العنوان هنا
مراجعات 15 نوفمبر ، 2018

قراءة في كتاب: سير عشر جامعات حكومية عربية

الكلمات المفتاحية

فارس اشتي

أستاذ في كلية الحقوق والعلوم السياسية ومعهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية سابقًا، أشرف على رسائل وأطروحات جامعية عدة. صدر له مؤلفات منها: الإعلام العالمي، مؤسساته، طريقة عمله وقضاياه، ومدخل إلى العلم بالسياسة، وتطور الأحزاب السياسية في لبنان، قراءة في تجربة جمعية التضامن الأدبي ومجلة الدهور: اللحظة التأسيسية للبنان، ميثاقًا ودورًا، التشكل النقابي للأساتذة الجامعة اللبنانية، حدود الربط والحل. كما شارك في تحرير موسوعة السياسة والموسوعة الفلسطينية، ونشر أبحاثًا ومقالات في المجلات والصحف اللبنانية حول الأحزاب السياسية والجامعة وقضايا عامة أخرى.

يقدم كتاب سير عشر جامعات حكومية عربية[1] نموذجًا جديدًا في العمل البحثي العربي، من خلال تناوله بالبحث ظاهرة أو حدثًا أو تنظيمًا أو مؤسسةً في أكثر من بلد عربي، وهي هنا الجامعات الحكومية، ليصار إلى المقارنة بينها؛ ومن ثمّ تُبنى في ضوء ذلك خلاصات تعزز فهم الموضوع المطروق وتطويره، وقد تكون قاعدة يمكن أن يدخل فيها دعاة التنسيق والوحدة من معبر بحثي، لا خطابي، إلى ما ينشدون.

اشتمل الكتاب على عشرة أبحاث لعشر جامعات عربية حكومية، وكان كل باحث لصيقًا بالجامعة التي بحث، وهذه ميزة أولى. وكان أحدهم، عدنان الأمين، الخبير في هذا الحقل والمشارك في هيئتين تربويتين[2] منسقًا، وهذه ميزة ثانية. وقد عقد الباحثون وآخرون من ذوي الخبرة ورشة عمل لمناقشة المسوّدة الثانية لكل بحث، وهذه ميزة ثالثة. وكان المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات راعيًا للورشة وللنشر، وهذه ميزة رابعة.

وقد عرض كل بحث ثلاثة محاور تخص الجامعة التي تناولها: نشأتها وتطورها، وأهدافها، وبنيتها. وكان لكل بحث أسلوب في العرض وفي إثارة القضايا؛ تبعًا لخصوصية الجامعة واختصاص الباحث ومقتربه.

ويمكن قراءة الكتاب من أكثر من زاوية ووفقًا لأكثر من معيار، وقد يكون الأجدى والأقرب لنيات المخططين له والعاملين فيه قراءته تبعًا للمحاور المعالجة.

 أولًا: محور النشأة والتطور

يلاحظ الآتي:

1. اختلاف في تاريخ النشأة

يمكن إدراجه في ثلاثة أزمنة:

  • زمن مطلع القرن العشرين وما قبل الاستقلال (جامعة الخرطوم 1902، وجامعة القاهرة 1908، وجامعة دمشق 1913).
  • زمن منتصف القرن العشرين وما بعد الاستقلال (لبنان 1953، وتونس 1960، وليبيا 1955، والأردن 1962).
  • زمن أواخر القرن العشرين (صنعاء، 1970، والسلطان قابوس 1986).

