العنوان هنا
مراجعات 11 مايو ، 2022

مراجعة كتاب "نوعان من البشر: تشريح العنصرية العادية"

محمد مزيان

أستاذ التعليم العالي مساعد تخصص تاريخ معاصر، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة ابن طفيل، القنيطرة، المغرب.

عنوان الكتاب: نوعان من البشر: تشريح العنصرية العادية.

عنوان الكتاب في لغتهLes deux espèces humaines: Autopsie du racisme ordinaire.

المؤلف: دوني بلوندان Denis Blondin.

ترجمة: عاطف المولى.

الناشر: الدوحة/ بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.

سنة النشر: 2020.

عدد الصفحات: 296 صفحة.


مقدمة

تشكّل العنصرية، بمختلف أنواعها وأشكالها، موضوعًا لدراسات أكاديمية من تخصصات متنوعة ومتقاطعة، بهدف إبراز تجلياتها ومسارها التاريخي والسياسي ووقعها النفسي والاجتماعي ورموزها الأنثروبولوجية، وإظهار تغلغلها في العقلية الغربية وفي الخطاب السياسي والاجتماعي؛ إذ تعددت الدراسات التي استندت إلى تحليل بنية العلاقة بين الغرب والآخر وتفكيكها، مرتكزة على ثنائية "الأنا" و"الآخر"، وعلى جدلية "الأصلي" و"الوافد"، و"المحلي" و"الوطني" أو "الكوني"، وعلى الثقافات المحلية والعالمية، وغيرها من المرتكزات والتعابير الثقافية التي تكرّس التمايز بين البشر، عن وعي، أو عن غير وعي، كما تكرّس النظرة الاستعلائية لطرف ما تجاه طرف آخر.

طرحت العنصرية إشكاليات عديدة من قبيل ما يلي: كيف ينظر الغرب إلى الإنسانية بوجه عام؟ وما محددات النظرة الغربية إلى الآخر المخالف له في الدين والعرق واللغة والأطر الثقافية؟ لقد أنتجت العنصرية خطابًا غربيًا عن حقوق الإنسان والديمقراطية والمقاومة الجندرية والهويات واختلاف الثقافات، وأنتجت، في المقابل، خطابًا مضادًّا للخطاب السابق يسعى لإبراز ذاته وتوضيح المناطق الحدودية حيث تتصل الثقافات والمواقف وتنفصل. ففي مجال اجتماعي، يتواصل فيه إعلان موت الأيديولوجيات، يبقى الخط الفاصل بين أنصار العنصرية وأعدائها هو ذلك الانشطار الذي يفصل بين رؤى كونية متعارضة داخل مجموعات من الأشخاص الذين يملكون قواسم مشتركة تشكّل ثقافتهم.

وفق هذا السياق، يأتي كتاب الباحث الكندي دوني بلوندان نوعان من البشر: تشريح العنصرية العادية. وقد اعتمد المؤلِّف على هندسة بنائية في كتابه، فقسّمه إلى ثمانية فصول، فضلًا عن مقدمة وخاتمة، سعى من خلالها إلى تحليل فكرة تغلغل العنصرية والخطاب العنصري في الممارسة الغربية بأنماط متعددة، وتشريح التصور الغربي للعالم، عاملًا على إبراز وعي ليس كونيًّا فقط، أو إنسانويًّا بالمعنى الذي عمل فيه الغرب على تطبيق هذه الفلسفة الأخلاقية في علاقاته بالنوع البشري الآخر، بل هو وعيٌ مرجعه الإنسان العاقل Homo sapiens؛ أي إنه مؤسس على جماعتنا الحيوانية: الوعي بانتماء جميع البشر إلى النوع الواحد: الإنسان العاقل (ص 9).


* هذه المراجعة منشورة في العدد 39 (شتاء 2022) من مجلة "عمران" وهي مجلة فصلية محكمة متخصّصة في العلوم الاجتماعيّة، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا.

** تجدون في موقع دورية "عمران"  جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.