العنوان هنا
تقارير 31 مارس ، 2024

نضال النساء، وأيديولوجيا الدولة، والسياسات المحلية في إيران

وحدة الدراسات الإيرانية

وحدة الدراسات الإيرانية، التي تأسست في آذار/ مارس 2020، هي الوحدة المكلفة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بدراسة الشأن الإيراني من وجهة نظر موضوعية وأكاديمية، بهدف إنتاج معرفة أكثر عمقًا لفهم واقع إيران الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي. يرأس الوحدة الدكتور مهران كمرافا، أستاذ الحوكمة في جامعة جورجتاون في قطر، وتُركّز وحدة الدراسات الإيرانية على موضوعين أساسيين؛ العلاقات العربية-الإيرانية في حقول التاريخ والديموغرافيا والفلسفة والاقتصاد والسياسة والعلاقات الدولية والثقافة، والمساهمة في سدّ الفجوة المعرفية حول إيران بوصفها دولةً ومجتمعًا ومؤسسات.


يصادف خريف 2023 مرور عام على اندلاع الاحتجاجات في أنحاء إيران بسبب مقتل جينا مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق. وقد سلطت تلك الاحتجاجات الضوء على مقاومة النساء للحجاب الإلزامي وأيديولوجية الدولة والسيطرة على أجسادهن. ويُظهر تأريخ الحركة أن هذا جزء من الجهود المستمرة التي تبذلها النساء الإيرانيات لتحدي أحكام الدولة التي تقوّض حقوقهن وتتحكم في عيشهن اليومي. فمنذ قيام الجمهورية الإسلامية في إيران، واصلت ممارسة سلفها النظام الملكي البهلوي المتمثّل في استخدام أجساد النساء ساحاتِ معارك سياسية وأيديولوجية، وفي فرض المزيد من القيود على حقوقهن. وما انخراط النساء في حركة "المرأة، الحياة، الحرية" سوى مؤشر دالّ على معارضتهن الجمعية لضبط أجسادهن، على وجه الخصوص، وما يواجهنه من تمييز جندري منهجي وغياب الإصلاحات، على وجه العموم. ولقد كان الحجاب في القلب من هذه الحركة، إذ قامت النساء بقصّ شعورهن وإضرام النار في أحجبتهن؛ في فعلٍ من أفعال التحدي. ثم تنامت الحركة لتعبّر عن مظالم اجتماعية وسياسية واقتصادية أخرى يعانيها كلٌّ من النساء والرجال الإيرانيين.

في حين هدأت احتجاجات الشارع، واصلت الجمهورية الإسلامية حملتها القمعية خلال العام الذي أعقب الحركة بتنفيذها أحكامًا بالإعدام، واستهدافها ناشطين ومضايقة أقاربهم، وطردها أساتذةً جامعيين، وإغلاقها شركات لعدم امتثالها لقانون الحجاب الإلزامي، وتقييدها الوصول إلى الإنترنت، وتشديدها الرقابة. فعلى سبيل المثال، ركّبت الدولة كاميرات لرصد غير المحجبات، وضايقت المحامين الذين يدافعون عن النساء اللاتي وُجّهت إليهن تهمة ارتداء الحجاب على نحو سيئ أو عدم ارتدائه. ومع ذلك، بقي حضور النساء غير المحجبات في الأماكن العامة ملحوظًا، على الرغم من عودة شرطة الأخلاق وتطبيق عقوبات أشد صرامة.

