مقدمة

بقيت منطقة القرن الأفريقي، على مدار العقود الماضية، بؤرة للصراعات الداخلية والخارجية، وساحة للاشتباكات والحروب الدامية، وميدانًا للمآسي والمجاعات، وذلك بسبب التوترات الاجتماعية القبلية وتمييع الحدود السياسية التي أدّت إلى خلخلة البنى الاجتماعية فيها واستفحال الحروب البينية، مثل حرب الاستقلال الإرتيرية (1961–1991)، وحرب الحدود الأثيوبية الصومالية (1982)، والحرب الإرتيرية - الأثيوبية (1998–2000)، إضافة إلى الحروب الداخلية الأهلية، مثل الحرب الأهلية الأثيوبية (1974–1991) والحرب الأهلية الصومالية (1991–الآن) والحرب الأهلية الأثيوبية (2020–الآن).

أدى موقع القرن الأفريقي الجيوسياسي، المُطلّ على مضيق باب المندب الذي صار ممرًّا مائيًا مهمًا عقب افتتاح قناة السويس في عام 1889، حيث تمرّ عبره 12 في المئة من التجارة العالمية، إلى تحوّله إلى مسرح لتدخلات القوى الدولية التي سبق أن بسطت سيطرتها عليه أكثر من مرة خلال الحقبة الكولونيالية، بدءًا من البرتغاليين، مرورًا بالإيطاليين والفرنسيين، وصولًا إلى البريطانيين.

* هذه المراجعة منشورة في العدد 62 (أيار/ مايو 2023) من دورية "سياسات عربية" (الصفحات 139-146)وهي دورية محكّمة للعلوم السياسية والعلاقات الدولية، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا كل شهرين.