2. اختلاف في ظروف النشأة

يمكن إدراجه في:

  • بيئة مدنية استشعرت الحاجة إلى ضرورة وجود جامعة، ودافعها إلى ذلك متعدد الأبعاد: بناء ثقافة وطنية جامعة ونخبة موحِدة وموحَدة، وتكوين كادر وطني يلبي حاجات البلد الاقتصادية والاجتماعية والإدارية، والاقتداء بالدول الأكثر تقدمًا. وقد مثّل ذلك جامعة القاهرة (1908)، والجامعة اللبنانية (1953)، والجامعة الأردنية (1962).
  • بيئة رسمية استشعرت الحاجة إلى وجود جامعة، ودافعها متعدد الأبعاد: تكوين كادر وطني يلبي حاجات البلد الاقتصادية والاجتماعية والإدارية، ومواكبة الدول الأكثر تقدمًا. ومثّل ذلك جامعة دمشق (1918)، وجامعة الخرطوم (1903).
  • بيئة رسمية استشعرت الحاجة إلى وجود جامعة لإرساء بناء دولة، إنْ بتوفير كادر وطني لإدارتها أو بإنماء قوى تحد من المعوقات المجتمعية لقيامها. ومثّل ذلك جامعة صنعاء، (1970)، وجامعة السلطان قابوس (1986).

3. اختلاف في مسار التطور

يمكن إدراجه في ثلاثة سياقات:

أ. سياق الحكم الديمقراطي

اقتصر تدخله على حدود ضيقة، أو بالأحرى حُدّ من تدخله بمواجهات أساتذة الجامعة وطلابها. وعنى ذلك أمرين متناقضين: استقلالية الجامعة، واقتصار الطلاب على أعداد محدودة. وهذا السياق على سويتين: سوية الدول قبل الانقلابات العسكرية (مصر 1952، والسودان 1958، وسورية 1963)، وسوية الدول في أول عهدها بالاستقلال وإقامة الجامعة (تونس، وليبيا، والكويت، وعُمان).

ب. سياق الحكم العسكري

عرفته مصر (1952)، والسودان (1958)، وسورية (1963)، وليبيا (1969)، وقد عرف هذا السياق تراجعًا في استقلالية الجامعة وتدنّيًا في إنتاجها العلمي، مقابل الازدياد في عدد طلابها والتوسع في كلياتها.

ج. سياق الحكم المقيد

عرفته الدول الحديثة العهد بالاستقلال والدول الحديثة العهد بالتكون الدولتي. وقد عُرِف في هذا السياق ضعف استقلالية الجامعة واطّراد توسعها في الكليات وفي عدد الطلاب والأساتذة.

ثانيًا: محور الأهداف

يُلاحظ الآتي:

  • غلبة هدف توفير كوادر لأجهزة الدولة وإداراتها، وتوفير معلمين للمدارس، على غيرها من الأهداف في الجامعات كافة، وبخاصة في أول مراحلها، وأضيف توفير الأخصائيين في مختلف القطاعات في المراحل التالية، ولا سيما في الدول التي عرفت الانقلابات العسكرية وتبنّت سياسة التنمية في برامجها.
  • ضعف استهداف البحث العلمي؛ الذي قد يكون ضعفًا فعلًا، كما أنه قد يكون من جهة عدم إيلاء الباحثين هذا الجانب أهميةً في دراساتهم، مع ترجيح الضعفين، وقد يكون الثاني نتيجة للأول؛ فالملاحظ اقتصار هذا الهدف على جامعة القاهرة، أولًا، فهذا ما أراده مؤسسوها (ص 31) واستقرت عليه فلسفتها في عام 1935 (ص 41)، من دون أنْ يظهر استمرار هذا الهدف أو فعاليتها في مرحلة ما بعد 1952، ثم جامعة الخرطوم، ثانيًا، التي ساهمت بالإنتاج البحثي في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والتراثية (ص 301-302)، وجامعة تونس، ثالثًا، التي أنجز أساتذتها أبحاثًا حول المجتمع التونسي وتحولاته، وكان، رابعًا، لبعض الجامعات التفاتة نحو البحث العلمي؛ مثل إعلان إدارة الجامعة الأردنية التحول نحو الجامعة البحثية (ص410)، وإصدار تشريعات وتنظيمات لإحداث مراكز أبحاث في جامعة دمشق (ص 139)، ونص لائحة جامعة السلطان قابوس على مجلس البحث العلمي (ص 522)، من دون أن تَرِد ممارسات فيها.
  • ضعف استهداف إنتاج نخبة موحِدة وموحَدة في المجتمع، أو بالأحرى عدم وعي هذه النخبة الهدفَ، والتطرق العابر له. واقتصر هذا الاستهداف، أو الإعلان عنه، على بعض الجامعات؛ فجامعة القاهرة اعتبر مؤسسوها أنّ وظيفتها هي نهضة الأمة، واستقرت على التأثير الإيجابي في مسيرة المجتمع (ص 29، 41)، وجامعة تونس أُريد لها تكوين الإطارات العليا في الدولة، حين التأسيس، والمشاركة في أعمال تنمية البلاد وإعانة مختلف قطاعات النشاط الوطني (ص 35)، وجامعة الكويت التي أُريد لها "تطوير الحياة الثقافية وتدعيم شخصية الدولة" (ص 419)، وجامعة دمشق التي حددت رسالتها، بعد استلام البعث للحكم، بالوحدة العربية ثم الحرية والاشتراكية (ص 27)، وإن كان هذا الاستهداف قد تحقق، كما لاحظ أسعد الحكيم في جامعة دمشق (ص 123).
  • ضعف التطرق إلى الاستهداف الأساسي والمعلن في قيام كل الجامعات؛ أي التعليم، وإن كانت الدراسات استنتجت مستواه الجيد حين قيام الجامعات، وتراجعه حين توسع التعليم.

