Author Search
باحث مساعد في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. سكرتير تحرير مجلة "سياسات عربية". حاصل على درجتي ماجستير؛ الأولى في الدراسات الدولية من جامعة بيرزيت، والثانية في السياسات العامة من معهد الدوحة للدراسات العليا. تتركز اهتماماته البحثية في السياسات العامة.
الباحث إيهاب محارمة محاضرًا في سيمنار المركز العربي
الباحث إيهاب محارمة والدكتور أحمد حسين رئيسًا للجلسة
محارمة أثناء تقديم العرض
إجابات الباحث عن تساؤلات الحضور
جانب من الحضور المشارك في السيمنار

عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يوم الأربعاء 16 كانون الثاني/ يناير 2019، حلقة جديدة من برنامج السيمنار الأسبوعي، قدم خلالها إيهاب محارمة، الباحث في المركز، بحثًا بعنوان "الاستعمار الاستيطاني في الأغوار: كيف يقاوم الفلسطينيون؟". وقد استهل بحثه بقراءة لمفهوم "المقاومة اليومية"، وأبعاده وتكتيكاته، بالتركيز على منطقة الأغوار، وحاول الإجابة عن سؤالين رئيسين لبحثه، هما: ما طبيعة الاستعمار الاستيطاني في الأغوار؟ وكيف يقاوم الفلسطينيون وهم تحت السيادة الإسرائيلية المباشرة؟

استعرض الباحث مفهوم المقاومة اليومية ورأى أنه فرض فهمًا جديدًا للسياسة، فقد أظهر الحياة اليومية كأنها جزء رئيس من الحياة السياسية. ففي التصاق مفهوم "اليومي" بمفهوم "المقاومة" تصبح هذه الممارسات اليومية الشائعة أفعالًا مستلّة من نمط حياة الناس أو طريقة عيشهم وتجسيدًا مضادًا لهيمنة السلطة، وحتى إن كانت غير مرئية إلى حد ما، فلأنها نوع مختلف من أنواع المقاومة الذي لا يتواءم مع الفهم التقليدي للسياسة ودينامياتها. وأضاف أن فكرة المقاومة اليومية ليست غريبة عن السياق الفلسطيني، فقد أظهرت دراسات عديدة أهمية هذه المقاومة في تخطي الحواجز الإسرائيلية، والتعليم، والإنجاب، والتحرك بين القرى والمناطق الفلسطينية رغم سياسة التجزئة الاستعمارية؛ إذ يمثل هذا النوع من المقاومة مجموعة من التراكمات الشعبية التي تأتي في سياق الرد على الاستعمار الاستيطاني وانتهاكاته المتكررة.

وأوضح محارمة، في تفسيره طبيعة السياسة الإسرائيلية في الأغوار، أن الأبعاد الاستعمارية في منطقة الأغوار تعود إلى الفترة التي أعقبت الاحتلال الإسرائيلي عام 1967. فمنذ ذلك الحين، وضعت إسرائيل خططًا وسياساتٍ أمنيةً للمنطقة في إطار ضمان أمنها وأمن الضفة الغربية في وجه أي محاولات عربية لشن حرب عليها. وبعد أن تلاشى الهاجس الأمني من قضية الأمن على الحدود الشرقية، وضعت إسرائيل سياسات لتشجيع بناء مستوطنات مدنية وزراعية، بهدف الاستثمار الاقتصادي، مع تمكينها من تحقيق الأمن. وبعد عقدين على احتلال الأغوار، بدأت إسرائيل مخططًا لتهويد المنطقة بحجة حقها التاريخي في الأرض. وعرض الباحث جملة من الانتهاكات الإسرائيلية في هذه المنطقة تقوم على مصادرة الأراضي، وبناء المستوطنات، واستغلال الموارد الطبيعية، ومنع تطور القرى الفلسطينية، وهدم التجمعات البدوية، وفرض القيود على التنقل، وتهجير السكان الأصليين، بهدف فرض واقع استعماري يهدف إلى حرمان الفلسطينيين من حقهم في تقرير مصيرهم واستغلال أراضيهم ومواردهم الطبيعية ومنعهم من ممارسة سيادتهم عليها.

كما ركز الباحث على تكتيكات مقاومة الفلسطينيين من خلال معاينته ميدانيًا القرى والتجمعات في الأغوار الواقعة ضمن منطقة "ج"، وهي: بردلة والمالح والعقبة والفارسية ومكحول ومرج نعجة والزبيدات وفصايل والعوجا. ثم قدم شرحًا لهذه الأفعال والتكتيكات التي استغلها الفلسطينيون في الأغوار للتعبير عن نيّتهم البقاء على قيد الحياة وتقويض هيمنة السلطة الاستعمارية مع التركيز على التكتيكات الهادئة والمتخفية وغير المرئية. وبيّن أن قصص المستجيبين وإصرارهم على البقاء والبناء والعمل والسكن في منطقةٍ تخضع للسيطرة الإسرائيلية المباشرة، نموذج حقيقي للمقاومة اليومية؛ فهم بذلك لا يتحدون السياسة الإسرائيلية فحسب، بل يسعون من خلال ذلك إلى تحدي ما فرضته اتفاقية أوسلو "2" بتقسيم الضفة الغربية إلى ثلاثة كانتونات مجزأة (أ، ب، ج)، وإعادة فرض أنفسهم بصفتهم فلسطينيين. واختتم الباحث مداخلته بالقول إن تكتيكات المقاومة اليومية في الأغوار تختلف عن تكتيكات المقاومة المسلحة أو السلمية في فلسطين، كما تختلف عن تكتيكات الصمود التي برزت في الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية. وبناء عليه، فإن نضال الفلسطينيين اليومي والبقاء في الأغوار يضمنان للأهالي الحفاظ على حيزٍ خاص، خارج تحكم السلطة الاستعمارية، من خلال الإصرار على حقهم في ممارسة حياتهم كما يريدون. وقد أعقب المحاضرة نقاش ثري شارك فيه الحضور.