Author Search
المحرّر العلمي في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. عمل مديرًا ومستشارًا في عدّة مشاريع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا. له العديد من الدراسات والبحوث في مجالات التعليم، والتنمية البشرية، والتنمية والسكّان، والهجرة الخارجية السوريّة، والاستشراف المستقبلي لمسارات التنمية. وهو مختص بالتاريخ الاجتماعي والسياسي السوري الحديث. شارك في تأليف أكثر من ثلاثين كتابًا مؤلِّفًا، أو مؤلِّفًا أساسيًّا، أو مؤلِّفًا مشاركًا.
جانب من الحضور
جانب من الحضور
عائشة البصري مترأسةً جلسة السيمنار
عائشة البصري مترأسةً جلسة السيمنار
محمد جمال باروت
محمد جمال باروت
وجيه كوثراني معقبًا على السيمنار
وجيه كوثراني معقبًا على السيمنار

استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، يوم الأربعاء 13 أيلول/ سبتمبر 2023، الأستاذ محمد جمال باروت، الباحث في المركز، الذي قدم محاضرةً حول مشروع بحثي للمركز العربي ودورية أسطور للدراسات التاريخية التي يصدرها المركز ومعهد الدوحة للدراسات العليا، بعنوان: مؤتمر لوزان وسياقاته: من معاهدة سيفر إلى إلغاء الخلافة.

في سياق مرور مئة عام على "مؤتمر لوزان" استعرض الباحث السياق التاريخي لهذا الحدث المفصلي، في أعقاب الحرب العالمية الأولى التي انتهت بفرض الحلفاء معاهدات صلح على الإمبراطوريات الثلاث المهزومة؛ وهي: الإمبراطورية الألمانية، والإمبراطورية النمساوية - المجرية، والإمبراطورية العثمانية، سمحت بتصفية هذه الإمبراطوريات، وحلّ مكانها نظام الدول الوطنية (الدولة - الأمة).

استعرض باروت تاريخ اندحار الإمبراطورية العثمانية نتيجة الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، وتوقف عند فترة حاسمة تُعرف بمرحلة "السنوات الخمس"، التي ابتدأت في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 1918 بتوقيع الإمبراطورية العثمانية اتفاقية الهدنة في مودورس مع الحلفاء، وانتهت بتوقيع معاهدة لوزان في 24 تموز/ يوليو 1923. وأشار إلى أن هذه السنوات شكلت مرحلة فاصلة "تسمح بتحويلها إلى وحدة مكتملة للتحليل التاريخي، يمكن تكثيف خطاطاتها الأساسية بتمهيد تاريخي حول التطورات التي أفضت إلى عملية لوزان". ووصف الباحث هذه السنوات الخمس بأنها "عاصفة في تحول العالم"، لكونها لم تقتصر على الدولة العثمانية فحسب، بل تغير خلالها العالم، فتشكل على أنقاض الدولة العثمانية نظام الدول الوطنية، وتشكل ما سيُدعى الشرق الأوسط أو الأدنى الحديث.

ومن أهم آثار مؤتمر لوزان ومعاهدة سيفر في الإمبراطورية العثمانية إلغاءُ الخلافة الإسلامية وقيام تركيا الدولة الوطنية بقيادة مصطفى كمال، في ضوء القرار التاريخي الذي اتخذه المجلس الوطني الكبير للحركة الوطنية التركية والقاضي بالفصل بين الخلافة والسلطنة في 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 1922. وأشار الباحث إلى آثار معاهدة لوزان في البلاد العربية التي استبعدها الحلفاء من المشاركة باستثناء موافقتهم على مشاركة ممثل للمملكة العربية (مملكة الحجاز) لسماع مناقشات المؤتمر دون المشاركة فيها. ثم تطرق إلى الآثار الكارثية لمعاهدة لوزان على العرب، بما في ذلك إعادة هندسة العالم العربي - العثماني السابق وخضوعه إلى التقاسم الاستعماري الغربي وفرض أنظمة الانتداب نصف الاستعمارية أو الاستعمارية عليه، وما زالت قضية فلسطين أكبر تداعيات المعاهدة، إضافة إلى مشكلة الأقليات التي أنتجتها، ومشكلتي الموصل ولواء الإسكندرون.

ويرى باروت أن الدراسات العربية الحديثة حول لوزان وما بعدها "فقيرة جدًا، إن لم تكن غائبة"، ومن هنا جاءت فكرة هذا المشروع البحثي الذي يحمل عنوانًا مبدئيًا هو: مؤتمر لوزان وسياقاته: من معاهدة سيفر إلى إلغاء الخلافة. وسيشارك فيه ثلة من كبار المؤرخين والباحثين العرب، ويتوقع أن يصدر في جزأين.

وقد قدم الدكتور وجيه كوثراني، المؤرخ وأستاذ التاريخ بمعهد الدوحة، تعقيبًا على عرض باروت، تناول فيه إشكالية السردية التاريخية التي تنسب الخلافة الإسلامية إلى السلطنة العثمانية، وفكك هذه السردية، موضحًا خلو المصادر التاريخية المعاصرة للسلطانَين سليم وسليمان من ذكر أي خبر يتعلق بتنازل آخر خليفة عباسي عن الخلافة للسلطان سليم.

وقد أعقب المحاضرة نقاشٌ أسهم فيه باحثو المركز العربي، وأساتذة معهد الدوحة وطلبته، وأساتذة وباحثون من مؤسسات بحثية بالدوحة، كما شارك فيه جمهور المتابعين عبر وسائط التواصل الاجتماعي.