ثالثًا: محور البنية

يُلاحظ الآتي:

1. المبنى

غلب على الجامعات المدروسة، حين التأسيس، عدم وجود مبنى خاص بها، باستثناء جامعة السلطان قابوس، ثم تمّت إقامة مبانٍ جامعية كانت في غالبيتها متعددة المواقع، تبعًا للاختصاصات أو المناطق، باستثناء جامعتَي الأردن والكويت القائمتين على موقع واحد.

2. الكليات

غلب على الجامعات المدروسة الانطلاق بكلية واحدة - وغالبًا ما كانت الآداب - أُلحِقت سريعًا بكليتَي الحقوق والعلوم، ثم التوسع، وكلها توسعت، على مراحل؛ بعضها توسع قبل الطفرات الانقلابية (القاهرة، والخرطوم، ودمشق، وتونس)، وبعضها زاد توسعه مع هذه الطفرات (مصر، وسورية، وليبيا، والسودان ... إلخ)، وكلها شهدت التوسع في ثمانينيات القرن العشرين.

3. الإدارة

كل الجامعات المدروسة نصّت على الإدارة الجماعية، وعلى استقلالية الجامعة وحضور السلطة السياسية فيها، إلا أنّه كان ثمة تفاوت حادٌّ بينها؛ تبعًا لنظام الحكم في كل منها الذي لم يكن واحدًا في البلد نفسه. ويلاحظ أن فعالية هذه الإدارة واستقلاليتها كانت مرتبطة بديمقراطية النظام السياسي، والمثل الأبرز جامعة الخرطوم؛ إذ جرى تناوب بين الحكمين الديمقراطي والعسكري على البلد، ولا يعني ذلك فعاليتها في كل الدول التي لم تعرف الانقلابات العسكرية، فبعضها كان بحكمها (الأردن)، وبعضها الآخر عرف، في حد ذاته، تأخرًا متعلقًا باستواء الدولة (عُمان، وصنعاء).

4. الأساتذة

تفاوتت الجامعات المدروسة في عدد الأساتذة، ومستواهم العلمي، ومشاركتهم في إدارة الجامعة، وتشكلهم النقابي، وحراكهم المجتمعي.

أ. مستوى العدد

زاد عدد الأساتذة في كل الجامعات المدروسة؛ إنْ لزيادة عدد الكليات أو الفروع، أو لزيادة عدد الطلاب. وتفاوتت هذه الزيادة بين جامعة وأخرى تبعًا لعدد سكان البلد.

