جديد للبلاغة يعتمد على مفهوم الخطاب. وختم الدكتور الغامدي تعقيبه بالإشارة إلى أهمية تجاوز الالتباس غير المدرك الناتج من الاشتراك اللغوي لفهم الخطاب على نحوٍ أفضل، ودعا إلى مزيد من البحث في مفهوم الخطاب والنص، مستشهدًا بإنجاز إدوارد سعيد في تحليل الخطاب الاستشراقي.

وشارك في النقاش نخبة من أساتذة معهد الدوحة وباحثي المركز العربي، من خلال تناول تحليل الخطاب، والممايزة بين القصد والغرض، والعلاقة بين القرائن والسياق.