مقدمة
سيُسجّل فشل أجهزة الأمن الإسرائيلية في التنبؤ بهجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، الذي شنّته فصائل المقاومة الفلسطينية، بأنه أكبر فشل استخباري في تاريخ إسرائيل. وتُمثل عملية "طوفان الأقصى"، التي تقول إسرائيل إنه قُتل في يومها الأول ما يقارب 1200 إسرائيلي، حدثًا محوريًا في تاريخها، إلى درجة أن مسؤولين إسرائيليين قارنوها بمفاجآت استراتيجية، مثل هجمات 11 سبتمبر 2001 التي قام بها تنظيم القاعدة
في الولايات المتحدة الأميركية، ومفاجأة هجوم 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1973 الذي شنّته مصر على إسرائيل؛ وهي هجمات أخذت الولايات المتحدة وإسرائيل على حين غرّة، وخلّفت خسائر مادية وبشرية كبيرة. لقد تسبّبت عملية طوفان الأقصى في ما وصفه عزمي بشارة بـ "جرح نرجسي هائل" في إسرائيل، حوّلت شعور الأمن فيها إلى شظايا من الألم والقلق والخوف، تُرجمت تداعياته إلى سلسلة من ردات الفعل المتطرفة الإسرائيلية التي لم تنته فصولها حتى تاريخ كتابة هذه الورقة.
لكن، كيف تمكّنت فصائل المقاومة الفلسطينية، بإمكانياتها المحدودة، وتحت ضغط حصار خانق ومراقبة مستمرة، من إخفاء خطط معقدة وتدريبات ميدانية كهذه عن أنظار أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية التي تدّعي أنها الأقوى في العالم؟ قبل أن ندرس ونحلل أسباب فشل المجتمع الاستخباري الإسرائيلي في كشف خطط ومناورات التدريب التي مهّدت لعملية طوفان الأقصى وما جاء بعدها، نعرض أولًا ما حدث في فجر يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.