ب. مستوى الكفاءة العلمية

لاحظ العرض، تراجعًا في كل الجامعات مع تفاوت في الأسباب والزمن؛ فبعض هذا التراجع ارتبط بغلبة التسيس على الأكاديميا وبديمقراطية التعليم (مصر بعد 1952، وسورية بعد 1963، وليبيا بعد 1969)، وبعضها الآخر ارتبط بحداثة الدولة وضرورات توسع التعليم (صنعاء، والكويت، وعُمان)، وكل ذلك مرتبط بنقص موازنات البحث العلمي.

ج. مستوى المشاركة في إدارة الجامعة

يشارك الأساتذة في كل الجامعات المدروسة في إدارتها؛ إذ إن الرئيس والعمداء ورؤساء الأقسام هم منهم، لكن هذه المشاركة بالتعيين، وكذا مجالس الأمناء ومجالس الجامعة ومجالس الكليات؛ فالأساتذة المعينون هم عمادها. أما مشاركة الأساتذة الجماعية، فهي نادرة وتنحصر في:

  • انتخاب الأساتذة لرئيس الجامعة السورية، ثم إصدار رئيس الجمهورية مرسومَ تعيينِه في عام 1923، وهي الحالة الوحيدة التي لم تدم طويلًا، وتعيين رئيس الجمهورية في لبنان رئيس الجامعة من بين أسماء يرفعها مجلس الجامعة (1970-1975) وما بعد 1992، على تقطع، ويُعيّن الرئيس في ما تبقى من جامعات.
  • تعيين العمداء في الجامعة التونسية من قائمتَي ترشيح من مجلس الكلية ومجلس الجامعة، من تأسيسها حتى اليوم، مع استثناءات قليلة، وتعيين العمداء في الجامعة اللبنانية من لائحتَي ترشيح من مجلس الكلية ومجلس الجامعة (1970-1975)، و(2009-2018).
  • انتخاب الأساتذة عضوين في كل مجلس كلية في الجامعة التونسية من بين 9 أعضاء معينين حتى عام 1952، ثم سيادة الانتخاب لمجلس الجامعة حتى عام 1986، وأصبح الانتخاب بعد انتفاضة 2011 شاملًا كل المستويات. يضاف إلى ذلك انتخاب الأساتذة في كل كلية في الجامعة الأردنية ممثلًا عنهم في مجلس الجامعة الذي يلي مجلس الأمناء، على أنّ صلاحياته غير تقريرية.
  • استقرار مبدأ اختيار الأساتذة 11 من أعضاء مجلس الجامعة الـ 30 في جامعة السودان (1956-1958)، والعودة إلى هدا القانون بعد كل عودة إلى الحكم الديمقراطي، وانتخاب أساتذة كل كلية ممثلًا للأساتذة في مجلس الجامعة اللبنانية (1970-1975)، و(1993-2016 على تقطع).
  • انتخاب الأساتذة والطلاب والموظفين في الجامعة الليبية، بعد انقلاب 1969، كل الهيئات الأكاديمية التي تغير اسمها إلى لجان شعبية، وهي مشاركة لا تندرج، تمامًا، في المشاركة الأكاديمية.

د. مستوى التشكل النقابي

لم يُعرف التشكل النقابي للأساتذة إلا في جامعتين، وبكلام أدق لم تذكر الدراسات ذلك، نفيًا أو إيجابًا، والجامعتان المقصودتان هما الجامعة اللبنانية؛ حيث تشكلت رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية عام 1975 وما زالت مستمرة، مع تقطع في الحرب وهيئات تنسيقية قبلها، والجامعة التونسية؛ حيث تأسست نقابتان: النقابة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي (1967) ونقابة الأساتذة والأساتذة المحاضرين (1971) وما زالتا مستمرتين. ومن غير المستبعد وجود تشكيلات نقابية في جامعات أخرى، وبخاصة جامعة الخرطوم، وجامعتَي دمشق وليبيا قبل الانقلابات، لكن الدراسات لم تُشر إليها. كما أنّ الدراسات العشر لم تخصص حيزًا لحراك الأساتذة.

