العنوان هنا
تقييم حالة 16 نوفمبر ، 2017

السياسة الإماراتية في اليمن: الأجندة المغايرة

عبد الباقي شمسان

أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء، حاصل على دكتوراه في علم الاجتماع السياسي. نشر العديد من الكتب، من بينها اللامركزية الإقليمية، الفساد واقتناص الدولة، حرية تكوين الجمعيات في الجمهورية اليمنية، دور البرلمان في الإصلاحات الديمقراطية، تقييم برامج الإصلاح الديمقراطي في الوطن العربي.

تسعى هذه الورقة لمقاربة التدخل العربي في اليمن من خلال السياسة الإماراتية المتبعة في الجغرافيا اليمنية، باعتبارها أحد المكونين الرئيسَين للتحالف العربي وملتزمةً بأهدافه المعلنة، وكذلك وجودها العسكري والمؤسّسي في الجغرافيا اليمنية. وسنحاول مقاربة تلك السياسات، بناءً على اختبار الأهداف المعلنة للتدخل العربي على صعيد الواقع اليمني الممارس، منذ انطلاق "عاصفة الحزم" (26 آذار/ مارس 2015) و"إعادة الأمل" (22 نيسان/ أبريل 2015)، مع تحفظّنا عن اسمَي "الحزم" و"الأمل" (إعادة الأمل تشمل الجانب الإنساني واللوجيستي). فقد أعلنت دول التحالف عن أهدافها ومسوغات تدخلها في اليمن، في بيان صادر عنها، ما يلي: إن عاصفة الحزم أزالت التهديدات الموجهة إلى المملكة ودول الجوار وإنها جاءت من أجل إنقاذ الشعب اليمني، وإعادة الشرعية التي التفّ عليها الانقلابيون. ومثلما جاء في البيان، فإن عاصفة الحزم أتت استجابةً لطلب الرئيس عبد ربه منصور هادي من قيادة السعودية. كما نوّه المتحدث باسم دول التحالف (آنذاك) العميد أحمد عسيري بأن دول التحالف أعلنت انتهاء عملية عاصفة الحزم بناءً على طلب الحكومة اليمنية والرئيس هادي. إلا أن المتتبّع للسياسات والإجراءات المُتّبعة، خلال الفترة آذار/ مارس 2015 - تشرين الثاني/ نوفمبر2017، يلاحظ من دون عناء أن السياسات المتّبعة مغايرة للأهداف المعلنة والمسوّغة للتدخل العربي في اليمن، بل هي ترجمة لأجندة منفصلة. وبناءً عليه، افترضنا في هذه الورقة أن جملة السياسات والإجراءات المتبعة ظلت تعمل على تحقيق الأهداف الثلاثة التالية:

  1. تعزيز المناطق الجنوبية وبناء قدراتها الذاتية لإدارة الحياة المؤسسية واليومية، تمهيدًا لإعلان الاستقلال عن الكيان الوطني.
  2. إيجاد واقع مغاير للمرجعيات الدولية الثلاث للتسوية، وأهمها مخرجات الحوار الوطني، وتحديدًا ما يتعلق منها بالدولة اليمنية المتعددة الأقاليم، وذلك ما يفرض واقعًا غير مماثل، إذ ستكون هناك ثنائية وطنية (شمال/ جنوب)؛ أي العودة إلى ما قبل الوحدة اليمنية المعلنة عام 1990.
  3. الاستيلاء على الموانئ والجزر وحقول النفط اليمنية من طرف دولة الإمارات العربية المتحدة.

ولاختبار الفرضيات المذكورة آنفًا، سنحاول تتبع تلك الإجراءات وأثرها المحدث، وذلك من خلال منهج تراتبي تدريجي يفضي إلى رسم خريطة مجسّدة للأثر المحدث في الجغرافيا الوطنية اليمنية؛ بحسب ما يأتي لاحقًا.