Author Search
الباحث المشارك في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
الدكتور عبد الفتاح ماضي محاضرًا والدكتور مراد دياني رئيسًا في جلسة السيمنار
الدكتور عبد الفتاح ماضي
الدكتور مراد دياني
الدكتور عبد الفتاح ماضي خلال تقديمه العرض
الدكتور ماضي يجيب عن تساؤلات الجمهور
جانب من الحضور المشارك
زاوية أخرى للحضور المشارك أثناء تقديم الدكتور ماضي محاضرته
زاوية أخرى للحضور المشارك

استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في جلسته المنعقدة يوم الأربعاء 12 شباط/ فبراير 2020، الدكتور عبد الفتاح ماضي، الباحث المشارك ومنسق مشروع التحول الديمقراطي بالمركز، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الإسكندرية، الذي قدّم مشروعه البحثي عن "العلاقات المدنية - العسكرية وسياسات تحديث المؤسسات العسكرية في أعقاب الانتقال إلى الديمقراطية".

أكد ماضي في بداية عرضه أنّ مشكلة العلاقات المدنية - العسكرية تظل جزءًا مهمًّا من سؤال علمي أكبر يخص التمييز بين "السلطة الشرعية" - التي تستند إلى القانون وتُمارَس ضمن مبادئ العدل والشفافية والمحاسبة - و"العنف غير الشرعي" الذي تمارسه مؤسسات أو أجهزة "دولة" أو حاكم مطلق من دون سند شرعي حقيقي وبلا قيود قانونية أو أخلاقية. وهي المشكلة التي ترتبط بالشكل المعاصر للدولة الحديثة، منذ عرفت في القرن السابع عشر. كما أوضح أنه من المعروف أن الجيوش هي الجهة التي بحوزتها الأسلحة وأدوات العنف، فهي التي تُسند إليها مهمة حماية الدول، بيد أنها قد تُشكّل هي ذاتها مصدرَ خطرٍ على دولها للسبب ذاته؛ أي احتكارها أدوات العنف. وفي الواقع، لا تتميز المؤسسة العسكرية من غيرها من مؤسسات الدولة المعاصرة بامتلاكها صلاحية استخدام القوة فقط، وإنما بقيامها أيضًا على أساس تراتبي وعلى الانضباط والطاعة. هذا فضلًا عن أن نسبة كبيرة من ميزانية الدول تُخصص للمؤسسات العسكرية؛ ولهذا يتطلب الأمر وجود قدر كبير من المتابعة والشفافية والمحاسبة في إدارة هذه المؤسسات العسكرية، فضلًا عن ضبط العلاقة التي تربطها بالمؤسسات المدنية في الدولة.

ثم عرج ماضي على إشكالية إخضاع القوات المسلحة للسلطة المدنية، وإلزامها بمحددات المصلحة العامة. وهي الإشكالية التي باتت مركزية في القرن العشرين، في ظل استفحال ظاهرة تدخل الجيوش النظامية في السياسة، إنْ بالاستيلاء كليًّا على السلطة، أو من خلال ممارسة النفوذ على الحكومات المدنية. أضف إلى ذلك أنه، مع وفرة الموارد الاقتصادية، أخذت الجيوش في التضخم، لتتغير وفقًا لذلك مهمتها تدريجيًا، وتضيف إلى مهمة الدفاع عن حدود الدولة مهمة التوسع الخارجي.

ونبّه الباحث لسؤال "من يراقب الحراس؟"، الذي صاغه الشاعر الروماني القديم جوفينال (عاش في القرنين الأول والثاني الميلاديين)؛ أي من يراقب الجيوش التي تحرس الدول؟ فضمان طاعة العسكريين للحكومات المدنية قد يتناقض وغاية منح المؤسسة العسكرية الاستقلالية الكافية للقيام بواجبات الدفاع. من هنا، أسس ماضي طرحه البحثي عبر سؤالين محوريين: كيف يخرج العسكريون من السلطة؟ وكيف تتم معالجة أدوارهم في السياسة بعد خروجهم من السلطة؟ في هذا السياق، أشار إلى عوامل عدة تتسبب في زعزعة حكم العسكريين، وخروجهم من السلطة، بل انخراطهم في مسارات الانتقال إلى الديمقراطية. وأورد أمثلة لدعم العسكريين للانتقال الديمقراطي، وأخرى لقيامهم بإعاقته والانقلاب عليه ومنعه، في بعض البلدان خلال موجات التحول الديمقراطي التي شهدتها دول أميركا اللاتينية، وجنوب أوروبا وشرقها، وجنوب شرق آسيا.

وقد أشار ماضي أيضًا إلى أنّ مشروعه يستهدف فحص سبع تجارب دولية، من البرازيل والأرجنتين وتشيلي وإسبانيا والبرتغال وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا، نجحت في إخراج العسكريين من السلطة، كما نجحت - بدرجات متفاوتة - في الحد من نفوذ العسكريين في السياسة أو إنهائه. وقد اختار هذه الدول اعتمادًا على معيارين أساسيين: أولهما إنجاز هذه الدول قدرًا من النجاح في تحقيق الهدفين، وثانيهما تعدد أنماط تدخل العسكريين في السلطة والسياسة قبل الانتقال إلى الديمقراطية في هذه الحالات.

وجدير بالذكر أنّ لعبد الفتاح ماضي مشروعًا بحثيًا يضمّ معالجات نظرية، منها مفهوم الديمقراطية نفسه، بوصفه المفهوم الأكثر مركزية، ويخصه بفصل يعيّن الأبعاد المختلفة للمفهوم، والخصائص الرئيسة لنظام الحكم الديمقراطي، فضلًا عن إيضاح عدد من الإشكاليات التي تثيرها الديمقراطية في الدول العربية عامةً. ويتطرق إلى جوانب تخصصية في العلاقات المدنية - العسكرية، ويقدم استعراضًا نقديًّا لأبرز المساهمات النظرية فيها، وخصوصًا بشأن علاقات الرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة، ويستعرض مضامينها. ويعرج في معالجة مستفيضة على مفهومي "الإصلاح الأمني" و"حوكمة القطاع الأمني". كما يبين، في المنحى المقارن، ما في الحالات المستهدفة من ملامح تخص الطريقة التي انتقلت بها من الحكم العسكري إلى الحكم الديمقراطي، وكيف أسست السيطرة المدنية على القوات المسلحة خلال مرحلتي التحول والترسيخ الديمقراطي.