 5. الطلاب

تفاوتت الجامعات المدروسة في عدد الطلاب ومستواهم العلمي ومشاركتهم في إدارة الجامعة وتشكلهم النقابي وحراكهم المجتمعي.

أ. مستوى العدد

زاد عدد الطلاب زيادة ملحوظة في الجامعات كافة، واقترنت الزيادة بتغير في البنية الطبقية والمناطقية للطلاب، وكان العدد من الجنسين، وإن كان عدد الطالبات أقل، وفُرض في بعضها عدم الاختلاط (الكويت).

كانت أي جامعة حين تأسيسها مقصورة على أبناء ميسوري الحال في المدينة وأبناء الوجهاء في الريف، ثم تحولت لتشمل أبناء الفئات كافة، وبخاصة الفقيرة، وأبناء الأرياف، وكان تدشين ذلك بفعل ديمقراطية التعليم التي طُرِحت بعد الانقلابات، وعممت بعد ذلك.

ب. مستوى المشاركة

لم تعرف مشاركة للطلاب في إدارة الجامعة إلا في حدود محصورة، وفي بعض الجامعات، مثل:

  • الجامعة اللبنانية؛ إذ أتاح تشكل الطلاب لاتحادهم تمثيلًا في مجالس الكليات ومجلس الجامعة في الفترة 1971-1975، ولم تلاحظ مشاركتهم بعد وقف الأعمال العسكرية وإعادة العمل بمجلس الجامعة، على تقطع، ومجالس الوحدات، لعدم تجديد اتحادهم.
  • الجامعة التونسية؛ إذ أتاحت إضرابات الطلاب وحراكهم في عام 1968 تمثيلًا للطلاب في مجالس الكليات بخمسة أعضاء.
  • الجامعة الأردنية؛ مُثِّل الطلاب في مجلس الجامعة بطالب واحد، وقد يكون خريجًا (ص 387).
  • الجامعة الليبية؛ إذ أتاح تعديل مسميات الهيئات القيادية، في مرحلة ما بعد انقلاب 1969 وعهد القذافي، مشاركة الطلاب في إدارة الجامعة في اللجنة الشعبية للجامعة عبر أمين الرابطة الطلابية وفي اللجنة الشعبية للكلية. وكان كل أعضاء اللجنة منتخبين من الأساتذة والطلاب والموظفين (ص 225-226).

ج. مستوى التشكل النقابي

تظهر دراسات الجامعات العشر تشكلًا نقابيًا فيها كلها، مع اختلاف في عرض هذه التشكلات بين الدارسين، كما يظهر العرض اختلافات بين هذه التشكلات، ويمكن المقارنة بين هذه التشكلات تبعًا لعدة معايير، ثمّ تبعًا لمعيار الاستمرارية؛ فقد عرفت الجامعات المدروسة ثلاثة أنواع من التشكلات النقابية:

