انطلقت يوم السبت 11 كانون الثاني/ يناير 2025 أعمال الدورة السادسة للمدرسة الشتوية الدولية، التي ينظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بعنوان "الإعلام في زمن الحرب". وتُعقد هذه الدورة في الفترة 11-16 كانون الثاني/ يناير، ويعرض فيها عشرون باحثًا مشاريعهم البحثية في جلسات متخصصة تركّز على جوانب مختلفة من دراسة الإعلام في زمن الحرب، استنادًا إلى بيانات من الولايات المتحدة الأميركية روسيا وأوكرانيا والبوسنة وباكستان والصين، فضلًا عن دول العالم العربي، وذلك بحضور المشاركين والمحاضرين والمعقّبين في مقرّ المركز العربي في الدوحة.
المدرسة الشتوية الحاليّة في يومها الأول
استُهلّ اليوم الأول بكلمة ترحيبية ألقاها هاني عواد، الباحث في المركز العربي، أشار فيها إلى مساهمة المدرسة الشتوية في إنتاج معرفة معمّقة ونقدية عن موضوعات مختارة في العلوم الاجتماعية والإنسانية، فضلًا عن إتاحة فُرصٍ للباحثين الشباب وطلبة الدكتوراه يتعرّفون من خلالها إلى مقاربات مختلفة تساهم في تعميق المعرفة عن هذه الموضوعات. وأشار الباحث إلى أن الدورة الحالية تهدف إلى مناقشة ما يستجد من قضايا وأجندة بحثية تطرحها قضية الإعلام في زمن الحرب، لا سيما بعد الأسئلة العديدة التي تفجّرت بفعل الحرب على قطاع غزة وما طرحته من قضايا حول وضعية الإعلام في ظل حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل، وجهود الإعلام البديل والتواصل الاجتماعي وديناميات السلطة والأدوار المتداخلة للإعلام في الحرب.
الصحافة والإمبريالية والحرب
ألقى ديس فريدمان، أستاذ الإعلام والاتصالات في كلية غولدسميثس، بجامعة لندن، وهو عضو مؤسس في ائتلاف إصلاح وسائل الإعلام في المملكة المتحدة، والباحث الرائد في دراسات الإعلام، المحاضرة العامة الأولى للمدرسة بعنوان "الصحافة والإمبريالية والحرب: صحافة ملحقة أم معادية؟". وفيها عرض السرديات المتناقضة للعلاقة بين الصحافة الرئيسة وتغطية الحرب والنزاع، بالنظر في نماذج مختلفة لأداء الصحافة: بوصفها "سلطةً رابعة" قادرة على مواجهة طريقة عمل الدولة السرّية في أثناء شنّها العمليات العسكرية ومحاسبتها؛ وبوصفها ساحة معركة تُخاض فيها الحروب على نحو متزايد؛ وبوصفها مروّجة للأنشطة العسكرية المدعومة من الدولة. ركّز فريدمان على تغطية وسائل الإعلام الغربية للهجوم الإسرائيلي على غزة، وذلك استنادًا إلى أبحاث الباحث عن اللغة والتأطير والممارسات التي هيمنت على التغطية الإعلامية لتدمير غزة.
في الجلسة الأولى، عرض بيرد هاولاند ورقة عنوانها "إبادة جماعية أم ’حرب مع حماس‘: توثيق السردية الإعلامية الغربية عن فلسطين"، وليليا مانتسيفيتش ورقة بعنوان "تمثُّل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي في وسائل الإعلام الفرنسية: الأنماط والتأثير في الرأي العام". وقد بيّن هاولاند أنّ وسائل الإعلام الأميركية سارعت إلى تغطية الأنشطة المثيرة للجدل المؤيدة للفلسطينيين محليًا، إلا أنّ اعترافها بالتجربة الفلسطينية بغضّ النظر عن حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، لم يشهد اهتمامًا مماثلًا، بينما أكّدت مانتسيفيتش وجود تفاعل معقّد بين التمثلات الإعلامية وبناء السرديات السياسية والمجتمعية في وسائل الإعلام الفرنسية، موضحةً دور وسائل الإعلام التي تعكس الخطاب العام وتصوغه بشأن القضية الفلسطينية.
أما في الجلسة الثانية فقدّم أرشيل سيخاروليدزي ورقة بعنوان "التغطية الإعلامية الكازاخستانية للحرب الأوكرانية – الروسية"، ناقش فيها التغطية الإعلامية للحرب الأوكرانية – الروسية في كازاخستان، حيث تخضع وكالات الإعلام الرئيسة المحلية إلى رقابة الدولة، بما يعيد إلى الأذهان تحوّل وسائل الإعلام إلى أداة دعاية تعود إلى حقبة الحرب الباردة. وقدّمت كاترينا بيستريتسكا ورقة بعنوان "تسويق الحرب: استخدام الألوية والكتائب الأوكرانية لوسائل التواصل الاجتماعي في حملات التجنيد"، حللت فيها كيفية استخدام الألوية والكتائب الأوكرانية وسائل التواصل الاجتماعي في زمن الحرب، بهدف تجنيد قوّات عسكرية، بالتركيز على استخدام الأفراد العسكريين لهذه الوسائل أثناء الحرب.
تستمرّ أعمال المدرسة الشتوية حتى 16 كانون الثاني/ يناير، وتشمل أعمالها محاضرات عامة وطاولة مستديرة، يشارك فيها باحثون وباحثات متخصصون في دراسة وسائل التواصل الاجتماعي والرقابة. وتتضمن أعمالها، أيضًا، ورشة عملٍ مغلقة عن حالات استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة يقدّمها وليد السقّاف.