Author Search

أستاذة مشاركة في برنامج الفلسفة بمعهد الدوحة للدراسات العليا. تتمحور اهتماماتها البحثية حول الفلسفة الثقافية ببعديْها الغربي وما بعد الكولونيالي، مع اهتمام خاص بالفكر العربي الحديث والفلسفة العربية المعاصرة. 

الدكتورة إليزابيث سوزان كساب محاضرةً في سيمنار المركز العربي
إليزابيث سوزان كساب
مراد دياني
الحضور المشارك في السيمنار

استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، يوم الأربعاء 5 أيار/ مايو 2021، الدكتورة إليزابيث سوزان كسّاب، أستاذة الفلسفة بمعهد الدوحة للدراسات العليا، التي قدّمت محاضرةً بعنوان "الفكر العربي المعاصر: حقل في عزلة؛ كتابة تاريخ الفكر العربي المعاصر، بين الفلسفة والفن التشكيلي والثقافة".

استهلّت الباحثة محاضرتها بالتأكيد على أنّ دراسات الفكر العربي المعاصر اقتصرت عمومًا على إنتاج نصوص عن مدونة هذا الفكر، أي إنتاج نصوص عن نصوص؛ وهو ما حدَّ من إنتاجية هذه الدراسات وما زال يحدُّ منها. ومن ثمّ، قدّمت كسّاب مشروعها البحثي بوصفه محاولة لقراءة هذه المدوّنة بموازاة مدوّنات أخرى مجاورة لها والاستفادة منها.

وركّزت الباحثة في عرضها على ثلاثة حقول متجاورة، وهي: التاريخ الاجتماعي للفكر العربي المعاصر، والدراسات الثقافية العربية، ودراسات الفن العربي المعاصر. وأبرزت أنّ الحقلين الأخيرين شهدا في العشرية الأخيرة نموًّا جديرًا بالاهتمام وقادرًا على إثراء فهمنا للفكر العربي المعاصر؛ ذلك أنّ قراءة هذا الفكر بموازاة الدراسات الثقافية العربية وبموازاة دراسات الفن العربي المعاصر بطريقة "طباقية" قد تبرز خصوصية الفكر العربي المعاصر في معالجته قضايا عالجها أيضًا الفن التشكيلي العربي، ومختلف النشاطات الثقافية غير النخبوية التي عرفها العالم العربي في العقود الأخيرة، كقضايا الأصالة والحداثة والتراث. وباعتبارها أنّ تكوين المفاهيم الأساسية لكلٍ من دراسات الفن العربي المعاصر والدراسات الثقافية العربية قد استُلْهِمَ من الفكر العربي إلى حد ما، فإنّ سوزان كسّاب تستلهم من هذين الحقلين ما يُحسِّن فهم هذا الفكر. وهو توجّه يتطلب توسيع مجال "الفكر" وعدم تحديده بالكلام والمكتوب.

وأكّدت كسّاب، إضافة إلى الحاجة إلى القراءة الطباقية هذه، أنّ دراسات الفكر العربي المعاصر تحتاج بالدرجة الأولى إلى أبحاثٍ في تاريخها الاجتماعي، توسّع فهمنا حول تشكّل هذا الفكر؛ أي فهم حيثيات تشكّل إنتاجه ومنتجيه، من مواضيع ومقاربات ومؤسسات وموارد وبنيات سلطة. وهو ما عبّرت عنه بكوننا في حاجةٍ إلى دراسات في تاريخ وسوسيولوجيا الفكر العربي، كي نفهم المدونة كمُنتَج ومُنتج لحقل فكري-سوسيولوجي-تاريخي. وطرحت الباحثة في هذا الصدد أسئلةً بديهية عدة: ما مراكز الأبحاث ودور النشر والمؤسسات التعليمية التي صنعت هذا الحقل وتفاعلت معه منذ منتصف القرن الماضي؟ وما القوى التي أدّت دورًا في تكريس هذا الفكر عبر تكريس منتجيه؟ وكيف أصبح الواحد منهم "مفكرًا" مكرّسًا (وهم في الأغلبية الساحقة ذكور)؟ وأصوات من سُمعت، وأصوات من حُجِبت من هذا الكورس؟ ولمن أُعطي الحق في الكلام؟ من تحكّم في هذه السلطة؟ وهذا "الفكر العربي المعاصر" هو فكر من؟ وكيف بات هو "الفكر العربي المعاصر"؟ وهل هناك سوسيولوجيا معرفة عربية تساهم في توسيع فهمنا لهذا المُنتَج الفكري المكتوب؟ وهل هناك تاريخ اجتماعي لهذا الفكر؟ وما مدى تطور هذه الأبحاث السوسيولوجية والتاريخية؟ وما مقدار مساهماتها في فهمنا لهذا الحقل، كدراسات عن دور النشر ومراكز الأبحاث ودراسة مجلات في الفكر العربي المعاصر؟

وختمت كسّاب بالقول إنّ طرح هذه الأسئلة ليس غرضه "الكشف عن مؤامرات" أو "الكشف عن مسؤولين (أشرار)"، بل لاكتشاف الحيثيات التي صنعت تاريخ هذا الفكر من مؤسسات وشخصيات وموارد وظروف سياسية واجتماعية، وغير ذلك، وفهمها، سبيلًا إلى نزع الطابع "الطبيعي" و"المعطى" و"الحتمي" أي غير التاريخي للحقل.

وقد أعقب المحاضرة نقاش ثريّ، شارك فيه الباحثون في المركز العربي، وأساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وطلبته، وأساتذة باحثون من ربوع الوطن العربي وخارجه، كما شارك فيه جمهور المتابعين عبر وسائط التواصل الاجتماعي.