Author Search

​باحث وناشط فلسطيني حاصل على الدكتوراه في الدراسات الفلسطينية من معهد الدراسات العربية والإسلامية في جامعة إكستر

استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، يوم الأربعاء 3 كانون الثاني/ يناير 2024، الدكتور طارق حمود، باحث وناشط فلسطيني حاصل على الدكتوراه في الدراسات الفلسطينية من معهد الدراسات العربية والإسلامية في جامعة إكستر، وقد قدم الباحث محاضرة بعنوان: "ديناميات الحكم والمقاومة: في التفاعلات السياسية بين سلطة حماس وبنية النظام السائد". وتناول التحولات التي خاضتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في إطار تفاعلها مع بنية النظام الإقليمي والدولي بصفتها سلطة حكم في قطاع غزة، وذلك من خلال التركيز على تحولات فاعلية حركة حماس بصفتها حركة مقاومة مسلحة قبل الحكم، وفاعليتها بعد انتخابات 2006 وتجربة الحكم. وتطرق حمود في هذا السياق إلى قضايا آليات صناعة القرار داخل حماس، واستراتيجيات التفاعلات الإقليمية والدولية مع الوضع القائم في غزة، إضافة إلى أنماط تفاعل الحركة بصفتها سلطة حكم مع هذه الاستراتيجيات.

استهلّ الباحث محاضرته بتقديم الإطار النظري الذي يستند إليه في فهم موضوع تحولات حركة المقاومة المسلحة عند دخولها إلى منظومة الحكم واللعب وفق شروط البنية السياسية، وذلك في إطار التحول الذي خاضته عند مشاركتها في انتخابات 2006، وما أفضى عنه هذا التحول من نقاشات واسعة داخل الحركة حول ضرورة تغيير آليات صناعة القرار داخلها. وفي سياق ذلك رصد الباحث تطور آليات صناعة القرار عبر سرد وتحليل للظروف السياسية المختلفة من تشكيل "القيادة في الخارج"، والتي أدت دورًا كبيرًا في الظروف الأمنية المعقدة التي ظلت هي الصيغة المستمرة حتى عام 2009. غير أن مركز الثقل في صناعة القرار انتقل إلى الداخل عام 2007 باعتماد صيغة المكتب السياسي المعلن بحصص الثلث المتساوية بين غزة والضفة والخارج.

ورصد الباحث مجموعة من استراتيجيات البنى السياسية الدولية والإقليمية السائدة ضد سلطة حركة حماس في غزة، وأدرج هذه الاستراتيجيات ضمن مسارات ثلاثة: الحصار الاقتصادي والمقاطعة ونزع الشرعية عبر عدم الاعتراف بالسلطة القائمة في غزة، وأخيرًا الحرب الدورية الإسرائيلية في إطار ما عُرف باستراتيجية "جز العشب" ضد المقاومة.

ونتيجة لفشل الاستراتيجية الدولية، اتبعت حماس مجموعة من الاستراتيجيات تمثلت في: تطوير مفهوم الشراكة الوطنية الذي تبلور فيما عُرف بـ "وثيقة الأسرى"، وكذلك تطوير العقيدة الدفاعية في جوانب تتلخص في الاستراتيجية الدفاعية، وإدارة المقاومة المسلحة داخل غزة، إضافة إلى دمج الجناح العسكري بدرجة أكبر ضمن باقي أجنحة الحركة.  

واختتم الباحث محاضرته بقراءة حدث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، المعروف بطوفان الأقصى، بوصفه امتدادًا لما بدأته حماس في عام 2021 من استراتيجية كسر آلة الإخضاع الدولية التي تقدمها إسرائيل عبر حربها الدورية على حماس. واعتبر الباحث هذا الحدث دليلًا على مأزق الاستراتيجية الدولية في تجاهل عنصر الصراع بسبب الاستيطان بوصفه منتجًا لأنماط التفاعل الحمساوي، وهذا التجاهل أفرز فشلًا دوليًا في بناء مسار سياسي يمكنه استيعاب استجابات حماس في هذا الصراع وتحويلها إلى مبادرات سياسية، وكرس هذا لفرض واقع أصبح من الضروري لدى الفاعلين المحليين التخلص منه. كما أن ديناميات اتخاذ القرار داخل حماس وتعرضها لتغيير عميق خلال فترة الحكم تمثل عاملًا آخر في ديناميات الحكم والمقاومة لدى الحركة.

وعقب الدكتور خالد الحروب، أستاذ الدراسات الشرق أوسطية بجامعة نورث ويسترن - قطر، على موضوع المحاضرة. وقدم بعض الملاحظات النقدية. وقد ثمّن بدايةً أهمية رصد آليات تغير القرار الحمساوي وفق مقاربة البنية - الفاعل، وأشار إلى أهمية تحديد ماهية "البنية" بالنسبة إلى حماس، فهل هي إقليمية أو دولية أو محلية؟ وتساءل ما إذا كانت البنية تتضمن حركة حماس نفسها. وتحفَّظَ الحروب على مدى تحرر حركة حماس من البنية السياسية قبل 2006. وثمَّنَ اعتماد البحث على المقاربة الميدانية بتوظيف المقابلات. وتساءل بعد ذلك حول دقة التوصيف حول عملية التكييف وما إذا كانت تكييفًا أم احتواءً.

وعقّب الأستاذ معين الطاهر، الباحث بالمركز العربي، على الموضوع، موضحًا موقف الإخوان المسلمين الباكر من الاندماج في الحراك الوطني الفلسطيني منذ الستينيات، والاختلاف والتردد الإخواني على ذلك، وفي المقابل عدم توفر الرغبة الكافية في استيعاب حركة حماس ضمن منظمة التحرير الفلسطينية.

شهد السيمنار نقاشًا ثريًا دار حول تجربة حماس في عملية الحكم، ودور العلاقات الدولية في فهم ديناميات الحكم والمقاومة، وأثر تحولات القضية الفلسطينية بعد عام 2021، كما جرى نقاش حول قدرة حماس على التوفيق بين الهم الوطني والهمّ الحركي الدعوي. وقد حضر السيمنار طلبة وباحثون وأكاديميون من المركز العربي ومعهد الدوحة للدراسات العليا.