  • نوع واكب تأسيسها واستمر، رغم تقطع فرضته السلطة، وتفاوت في الفعالية، وتبدل في الجهة المهيمنة، وقد عُرف هذا النوع في:
  • جامعة الخرطوم؛ حيث تشكل أول اتحاد في عام 1938 (كلية غوردون)، ثم اتحاد عام طلبة السودان في عام 1948 الذي استمر حتى اليوم، وتفاوتت حدود فعاليته تبعًا لطبيعة الحكم، وقد تناوب على قيادته الاتجاهان اليساري والإسلامي.
  • جامعة تونس؛ حيث تشكل أول اتحاد قبل تأسيس الجامعة، وقبل الاستقلال (الاتحاد العام لطلبة تونس بباريس في عام 1951)، واستمر بعد الاستقلال وتأسيس الجامعة حتى اليوم، وتفاوتت فعاليته بين مرحلة وأخرى تبعًا لمحاولات اليسار مواجهة إمساك السلطة بقيادته، وقد تناوب على قيادته الحزب الحاكم واليسار.
  • جامعة الكويت؛ حيث تأسس الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، أينما كانوا، قبل تأسيس الجامعة، وكان فاعلًا بعد تأسيسها، وكان الاتجاه اليساري - العروبي مسيطرًا حتى عام 1978، وأصبح الاتجاه الإسلامي مسيطرًا بعد ذلك.
  • جامعة دمشق التي عرفت التشكل النقابي لطلابها قبل الاستقلال، فكانت رابطة طلاب الجامعة السورية وعلى حوافها: جماعة الأبحاث في كلية الآداب، والندوة الثقافية والحلقة العلمية والحلقة الفنية ورابطة العروة الوثقى (1947). ولم يتمّ عرض التشكل النقابي للطلاب ما بين مطلع الخمسينيات وتأسيس الاتحاد الوطني لطلبة سورية (1963)، رغم الصخب السياسي الذي عرفته سورية، آنذاك، وما زال منذ تأسيسه حتى اليوم، رغم تغير وجهته، إذ أصبح أداة من أدوات الحزب الحاكم، وهو ما يتعارض مع الطبيعة النقابية التي تفترض موقعًا معارضًا، على الدوام (ص 120، 125، 198).
  • الجامعة الأردنية التي عرفت العمل النقابي لطلابها في عام 1973، بعد عشر سنوات من تأسيسه، رغم وجود اتحاد لطلاب الأردن الجامعيين في الخارج، والقاهرة (1965)، ثم دمشق (1967)، ثم بيروت (1971)، واتحاد للطلبة المسلمين داخله (1965). وقد استمر الاتحاد مع تغيرات شملت أطره بين اتحاد عام للطلاب واتحادات موضعية في الكليات (1989)، وغلب على قيادة الاتحاد في الداخل الاتجاه الإسلامي؛ إذ كان عمل الإخوان المسلمين مسموحًا به، وغلب على الاتحادات في الخارج الاتجاه المعارض، فقد كان العمل في الداخل ممنوعًا على أحزابها.
  • نوع متقطع، وقد عُرِف هذا النوع في:
  • جامعة القاهرة التي عرفت التشكلات النقابية ضمن اتجاهات سياسية، وأبرزها اللجنة الوطنية للطلاب والعمال في عام 1946 (شيوعيون ووفديون). ولم يتمّ عرض تشكلات نقابية بعد عام 1952، رغم حضور تحركات طلابية، في أكثر من مفصل سياسي (1968، 1972 ... إلخ).
  • الجامعة اللبنانية التي عرفت العمل النقابي حين تأسيسها (1953)، بل كان العمل النقابي لطلاب لبنان في الجامعات الخاصة والثانويات مساهمًا أساسيًا في التأسيس، لكنه انكفأ حتى الستينيات من القرن العشرين؛ حين ازدادت الكليات وقامت روابط طلابه فيها، وكان مطلع السبعينيات، تاريخ تأسيس الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية الذي استمر فاعلًا حتى بدْء الحرب (1975)، ولم يجدد الاتحاد، بعد وقف الأعمال العسكرية في عام 1989، حتى الآن.
  • جامعة ليبيا التي شُكِّل أول اتحاد للطلاب فيها في عام 1966-1967، ولم يتح حكم القذافي بعد عام 1969 له الاستمرار؛ إذ استعاض عن الأحزاب والنقابات باللجان الشعبية، ولم تفلح تحركات الطلاب في تأسيس اتحاد جديد لهم.
  • نوع متوثب، وقد عُرِف في جامعتين حديثتَي العهد:
  • جامعة صنعاء (1970) التي لمّح البحث إلى وجود تشكلات نقابية فيها. ففي سياق التنافس بين السلطة والمعارضة، "حرص كل منهما على الاستحواذ والسيطرة على الاتحادات الطلابية وتوجيهها" (ص 486)، وذكر هذا التنافس في أول انتخابات للاتحاد في عام 1982 حتى اليوم (ص 471)، ولم يُظهر العرض هذا التشكل الذي يقدر وجوده، كاتحاد، في عام 1982.
  • جامعة السلطان قابوس (1986) التي أُريد لها أن تكون جامعة النخبة حين التأسيس، وقد بدأت بزيادة عدد طلابها، الذين لم يتوانوا في المطالبة بإقامة اتحاد لهم في عام 1996 وعام 2001، إلّا أنّ السلطة لم تسمح بذلك واستعاضت عن مطلب الاتحاد بإقامة مجالس استشارية للطلاب في عامَي 2011 و2014، وتظهر مهماته من خلال لجانها: لجنة الشؤون الأكاديمية، ولجنة الخدمات الطلابية، ولجنة الأنشطة والمبادرات، فضلًا عن تمثيل الطلاب في مجلس الجامعة بعضوين (ص 554-556).