تمثّل تطورٌ أبرز في إقرار البرلمان "مشروع قانون الحجاب والعفة" فترةً تجريبية مدتها ثلاث سنوات. وعلى الرغم من أنّ مجلس صيانة الدستور لم يوافق على مشروع القانون بعد، فإنّه أثار جدلًا ونقاشًا حول الحجاب في الدوائر الرسمية. ويُظهر محتوى مشروع القانون، الذي يشتمل على 71 مادة، محاولةً لزيادة التنسيق بين مؤسسات الدولة المختلفة من خلال تكليفها بمسؤوليات إضافية لتطبيق قانون الحجاب الإلزامي. وإضافةً إلى وصف كيفية امتثال المرأة لقوانين الحجاب وشرح ما يشكّل ملابس غير لائقة للنساء والرجال، يفرض مشروع القانون غرامات مالية على مخالفات الحجاب. ويشمل ذلك أيضًا معاقبة الشركات التي توفّر للنساء أحجبة رديئة وإجبارها على التزام القوانين. والأهم من ذلك أن مشروع القانون يشجّع الأفراد والأسر على مراقبة بعضهم خارج الإنترنت وداخلها؛ ما يزيد الضغط الاجتماعي على النساء. وتُظهر هذه الإجراءات مجتمعةً تركيز الدولة المستمر على الحجاب الذي هو أحد أبرز رموز أيديولوجيتها، وما تبذله من جهود لإبقاء قبضتها على المجتمع. وفي حين لم تُفضِ الحركة الاحتجاجية إلى إصلاحات قانونية، فإنها كانت نقطة تحوّل مهمة بالنسبة إلى النساء الإيرانيات وهنّ يعبّرن على نحو جمعي عن مطالبهن ويتحدّين الدولة الأبوية والأعراف الاجتماعية.

ينظر هذا العدد من تقارير إيران في طيف من القضايا المحيطة بحركة "المرأة، الحياة، الحرية"، وكيفية تحديها سياسات الدولة الإيرانية في شأن الحجاب، وعدم المساواة بين الجنسين، والسيطرة السياسية؛ ما أدى إلى احتجاج من أطول الاحتجاجات في إيران ما بعد الثورة.


الباحثون المساهمون

أمير مهدوي: باحث دكتوراه في العلوم السياسية في جامعة كونيتيكت، حاصل على الماجستير في التاريخ ودراسات الشرق الأوسط من جامعتي براندايس وهارفارد. تتركّز اهتماماته البحثية في المؤسسات السياسية والاقتصاد السياسي للأنظمة الاستبدادية. عمل محرّرًا في صحيفة في إيران، وعمل باحثًا في معهد هارفارد للعلوم الاجتماعية الكمية، وفي مركز كراون لدراسات الشرق الأوسط في جامعة براندايس. نُشرت له أبحاث في: The Guardian; Al-monitor; The Washington Post; Foreign Affairs.

جولي ماريوتي: طالبة ماجستير في الجامعة الكاثوليكية للقلب المقدس في ميلانو. تتركز اهتماماتها البحثية في العلاقات الدولية والجغرافيا السياسية والأمن العالمي. وهي متدربة في وحدة الدراسات الإيرانية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.

حميدة درزادة: باحثة، ومنسقة وحدة الدراسات الإيرانية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. عملت مترجمةً ومساعدة بحثية لمشروع "الأخلاقيات الحيوية الإسلامية" في جامعة جورجتاون في قطر. وعملت مستشارة لمشروع "رباعيات" في متحف قطر، وأجرت بحوثًا حول التركيبة السكانية والتطورات الاجتماعية والتاريخية والبيئية والاقتصادية في دولة قطر.

زهرة تيزرو: محاضرة أولى في علم النفس والتغيير الاجتماعي في قسم العلوم النفسية بكلية علم النفس في جامعة شرق لندن. تتركز اهتماماتها البحثية في الجندر والجنس والعنف من منظور عابر للثقافات. نُشر لها كتاب: Domestic Violence in Iran: Women, Marriage and Islam (Routledge, 2012).

مهران كامرافا: أستاذ الشؤون الحكومية في جامعة جورجتاون في قطر، ومدير وحدة الدراسات الإيرانية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. له مقالات كثيرة في عدة مجلّات محكّمة، وألّف العديد من الكتب، منها:

Power and Resilience in Iran (2023); A Dynastic History of Iran: From the Qajars to the Pahlavis (2022); Triumph and Despair: In Search of Iran’s Islamic Republic (2022); A Concise History of Revolution (2020); Troubled Waters: Insecurity in the Persian Gulf (2018); Qatar: Small State, Big Politics (2015).