مقدمة
اشتعلت الحرب الإيرانية - الإسرائيلية في 13 حزيران/ يونيو 2025، بعد عقود من التهديدات المتبادلة وحروب الوكلاء. بدأت الحرب بهجمات عدوانية شنتها إسرائيل على عشرات الأهداف الإيرانية؛ بهدف معلن هو تدمير المنشآت النووية. وشملت هذه الهجمات مواقع نووية وعسكرية، صاحبها بصفة مبكرة عمليات اغتيال دقيقة، شملت قادة عسكريين وأمنيين إيرانيين، منهم رئيس هيئة الأركان وقائد الحرس الثوري الإيراني، إلى جانب نحو 20 من القادة والعلماء النوويين حيث قُتل الكثير منهم في منازلهم ضمن عملية استخبارية، أعدّ لها مسبقًا الموساد الإسرائيلي، وشملت إدخال طائرات مسيرة إسرائيلية ونصبها في الداخل الإيراني.
في المقابل، ردّت إيران بعملية عسكرية على شكل ضربات جوية من صواريخ باليستية وطائرات من دون طيار، استهدفت مواقع عسكرية ومواقع استخباراتية ومراكز علمية ومناطق سكنية. وفي ليلة 22 من حزيران/ يونيو، دخلت الولايات المتحدة مباشرة على خط المواجهة، وشنّت غارة جوية باستخدام قاذفات شبحية استهدفت ثلاث منشآت نووية إيرانية تقع في فوردو ونطنز وأصفهان.
وعلى الرغم من أن حرب المعلومات والتضليل بين الطرفين مستمرة منذ عقود، فإن هذه الحرب شكلت تحولًا واضحًا في مسار الصراع من جهة، ومحطة مهمة في مسار تشكّل جيل جديد من حروب المعلومات والتضليل من جهة أخرى، في بيئة سياسية وتكنولوجية سائلة ومضطربة.
قادت حروب المعلومات الجديدة، في بيئة العالم الرقمي والذكاء الاصطناعي، إلى تحوّل جذري في طبيعة الصراعات وإدارة المصالح بين الدول والكيانات والجماعات؛ إذ لم تعد الحروب تعتمد على وسائل الإعلام والاستخبارات فقط للتأثير في الرأي العام، بل أصبحت أيضًا تعتمد بصفة متزايدة على تقنيات متطورة، مثل الأساليب الإعلامية الجديدة التي توظف الذكاء الاصطناعي، والخوارزميات، والهجمات السيبرانية.
يُقصد بحرب المعلومات تحقيق التفوّق المعلوماتي في بناء تصورات الحرب لدى الجمهورَين الداخلي والخارجي. وترتبط هذه الحروب بما يطلق عليه حروب الجيل الخامسFifth-generation Warfare ويسعى جانب كبير من فعاليات حرب المعلومات للسيطرة على سرد الحرب الإعلامي والمعلوماتي، والتلاعب النفسي ومحاولة توجيه الرأي العام.
تتناول هذه الورقة حدثًا جاريًا ومتطورًا، وتسعى لتتبّع مسار تشكّل حرب المعلومات والتضليل في سياق المواجهة الإيرانية - الإسرائيلية، مع التركيز على الأساليب التي اعتمدها الطرفان في إدارة هذه الحرب الإعلامية. وتعتمد على تحليل نوعي لأنماط الممارسات الإعلامية، مع الإحاطة بالمعلومات المتاحة. وتقدم قراءة أولية في البُعد الإعلامي والدعائي، بوصفه أحد الأبعاد المحورية في حروب المعلومات المعاصرة.