د. مستوى الحراك المجتمعي

تظهر الدراسات حراكًا فاعلًا لكل الجامعات المدروسة، وهو حراك على نوعين: حراك لقضايا جامعية، وهو الأقل، أو بالأحرى الأقل غرضًا، وحراك لقضايا عامة، وطنية وقومية. ويلاحظ، في هذا المستوى، ارتباط الحراك الطلابي بالسياسة، بيئة وسلطة وأحزابًا وقضايا:

  • ففي البيئة، كانت الحكومات الديمقراطية أكثر ليونة وتجاوبًا مع تحركات الطلاب، خلافًا للحكومات غير الديمقراطية، التي صادر بعضها الذي حمل شعارات القضايا الوطنية، حراكَ الطلاب؛ إنْ بالمزايدة عليها، أو بقمعها. وكانت المواجهة بين الطرفين عنيفة.
  • وفي السلطة، كانت السلطات المدنية قابلة بالحوار مع الطلاب ومتفهمة لحراكهم ومطالبهم، في حين كانت السلطات العسكرية رافضة للحوار وقامعة للحراك.
  • وفي الأحزاب، كان الحراك وثيق الصلة بها، تحالفًا أو تخاصمًا، وكان في الحالين متصدرًا حراك القطاعات الأخرى في الأحزاب.
  • وفي القضايا، كانت قضية فلسطين متصدرة قضايا الحراك العامة ومجمعًا عليها بين الطلاب وكذا قضايا الخدمات الجامعية، في حين كانت قضايا الحكم الداخلي، في الغالب، مختلفًا فيها.

خاتمة

تُفضي هذه المقارنة بين الجامعات، تبعًا لدراسات الكتاب، إلى جملة ملاحظات حول الكتاب:

  • جدية الدراسات في العرض والتحليل والمعطيات الواردة فيها.
  • تفاوت الدراسات في عرض القضايا المطروحة، تبعًا لما ظهر في المقارنة.
  • الحاجة إلى استكمال الدراسات بدراسة جامعات في دول عربية أخرى لها خصوصيتها (السعودية، والمغرب، والعراق، والجزائر، وموريتانيا).
  • الحاجة إلى دراسات تُبنى على دراسات الكتاب نفسها، وعلى دراسات مقترحة لجامعات عربية أخرى؛ من أجل مقارنة أكثر توسعًا وتدقيقًا، تؤدي إلى اقتراحات وخطط لإنهاض الجامعات الحكومية.


[1] مجموعة مؤلفين، سير عشر جامعات حكومية عربية (الدوحة/ بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2018).

[2] الهيئة اللبنانية للعلوم التربوية وشبكة المعلومات العربية التربوية.