استضافت وحدة الدراسات الإيرانية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الأستاذ صادق زيباكلام، أحد أبرز المفكرين في إيران المعاصرة وأستاذ متقاعد في العلوم السياسية في جامعة طهران، في 20 كانون الثاني/ يناير 2025، لإلقاء محاضرة بعنوان: "رئاسة ترامب و46 عامًا من العداء بين إيران والولايات المتحدة"، بمناسبة تنصيب دونالد ترامب في اليوم نفسه رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية المرة الثانية.
استهل زيباكلام حديثه بالتأكيد على أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في ترامب أو موقف الولايات المتحدة تجاه إيران، بل في الاستياء العميق للشعب الإيراني وكراهيته الواضحة، لا سيما الجيل الشاب، تجاه الجمهورية الإسلامية، وأضاف أنه: "بدلًا من القلق بشأن ترامب وما سيفعله تجاه إيران، أنا قلق بشأن الوضع داخل إيران؛ التناقض الحاد والصراع الواضح بين الجيل الشاب من الإيرانيين وكراهيتهم لكل ما يرتبط بالجمهورية الإسلامية". وسلّط الضوء على التحولات في مشاعر العامة داخل إيران والديناميكيات السياسية التي تطورت على مر العقود. وناقش أنه خلال الثورة الإسلامية عام 1979، كان هناك دعم كاسح من الإيرانيين للقضية الفلسطينية، حيث اعتُبر موقفًا موحدًا بين جميع فئاتهم. وبحسبه، فقد شهدت هذه المشاعر تحولًا جذريًا في السنوات الأخيرة، وتحديدًا منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأضاف أن الجيل الإيراني الشاب اليوم، وخاصة الذين وُلدوا بعد الثورة الإسلامية، لا يدعم بالضرورة القضية الفلسطينية، بل يعبّر عن عداء تجاه جماعات مثل حزب الله، معتبرين إياها امتدادًا لأجندة الجمهورية الإسلامية. وقال: "يمكنني أن أخبركم لماذا يكرهون حسن نصر الله، ولماذا يكرهون حماس [...] ببساطة لأن الجمهورية الإسلامية تدعمهم". وأوضح أن المجتمع الإيراني أكثر انقسامًا من أيّ وقت مضى، وأن استياء الجيل الشاب من الحكومة أدى إلى فجوة كبيرة بين الأجيال. وأكّد أن هذا الانقسام تعمّق أكثر بسبب النفوذ المتزايد للحرس الثوري الإيراني، الذي يسيطر على جوانب رئيسة من السياسة والاقتصاد والسياسة الخارجية في إيران، والذي "يدير الجمهورية الإسلامية حرفيًا"، و"يقرر السياسة الخارجية لإيران، ويحدد سياستها تجاه الشرق الأوسط وإسرائيل، والأهم من ذلك، أنه يدير نحو 30-50 في المئة من الاقتصاد الإيراني بأكمله".
وتناول التحديات التي تواجه القيادة الإيرانية الحالية، فأشار إلى الشكوك المحيطة بالرئيس المنتخب حديثًا، مسعود بزشكيان، وإمكانية نجاحه، من عدمه، في معالجة بعض الأزمات التي تعصف بالبلاد، وكذلك الشكوك حول الانتقال المستقبلي للقيادة مع تقدّم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في العمر. وعقّب أن الحرس الثوري الإيراني من غير المرجّح أن يتخلى عن نفوذه، حتى في ظل قيادة جديدة.
واختتم حديثه بالإشارة إلى أن الكراهية والانقسامات الاجتماعية داخل إيران، لا سيما بين الجيل الشاب، تشكّل أكبر تهديد لمستقبل الجمهورية الإسلامية.