/ACRPSAlbumAssetList/2024-daily-images/001.jpg
دراسات 23 مايو ، 2024

قراءة في كتاب: "الأغراس والبساتين في المغرب الأقصى خلال العصر الوسيط وبداية العصر الحديث"

عبد الإله بنمليح

​أستاذ التعليم العالي في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ظهر المهراز، فاس، المغرب.

المؤلف: المصطفى طهر.

الكتاب: الأغراس والبساتين في المغرب الأقصى خلال العصر الوسيط وبداية العصر الحديث: الانتشار والوظائف والانحسار.

مكان النشر: فاس.

الناشر: منشورات مختبر التراب والتراث والتاريخ، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، مطبعة آنفو – برانت.

سنة النشر: 2022.

عدد الصفحات: 147 صفحة.

الكتاب في سياقه الموضوعاتي – المجالي

يلفت نظرنا في الكتاب أمران: أولهما انصراف المؤلف إلى البستنة والأغراس أساسًا، ولم تكن إشاراته إلى الفلاحة إلا ضرورة يقتضيها السياق. وثانيهما اتخاذه المغرب الأقصى مجالًا لموضوع كتابه، وهو ما جعله متميزًا من دراسات مغربية وغير مغربية حديثة، من قبيل كتاب الأستاذ يوسف نكَادي، وقبله الأطروحة الجامعية التي أنجزها مصطفى عبد القادر غنيمات، وخَصّص القسم الثالث منها لـ "الفلاحة في المغرب والأندلس"، في مئتي صفحة، من أصل 398 صفحة (أي بنسبة تصل إلى 50 في المئة)، غير أن القارئ يفاجَأ بأن حضور المغرب اقتصر على العنوان فقط. فقد ركز صاحب الأطروحة على الأندلس من بداية عمله حتى نهايته.

والواضح أنّ التوجه بالبحث نحو الفلاحة الأندلسية يجد تفسيره في وفرة نسبية في النصوص والمصادر والكتابات الفلاحية، مقابل ندرتها في المغرب الأقصى. وهو ما تؤكده قراءة كتاب الفلاحة والتقنيات الفلاحية بالعالم الإسلامي في العصر الوسيط، الذي ضم عشرة مقالات، صنّفناها مجاليًا، كالتالي:

- خمسة مقالات عن الأندلس: أربعة بتصريح واضح في العنوان، وواحد يهم مصادر ابن البيطار في القرن السادس الهجري/ 12م.

- مقال واحد عن إفريقية.

- مقال واحد عن المشرق، وترد فيه إشارات مغربية متفرقة عن الحناء، خارج العصر الوسيط، إذ تعود إلى سنة 922ه/1559م؛

- مقال واحد عن أوروبا القديمة؛

- مقالان، نصَّ صاحب المقال الأول في العنوان على المغرب والأندلس، وأثبت صاحب المقال الثاني في العنوان: الغرب الإسلامي.

والمطّلع على مقال سعيد بنحمادة المعنون: "التراث الفلاحي الإسلامي بالمغرب والأندلس خلال العصر الوسيط: مقوماته ومراحل تطوره"، لا يجد عناءً في تسجيل حضور المغرب بنماذج وإشارات قليلة جدًّا تهمّ مدينتَي مراكش المرابطية الموحدية، وفاس المرينية، عكس ما يحيل عليه الاختيار المجالي في العنوان، وهو المغرب والأندلس.

أما محمد حناوي فقد كان منصفًا في مقاله، عندما تناول أنموذجين، الأول أندلسي: كتاب الفلاحة لابن العوام الإشبيلي الذي خَطَّه في ضواحي إشبيلية في النصف الثاني من القرن السادس للهجرة/ الثاني عشر للميلاد، والأنموذج الثاني مخطوط مغربي مراكشي: "سيرة أجود الأنجاد في مراتب الجهاد" لأبي عبد الله محمد بن أبي سعيد عثمان المراكشي (من أهل القرن 7 أو 8ه). وكان الموضوع البيطرة وليس الفلاحة.

هذا باختصار عن وضع كتاب الأستاذ المصطفى طهر، الذي لا يعكس صغرُ حجمه محدودية فائدته، بقدر ما يعكس اقتحامَه موضوعًا بكرًا لم يحظ بعناية لافتة، في شقّيه: الموضوعاتي المتمثل في البستنة، والمجالي المتمثل في المغرب الأقصى. ولنا اليقين أنه سيكون لهذا العمل ما بعده، إذا ما انتبه إليه النبهاء والنجباء من طلبتنا المقبلين على اختيار مواضيع جديدة لأطاريحهم الجامعية.



*هذه المراجعة منشورة في العدد 20 من دورية "أسطور" (شباط/ فبراير 2024)، وهي دورية محكّمة للدراسات التاريخية المتخصصة، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا كل ستة أشهر.
** تجدون في موقع دورية "أسطور" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.