موضوع المقالة هو المعضلات الأخلاقية التي تواجه الإنسانية، نتيجة للأعمال الوحشية التي تُرتكب خلال الحرب على غزة، والوسائل التي تستخدم لتحييد الحكم الأخلاقي على ما يُرتكب من جرائم ومعالجتها على حدة، على الرغم من التجييش والاستقطاب السياسي وحتى الهويّاتي المرافق للحرب. لا تنطلق المقالة، إذ تقوم بذلك، من أن الأخلاق تقتصر على مبادئ فوقية تشتق منها الأحكام بالقياس والمحاكمة العقلية، بل إنها قبل ذلك تعود إلى طبائع يفترض وجودها في البشر (التمسك بالحياة، النفور من التسبب في الألم الجسدي للبشر، التطلع إلى الاعتراف ... إلخ).
وهذه ليست في حد ذاتها مبادئ أخلاقية، بل تشكّل أساسًا طبيعيًا لنشوء الأخلاق (وهي في الوقت نفسه يمكن أن تشكّل نواةً لقيم إنسانية كونية). ويجوز الحكم أخلاقيًّا على أفعال الدول انطلاقًا من أحكام الفرد الأخلاقية وبناءً على المعايير الأخلاقية التي أرستها الدول في مواثيق ومعاهدات، ولا يجوز أن تُحيَّد الأخلاق زمن الحروب. وتجادل المقالة بأنه إذا كانت إسرائيل وأصدقاؤها يبررون جرائمها بأنها دفاعٌ عن النفس، فإن ذلك محض كذب، لأن إسرائيل دولة احتلال، وليس للاحتلال حق الدفاع عن النفس، بل إن حق الدفاع عن النفس (وهو حق مشروط) متمثل في مقاومة الاحتلال. وأما وصف المقاومة الفلسطينية في غزة بأنها "شر مطلق فليس حكمًا أخلاقيًّا بقدر ما هو استراتيجية هادفة إلى حظر محاولات فهم خلفية عمليات المقاومة. كما تُجري المقالة نقاشًا مع يورغن هابرماس وشيلا بن حبيب حول مواقفهما من الحرب على غزة، وتنقد انحيازهما إلى إسرائيل، وتكشف المغالطات التي وقعا فيها.
* نشرت صيغة أولى من هذه المقالة بعنوان "قضايا أخلاقية في أزمنة صعبة" على
موقع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. وقد طلبت هيئة تحرير دورية
تبين
استثنائيًّا نشرها؛ إذ وجدت أنها تضيف إلى ملفيها حول فلسفة الأخلاق. وقد وافق الباحث شرط أن يُدخلَ عليها تعديلات، وأن يُبقيها في صيغة مقالة Essay فلسفية مهتمة بالراهن. لذلك، يهمُّ الباحث أن يؤكد أن المقالة صيغة معدلة من مقالة منشورة. وتتركز التعديلات في المقدمة والبند الأول، حيث يطرح بإيجاز شديد مقاربته الفلسفية للموضوع. كما نقل جزءًا من مناقشته موقف يورغن هابرماس Jürgen Habermas من الحرب، وذلك في محاضرته المنشورة بعنوان "الحرب على غزة: السياسة والأخلاق والقانون الدولي"، التي ألقاها في المركز العربي للأبحاث في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023.
* هذه المقالة منشورة في العدد 47 من دورية "تبيّن" (شتاء 2024)، وهي
دورية فصلية محكّمة يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا وتُعنى بالدراسات الفلسفية والنظريات النقدية.
** تجدون في موقع دورية "تبيّن" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.