العنوان هنا
تقارير 27 أغسطس ، 2023

نظرة عامة متعلقة بالتحديات التي تواجهها إيران في التنمية والإسكان والمياه

وحدة الدراسات الإيرانية

وحدة الدراسات الإيرانية، التي تأسست في آذار/ مارس 2020، هي الوحدة المكلفة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بدراسة الشأن الإيراني من وجهة نظر موضوعية وأكاديمية، بهدف إنتاج معرفة أكثر عمقًا لفهم واقع إيران الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي. يرأس الوحدة الدكتور مهران كمرافا، أستاذ الحوكمة في جامعة جورجتاون في قطر، وتُركّز وحدة الدراسات الإيرانية على موضوعين أساسيين؛ العلاقات العربية-الإيرانية في حقول التاريخ والديموغرافيا والفلسفة والاقتصاد والسياسة والعلاقات الدولية والثقافة، والمساهمة في سدّ الفجوة المعرفية حول إيران بوصفها دولةً ومجتمعًا ومؤسسات.


منذ أواخر الثمانينيات، ومع إطلاق خطة التنمية الخمسية الأولى لما بعد الثورة (1989–1993)، منحت إيران الأولويّة لتوفير مساكن ميسورة التكلفة والحصول على المياه الكافية والتنمية الريفية[1]. غير أنّ نجاح خطط التنمية كان محدودًا بسبب تحدّيات السياسة الداخلية والخارجية؛ مثل الفساد، وسوء الإدارة، والعقوبات الدولية الشاملة، والنموّ الاقتصادي المنخفض، ومعدّلات التضخّم المرتفعة الثابتة. لقد كشفت إيران مؤخرًا عن خطة التنمية الوطنية السابعة. وتركّز هذه الخطة أساسًا على تحقيق التقدم الاقتصادي الذي يشكّل تحدّيًا مهمًّا بالنسبة إلى إيران؛ نظرًا إلى تأثيره في القطاعات الأخرى وفي مستويات معيشة المواطنين. وتشمل بعض القضايا الاقتصادية الرئيسة التي تناولتها خطة التنمية الوطنية السابعة (2023-2027) مسائل تتعلّق بالميزانية وسوق الطاقة والقطاع المصرفي[2].

لم تتمكن حكومة إبراهيم رئيسي من إحراز تقدّمٍ كبيرٍ في الاقتصاد، ومن ثمّ في المؤشرات الاجتماعية للبلاد[3]. ولا يزال قطاع الإسكان يعاني ارتفاعًا في الأسعار، وسط استمرار معدّلات التضخّم المرتفعة في البلاد. أما فيما يتعلّق بسياسات الإسكان، فإن رئيسي اتّبع نهج الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد؛ إذ تعهّد ببناء أربعة ملايين منزل بحلول نهاية ولايته في عام 2025. وقد افتتح، في شباط/ فبراير 2023، 10 آلاف وحدة سكنية في كل من المناطق الريفية والحضرية في إيران، وهو جزء من مشروع مهر السكني الذي أطلقه في عام 2007. وكان هذا المشروع يهدف إلى تأمين مساكن للأسر المعيشية ذات الدخل المنخفض[4]. غير أنّ بناء وحدات سكنية لم يُفضِ إلى حلولٍ طويلة الأمد ترتبط بالقدرة على تحمّل تكلفة السكن.

