Author Search
باحث أردني في العلوم السياسية. حائز على درجة الدكتوراه في عام 2018 من جامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية. يهتم بدراسة الأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية والفاعلية السياسية الممأسسة والغير ممأسسة في العالم العربي.
الباحث عبد الوهاب الكيالي
الكيالي محاضرًا في الفاعلية السياسية الممأسسة في العالم العربي
جانب من الحضور المشارك في السيمنار
إجابات الباحث عن تساؤلات الحضور

استضاف برنامج السيمنار الأسبوعي الذي يعقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يوم الأربعاء 24 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، عبد الوهاب الكيالي، الباحث الأردني في العلوم السياسية الذي قدّم محاضرة بعنوان "الفاعلية السياسية الممأسسة في العالم العربي: المملكة المغربية نموذجًا"، تناول فيها سؤالًا مركزيًا يتمحور حول تشكّل الأحزاب السياسية في النظم السلطوية على الرغم من عدم قدرتها على منافسة السلطة التنفيذية.

جادل الباحث بأن الأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية وأنماط الفعل السياسي الممأسس تتشكل في النظم السلطوية غير الحزبية لتنازع السلطة على اللغة والخطاب والممارسة السياسية. ولا يعني، بحسب رأيه، منازعة السلطة في هذه الحالة الاستحواذ المطلق عليها؛ ففي نظريات تشكل الأحزاب في العلوم السياسية يكون الاستحواذ على منصب (تشريعي/ تنفيذي) الدافعَ والمحركَ الأساسي لتشكّل الأحزاب. لكن الكيالي يضيف أسبابًا أخرى في تشكيل الأحزاب في النظم السلطوية ولا يحصرها في الاستحواذ على السلطة، على أهمية هذا السبب في تشكيلها وتأسيسها، لكنه سببٌ غير كافٍ، وطرح أسبابًا أخرى موازية لها في الأهمية تتلخص في اللغة والخطاب والممارسة.

حدد الباحث النظم السلطوية في دراسته بتلك التي لا يوجد فيها حزب حاكم وقائد للدولة والمجتمع، أي بمعنى آخر من يتربع على هرم السلطة التنفيذية لا ينتمي إلى حزب سياسي. كما أن الأحزاب تعمل في هذه النظم بصورة قانونية وبهامش محدد من الحرية. ومن الأمثلة التي طرحها الباحث على هذا النوع من النظم في المنطقة العربية الأردن والكويت إلى حدٍ ما، والمغرب موضوع دراسته وبحثه، ومن خارج المنطقة العربية إيران وتايلاند.

ركز الباحث في أطروحته على دراسة المملكة المغربية لتوافر مجموعة من الخصائص في النظام المغربي تنطبق على ما أسماه بالأنظمة السلطوية، من ناحية أنّ رأس السلطة التنفيذية في البلاد غير متحزب، ووجود أحزاب سياسية تعمل ضمن هامش من الحرية في المجتمع المغربي. واعتمد الباحث في مداخلته على تحليل لغة حزب الاستقلال وخطابه وممارساته، نظرًا إلى البناء الأيديولوجي المحلي الوطني الذي أرساه الحزب. ورأى الكيالي أنّ هذه الأحزاب لم تتكون من أجل المنافسة أو المنازعة من أجل السلطة، بل من أجل البقاء فيها؛ فهذه الأحزاب لا تتشكل للاستحواذ على السلطة والوصول إليها. وهذا لا يعني أنها غير مهتمة بها.

كما حدد الإطار المفاهيمي للبحث؛ فانطلق في تعريف الحزب السياسي بأنه مجموعة من الناشطين الذين تجمّعوا أيديولوجيًا بهدف التنافس في المجال العام. ورأى أنّ الأيديولوجيا تعبير للعضوية في مجتمع سياسي تبني وتؤطر العمل السياسي. وقد استند الباحث في منهجيته التحليلية إلى مجموعة من المقابلات الانتقائية لقيادات حزبية، ومع الأخذ في الاعتبار تمثيلها العديد من المستويات المختلفة من القيادة الحزبية. واعتمد الباحث على تحليل سوسيولوجي، إلى جانب تحليل تاريخي للمصادر الأولية والثانوية، لا سيما الأرشيف الوطني الموجود في المغرب وأميركا وبريطانيا. واعتمد أيضًا على بيانات الأرشيف والمقابلات بتحليل تاريخي اجتماعي لشرح تشكيل أول حزب سياسي محلي في المغرب وتكوينه، وهو حزب الاستقلال. وزعم أن الأحزاب السياسية في مثل هذه الأنظمة تتشكل لتسمح للنظام السياسي الاستبدادي بالتوسع في أكبر نطاق ممكن وبأدوات متاحة في ذلك الوقت. ويرى أنّ هذه الأحزاب تفعل ذلك من خلال بناء منظمات ذات امتدادات مجتمعية، تقوم بتأطيرها أيديولوجيا واضحة.

قدّم الباحث مجموعة من الاستنتاجات حول آليات عمل الأحزاب السياسية وتشكيلها في الأنظمة الاستبدادية بناء على أطروحة البحث من ناحية توسع الإطار القائم لتعريف الحزب السياسي في العالم العربي، ولفت الانتباه إلى وظيفة الأحزاب السياسية التي لم تحظ حتى الآن سوى باهتمام ضئيل، ومن ناحية أخرى تساعد في فهم دوافع النشاط الحزبي. وسلّط الباحث الضوء في استنتاجاته على هذه الأحزاب بصفتها وكالة للجهات الفاعلة سياسيًا التي تتمثل في الأنظمة السلطوية. من الناحية العملية، رأى الباحث أنّ هذه الأطروحة يمكن أن تساعد في فهم آفاق التطور المضطرب للأحزاب السياسية في العالم العربي، وفهم أنظمة مثل المغرب، وإذا كان لهذه الأحزاب تاريخيًا نافذة لمنافسة الاستبداد أو السلطة أو منازعتهما في القنوات الخطابية أو الرمزية. ثم أعقب المحاضرة نقاشٌ ثريّ من الحضور.