Author Search
باحثة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يتركز عملها البحثي في مجالات السياسة المقارنة والعلاقات الدولية، ولها اهتمام بحثي بالقضية الفلسطينية، والسلطوية والسياسة الجدلية. حاصلة على شهادة الدكتوراه من جامعة تكساس في أوستن بالولايات المتحدة الأميركية.
الدكتورة دانا الكرد
جرى بث السيمنار على المباشر عبر منصات التواصل الاجتماعي
الدكتور أجمد حسين يدير الحوار بين الباحثة والمتابعين على منصات التواصل الاجتماعي

استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يوم الأربعاء 6 أيار/ مايو 2020، الدكتورة دانا الكرد، الباحثة بالمركز العربي وأستاذة الدراسات الأمنية والاستراتيجية بمعهد الدوحة للدراسات العليا. عُقدت الجلسة عن بُعد، استجابةً لقواعد التباعد الاجتماعي التي تفرضها جائحة تفشي فيروس "كوفيد-19"، ونُقلت إلى الباحثين عبر تطبيقات مؤتمرات الفيديو، وكذلك نقلت إلى الجمهور مباشرةً على وسائل التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، و"تويتر"، و"يوتيوب". وقد استعرضت الكرد بحثًا علميًا لها بعنوان "إسرائيل: العامل الخفي في فهم العدوى الاستبدادية في العالم العربي"، تناولت فيه على نحو تطبيقي عددًا من المفاهيم في حقل التحول الديمقراطي، منها مفهوما "العدوى الاستبدادية" و"التعلم السلطوي".

نوهت الكرد إلى تجدد العناية البحثية بالتحول إلى السلطوية، في ظل ارتداد عديد النظم التي مرّت بتحولات في سياق الربيع العربي إلى حالة الاستبداد، وتمكُّن الثورات المضادة في المنطقة العربية من إجهاض تطلعات الشعوب العربية وتوقها إلى الديمقراطية. كما استعرضت الكرد ملامح الاهتمام النظري المتجدد بمفهوم "ترسيخ النُّظم التسلطية" Authoritarian consolidation، الذي حظي بقوة دفع من الديمقراطيات ذاتها، مع صعود قوى اليمين الشعبوية المناهضة للديمقراطية إلى سدة الحكم في عدة دول غربية، إضافةً إلى تصاعد الدور الذي تقوم به دول راسخة في تسلطيتها، مثل الصين وروسيا، ونزوعها إلى التدخل في شؤون الدول الأخرى.

وعرجت الكرد على الأدبيات الغربية، مبيّنةً كيف يركز الباحثون على دور الدول التسلطية في دعم الاستبداد في الدول العربية، بينما يجري تجاهل ما تقوم به دول موصوفة بالديمقراطية في هذا المقام. وفي هذا الصدد، تطرح الكرد الإشكالية الرئيسة لبحثها، في ما تسميه "النقطة العمياء" المتمثّلة بـ "إسرائيل" ودورها في تعزيز موجة الارتداد العربية من الديمقراطية إلى التسلطية في إثر انتفاضات عام 2011 العربية؛ فإسرائيل أقرب إلى متغير خفي. كما تناولت في تحليلها فرضية تقول إنه كلما ازدادت العلاقات بين الأنظمة العربية وإسرائيل، ازداد الميل إلى الاستبداد الداخلي في هذه النظم.

 


وقدمت الكرد تحليلًا لهذا الدور الإسرائيلي، تناول الأدبيات حول "انتشار النظم التسلطية" Authoritarian diffusion، ومن ثم قدمت ما اعتبرته شواهد على التعلّم السلطوي، وحالة التعاضد بين النظم التسلطية في العالم العربي، وهذه الحالة ذات الخصوصية، من تعاون في دعم الاستبداد بين الدول العربية وإسرائيل. ومن أبرز الشواهد ما لمسناه من دعم من إسرائيل لتحسين تقنيات الاستبداد في البلدان العربية، وشراء بلدان عربية لتطبيقات القمع والمراقبة الإسرائيلية. وفي النهاية، قدمت الكرد تقييمًا لآثار "التعلم السلطوي" Authoritarian learning في حالة الحكم وتراجع إمكانية الديمقراطية في العالم العربي.

ومن أبرز النتائج التي انتهت إليها الكرد أنه لا يمكن فهم "العدوى التسلطية" Authoritarian contagion في الشرق الأوسط، على نحوٍ كامل، من دون فهم البعد الأيديولوجي؛ فدعم الثورة المضادة في مصر من دولٍ خليجية جاء مدفوعًا بعداء هذه الدول للإسلام السياسي ولجماعة الإخوان المسلمين على وجه التحديد. وقد غلب على البلدان التي دعمت عودة التسلطية اعتقادٌ بأن الديمقراطية لن تجلب الإسلاميين وحسب إلى سدة السلطة، وإنما ستهدد أيضًا ما تعتبره طفرةً في "جهود التحديث" التي تقوم بها دول الخليج، وتتم في ظل نُظم ملكية مطلقة، ولا مجال لأن ينجزها أيّ نظام آخر. والتصور ذاته قائم في ناحية إسرائيل، إذ تُعَدُّ الديمقراطية والأحزاب الإسلامية بالنسبة إليها مصدرَ خطرٍ أيديولوجي على بقاء دولة إسرائيل. والشواهد عديدة على ما أثاره فوز الإسلاميين في تونس ومصر من قلقٍ لدى صانعي السياسة الإسرائيليين. وبالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، طرحت الكرد أن الديمقراطية في المنطقة قد أصبحت لدى قطاع من صنّاع السياسة الأميركيين مرادفةً لعدم الاستقرار، وأنه إذا سُمح للانتفاضات الديمقراطية بأن تنجح في بلد مهمّ مثل مصر فإن السياسة الخارجية المصرية تجاه إسرائيل ستشهد تحولات كبرى. كما خلصت الكرد إلى أنه لا يمكن فهم العدوى التسلطية في المنطقة من دون أن نفهم دور إسرائيل والولايات المتحدة في تسهيل استخدام أداوت القمع، وفي التعاون الاستخباراتي، وفي محاكاة طرق البقاء. وهذه أمور، ترى الكرد، أنّ لها تأثيرًا في حالة حقوق الإنسان في المنطقة على المدى القصير، وتأثيرًا في الاستقطاب أيضًا على المدى الطويل.

وفي الختام، عرجت المناقشات على مناحي التطبيع الصاعدة مع إسرائيل، في جوانب الاقتصاد والتكنولوجيا والأمن، وكيف أنها جميعًا تدفع إلى وجهةٍ سلطوية، بخلاف أنها تعزز التعنّت الإسرائيلي إزاء أي تسوية، ولتستمر في سياسات الاحتلال والاستيطان بدعم عربي، يُضاف ذلك إلى ما تجده من دعم غربي تقليدي. كما تطرّق النقاش إلى موضوعات أخرى مثل الدولة الصهيونية بوصفها مصدرًا بنيويًا للاستبداد في العالم العربي في تاريخه الحديث، وكذا البعد الاقتصادي في معادلة التطبيع والاستبداد، وغير ذلك.