العنوان هنا
تقييم حالة 31 أكتوبر ، 2023

تغطية الإعلام الغربي لحرب إسرائيل على غزة 2023: الحرب في عصر ما بعد الحقيقة

بـاسم الطويسي

رئيس برنامج الصحافة في معهد الدوحة للدراسات العليا. حاصل على الدكتوراه في الدراسات الإعلامية، وعمل عميدا لمعهد الإعلام الأردني 2013-2019، ومديرا لمركز الاستشارات ودراسات التنمية في جامعة الحسين بن طلال، ورئيسا لمجلس إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية.

مقدمة

تلقّت وسائل الإعلام الغربية الأخبار القادمة من الشرق الأوسط يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بانفعال غير مسبوق؛ إذ لم تكن في المجمل جزءًا محايدًا من التغطية الإعلامية في الأيام الأولى من عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، بل كانت تتسق مع الرواية الإسرائيلية التي ردّدها مسؤولون غربيون؛ لذا جاء سلوكها في هذه المرة صادمًا وخارجًا عن معايير الصحافة الإخبارية المهنية والأخلاقية على نحو لافت، على الرغم من وجود تاريخ طويل لها من الانحياز إلى السردية الإسرائيلية.

صُدمت إسرائيل بهذه العملية النوعية والجريئة التي قُتل فيها نحو 1200 شخص، بينهم عددٌ من المدنيين ومزدوجي الجنسية والأجانب، وشملت أسر عددٍ من الجنود الإسرائيليين والمدنيين، وتبعها إعلان إسرائيل حربًا على قطاع غزة بالقصف الجوي المصحوب بحصار مشدد؛ مُنع بموجبه وصول الغذاء والماء والدواء والوقود إلى سكان القطاع، الذين يعانون أصلًا من حصار ممتد على نحو 16 عامًا. ووصل عدد الشهداء الفلسطينيين خلال العشرين يومًا الأولى إلى نحو 7300 شهيد، بينهم 3500 طفل؛ أي إن إسرائيل تقتل خلال هذه الحرب 6 أطفال كل ساعة، ودمرت حتى الآن نحو نصف البنية التحتية في قطاع غزة.

تقدم هذه الورقة قراءة أولية لتغطية الإعلام الغربي لهذه الحرب في الأسابيع الثلاثة الأولى، فتناقش مجموعة من الأدلة التي تظهر أن هذا الإعلام يقدم سلوكًا إعلاميًا جديدًا يضعه فيما يسمى "إعلام عصر ما بعد الحقيقة"، وهو المفهوم الذي دُشّن في الأدبيات السياسية والإعلامية منذ عام 2016؛ أي العام ذاته الذي وُصف بـ "عام الأكاذيب"، حيث تقود الأكاذيب والانفعالات والمعتقدات الاتجاه السائد في الإعلام، بعيدًا عن الحقائق والوقائع.