العنوان هنا
تحليل سياسات 02 سبتمبر ، 2020

الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لجائحة فيروس كورونا المستجد في دولة الإمارات العربية المتحدة

الكلمات المفتاحية

إسماعيل نعمان تلجي

نائب رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط ORSAM، ومنسّق دراسات الخليج فيه. وهو أيضًا أستاذ مشارك في العلاقات الدولية في مركز الشرق الأوسط في جامعة سكاريا، تركيا. كتب عددًا من المقالات والكتب، بما فيها، كتابه الأحدثEgyptian Foreign Policy Since the Revolution: From Search for Change to Quest for Legitimacy (2019). تركّز أبحاثه على سياسات الخليج، والسياسات الخارجية لدول الخليج، والسياسة التركية الخارجية تجاه الخليج، والسياسة المصرية.

مقدمة

لا تزال جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، التي بدأت أواخر عام 2019، وأثّرت في العالم اجتماعيًا واقتصاديًا، وحتى سياسيًا في النصف الأول من عام 2020، تحتل مكانًا مركزيًا في الأجندة العالمية. فقد انتشرت الجائحة في جميع الدول تقريبًا، وخلفت تداعيات اقتصادية واجتماعية وسياسية متباينة. وكغيرها من الدول، تحاول دول الخليج العربية مواجهة الآثار السلبية لهذه الجائحة. ومع ارتفاع أعداد الإصابات في هذه الدول، رُصدت آثار سياسية واجتماعية متنوعة. فحاولت الحكومات حل هذه المشكلات بأدوات محدودة، ولم تتضح بعدُ مدى نجاعة هذه الجهود.

كانت دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول التي واجهت صعوبات في معالجة الآثار السلبية لفيروس كورونا؛ بسبب الاعتماد الكبير على اليد العاملة الأجنبية في قطاعات حرجة؛ كالرعاية الصحية، والبناء، والسياحة. وعلى الرغم من آفاقها الاقتصادية المتينة، بدت الإمارات غير مستعدة لمثل هذه الأزمة التي كان الاقتصاد هو المتضرر الأكبر منها. فاقتصاد الدولة يعتمد في معظمه على إيرادات النفط والسياحة. وتشكل المنتجات النفطية والبترولية قسمًا كبيرًا من إجمالي صادراتها. وقد باتت الإمارات، بفضل إنتاج النفط، تتمتع بمستويات معيشة مرتفعة. وأسهم قطاعَا السياحة والبناء، أيضًا، في تنمية اقتصاد الدولة خلال السنوات الماضية. وتعتبر أبوظبي الإمارة الأغنى في الدولة، تليها دبي. وتأتي ثروة أبوظبي أساسًا من عائدات تصدير النفط، بينما تستفيد دبي من السياحة والبناء وأعمال الموانئ والشحن. وقد استقبلت دبي في عام 2019 أكثر من 16 مليون سائح، درّت إيرادات تصل إلى 20 مليار دولار.[1]

ومع تفشي فيروس كورونا والانخفاض السريع للطلب العالمي على النفط، بدأت البلدان المصدرة للنفط تواجه مشكلات خطيرة. كما ضربت الجائحة بشدة نشاطات أخرى في قطاعات السياحة والبناء والشحن. ومع انتشار هذا الفيروس أيضًا، شهدت السياحة توقفًا شبه كامل، ولحقت بالتجارة العالمية أضرار كبيرة. وبسبب القيود على الحركة، عجزت العديد من الأماكن عن جذب السياح؛ فأدى هذا الأمر إلى ركود لم يشمل الشرق الأوسط فقط، بل إنه شمل الناتج المحلي الإجمالي العالمي أيضًا. وقدّرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في حزيران/ يونيو 2020 تراجع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 13 في المئة تقريبًا[2].

تجلى أحد الآثار المهمة للفيروس بالنسبة إلى الإمارات في السياسة الخارجية للدولة. وحينما بدأت تظهر حالات لفيروس كورونا في إيران، أرسلت إليها الإمارات مساعدات عبر طائرة عسكرية. واستغلت الإمارات هذه الفرصة، أيضًا، للتقرب من نظام الأسد في سورية. ولكن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية عليه بموجب قانون حماية المدنيين في سورية (قانون قيصر)، وتحذير مبعوث واشنطن إلى سورية، جيمس جيفري، للإمارات حتى تتوخى الحذر بشأن إعادة علاقاتها مع سورية، جعلت الإمارات أكثر حذرًا في تقاربها من نظام الأسد. وأصبحت العلاقات المتنامية بين الإمارات والصين، سواء كان ذلك قبل الوباء أو بعده، تسبب المشكلات مع الولايات المتحدة. فقد حذرت إدارة الرئيس دونالد ترامب دول الخليج من ازدياد التعاون التكنولوجي والتجارة مع الشركات الصينية الخاصة. وأشارت الولايات المتحدة إلى أن هذه العلاقة قد تضر بالتعاون الأمني معها. كما وظفت الإمارات شحنات المساعدات الطبية خلال ذروة فيروس كورونا لتسريع عملية التطبيع مع إسرائيل، بذريعة مساعدة السلطة الفلسطينية.



[1] “Dubai Tourism Statistics: Number of International Visitors to Dubai,” Dubai Online, accessed on 4/7/2020, at: https://bit.ly/3kvVbgb

[2] OECD, “Covid-19 and International Trade: Issues and Actions,” 12/6/2020, accessed on 11/8/2020, at: https://bit.ly/2DMwTxM