تعرّضت مشاريع الإسكان الكبيرة في إيران، ولا سيّما مشروع مهر السكني، لموجة انتقاداتٍ واسعة من الخبراء. وبيّنت دراسة استقصائية نوعية، أجريت في عام 2020، أنّ الاستياء الاجتماعي من مشروع مهر السكني يرجع إلى ستّة عوامل، هي: التحديات في البنية التحتية ونقص الموارد وعدم إيلاء احتياجات السكان اهتمامًا كافيًا، فضلًا عن العقبات البيروقراطية والمؤسسية والقضايا المتعلقة بالوضع القانوني للأراضي والمباني ومواقع السكن غير العملية[5]. في الإطار نفسه، أُثيرت قضايا مماثلة في دراسة نوعية أجراها بويا علاء الديني ومريم جمشيدي نسب عن سكّان مدينة باراند التي كانت تُنفّذ فيها مشاريع مهر السكنية. وأظهرت النتائج أنّ موقع الوحدات السكنية التي كانت تقع بعيدًا من ضواحي مدينة طهران أثّر في وصول السكان إلى الخدمات والموارد والفرص الحضرية، ومن ثمّ أثّر في الحق في المدينة[6]. لذلك، انخرطت كل من حكومة رئيسي وأسلافها في إجراء إصلاحات سريعة، بدلًا من اعتماد سياسات تعالج مشكلات سوق الإسكان على المدى الطويل.

يعتمد توفير السكن اللائق أيضًا على توفير المياه، وهي من بين خدمات البنية الأساسية المهمة التي تؤثر في سُبل عيش الناس. وقد تفاقمت مشكلات المياه في إيران على مدى السنوات الأخيرة؛ إذ تعاني نقصًا في إمدادات المياه القادرة على الصمود على نحوٍ مستدام. والأهمّ من ذلك أن إيران لا تملك استراتيجية واضحة للاستجابة إلى طلبها المتزايد على المياه. وقد أدّى سوء إدارة المياه، بسبب التوسّع الحضري السريع والتطوّر، إلى تفاقم انعدام الأمن المائي. ويُعدّ تغيّر المناخ عاملًا مهمًّا للهجرة الداخلية، من الريف إلى المدن؛ ما أفضى إلى اختلال التركيبة السكانية[7]. وأصبحت موجات الجفاف والفيضانات تتكرّر على نطاق واسع على مدى السنوات الأخيرة، وهو ما أدى إلى زيادة المظالم الشعبية بشأن عجز الدولة وسوء الإدارة السياسية. وتطرح مسألة الزيادة في عدد سكان المدن أسئلة مهمّة تتعلّق بإدارة المياه والإسكان والتنمية الريفية. ويقدّم هذا العدد من "تقارير إيران"، الذي أعدّه متخصصون مقيمون في إيران، نظرة عامة متعلقة بهذه التحديات الداخلية، فضلًا عن أنه يعرض توصيات مهمة لمواجهة التحديات التي تعترض إيران في مجال السياسات السكانية والتنموية، والمرتبطة بإدارة المياه الحضرية أيضًا.


[1] لتقييم خطة التنمية الأولى لإيران، ينظر:

Hooshang Amirahmadi, “Iran’s Development: Evaluation and Challenges,” Third World Quarterly, vol. 17, no. 1 (1996), pp. 123-147.

[2] “Seventh National Development Plan Unveiled,” Tehran Times, 20/5/2023, accessed on 15/8/2023, at: https://bit.ly/3OEuSGt.

[3] Nikolay Kozhanov, “Between Development, Growth, and Survival: Iran’s Economic Priorities before and under President Raisi,” The Muslim World, vol. 113, no. 1-2 (2023), pp. 45-60.

[4] “Raisi Inaugurates 10,000 Housing Units Across Iran,” Tehran Times, 5/2/2023, accessed on 15/8/2023, at: https://bit.ly/45nP0m8

[5] Saeed Zanganeh Shahraki et al., “Spatial Planning, Urban Governance and the Economic Context: The Case of ‘Mehr’ Housing Plan, Iran,” Land, vol. 9, no. 5 (May 2020).

[6] Pooya Alaedini & Maryam Jamshidinasab, “Mehr Housing and New Communities’ Right to the City: A Case Study of the Parand Project,” Journal of Community Development, vol. 7, no. 2 (2015), pp. 241-258.

[7] Banafsheh Keynoush, “Iran’s Growing Climate Migration Crisi,” Middle East Institute, 30/1/2023, accessed on 15/8/2023, at: https://bit.ly/3B07NWw