رئيس معهد الدوحة للدراسات العليا، نائب الرئيس للشؤون الأكاديمية. شغل سابقًا منصب عميد كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية (2017-2020)، ورئيس برنامج العلوم السياسية والعلاقات الدولية (2015-2017) في المعهد. أسس في عام 1998 برنامج الإسلام والديمقراطية في مركز دراسات الديمقراطية في جامعة وستمنستر بلندن، وعمل منسقًا له حتى عام 2015. عمل قبل ذلك طيارًا، وتولى مواقع دبلوماسية وصحافية في بريطانيا. التحق أستاذًا/ باحثًا زائرًا في معهد كريستيان ميكلسن في بيرغن في النرويج (1995، 2003)، وجامعة نورثويسترن بشيكاغو (2002)، وجامعتي أكسفورد (1990) وكامبريدج (2010-2012)، والمعهد الدولي للفكر والحضارة الإسلامية بماليزيا (2008). حاضر في العديد من الجامعات في خمس قارات، بما في ذلك معظم الجامعات الكبرى في الولايات المتحدة وبريطانيا. من آخر مؤلفاته: المثقف العربي والأمراض العربية: تأملات في المحنة المعاصرة (الدوحة: منتدى العلاقات العربية والدولية، 2022)؛ ما بعد الثورات العربية: إعادة الاتزان إلى نظرية الانتقال الديمقراطي (بالإنجليزية، محرر بالاشتراك مع خليل العناني، عن دار نشر جامعة إدنبرة، 2021. والترجمة العربية قيد الإصدار عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات)؛ Genocidal Nightmares: Narratives of Insecurity and the Logic of Mass Atrocities (Bloomsbury, 2015); After the Arab Revolutions: Decentring Democratic Transition Theory , co-edited with Khalil Al Anani (Edinburgh University Press, 2021).
استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، يوم الأربعاء 22 تموز/ يوليو 2020، الدكتور عبد الوهـاب الأفنـدي، أستاذ العلوم السياسية وعميد كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بمعهد الدوحة للدراسات العليا، الذي قدّم محاضرة، عُقدت عن بُعد ونقلٍ مباشر عبر وسائط التواصل الاجتماعي (فيسبوك، وتويتر، ويوتيوب)، بعنوان "أوهام الهوية السودانية وصراعات الأدلجة: أوهام مَنْ وانتحال مَنْ؟".
استهل الأفندي محاضرته بالتأكيد على أنّ تحوّل الهوية السودانية إلى موضع تنازعٍ حاد، منذ اندلاع تمرد الحركة الشعبية لتحرير السودان في ثمانينيات القرن الماضي، لا يعني أنها لم تكن موضع تنازع قبل ذلك؛ إذ ثارت نزاعات حتى قبل الاستقلال حول طبيعة هذه الدولة وتوجهها. فقد كانت هناك غالبية ترى أنها يجب أن تكون في وحدة مع مصر، التي كانت تؤدي دورًا مزدوجًا: شريكة في الحكم الاستعماري من جهة، ومنكوبة لكونها مستعمرة بريطانية مثلها مثل السودان من جهة أخرى. وفي المقابل، أيّد قطاع واسع من الرأي العام ضرورة الاستقلال؛ وكان يرى في مصر عدوًا بسبب الذكرى السيئة لحكم أسرة محمد علي. وشمل هذا القطاع الأخير أهل الجنوب، الذين كانوا يرون، فوق ذلك، ضرورة أن يكون هناك حكم فيدرالي يعطي الجنوب استقلالًا ذاتيًا. وفي المشاورات حول الدستور، كان الجنوبيون يرفضون وصف السودان بأنه دولة عربية أو إسلامية؛ حتى حين تضاف صفة الأفريقية إلى هذه الأوصاف.
وتطرق الباحث إلى نقطة محورية تتمثّل في التمييز الجذري بين التنازع حول هوية الدولة والتنازع على هوية الأمة، في حين أنّ معظم المتحاورين في هذا السجال يتبرعون بتحديد هوية الآخرين، ويصفونهم بأنهم مخدوعون في هويتهم. ففي حين تتهم فئةٌ غالبيةَ السودانيين بادعاء عروبة هم عنها غرباء، ظلّ آخرون يرون إمكانية اندماج غير العرب من السودانيين في الهوية "العربية" من دون أي عوائق. ولذلك، فإنّ عددًا كبيرًا من قيادات الأحزاب القومية العربية (حتى اليوم) ينحدرون من قوميات تعتبر عرقيًا ولغويًا غير عربية.
وأوضح الباحث أنّ هذه الدراسة تندرج ضمن كتاب قيد الإعداد، حول تجليات الهوية السودانية وتحولاتها، يتّبع فيه منهجيةً تاريخية جينيالوجية، مدعومةً بمنهج تحليل الخطاب؛ من أجل تتبّع تجليات هذه الهوية السودانية عبر القرون وتفسيرها. ويهدف الباحث من ذلك إلى اختبار فرضيةٍ أساس في الكتاب، ترى أنّ تجليات الهوية السودانية هي تنويعات على الهوية النوبية التي رسخت في البلاد، منذ نهايات الألفية الثانية قبل الميلاد. فقد أخذت هوية شمال السودان تستعيد شكلها المستقل، بعد تراجع الوجود المصري بدءًا من القرن الثالث عشر قبل الميلاد، واتضحت ملامحها بقوة مع قيام أول مملكة مستقلة في شكل مملكة كوش – نبتة - مروي في القرن الثامن قبل الميلاد.
وبعد أن قدّم الباحث عرضًا مستفيضًا عن تحولات الهوية السودانية عبر التطور التاريخي المديد للسودان، استخدم هذه المعطيات لاختبار الفرضية الأساس حول استمرارية الهوية النوبية بصفتها هوية جامعة ومهيمنة معًا، وعميقة الجذور، خلافًا لما أصبح رائجًا اليوم من أنّ الهوية السودانية منتحلة ومزوّرة وتقوم على أوهام. فكلّ هوية، وفقًا للباحث، تقوم على أوهام وأساطير، وكل جهة هي الحكم حول هويتها وأيّ أساطير تختار وتروّج لها؛ ولا يحق للآخرين أن يجعلوا من أنفسهم حكمًا على هويات غيرهم.
وختم الباحث محاضرته بالتأكيد على أنّ الهويات خيارات، مثلما هي مواريث، وقد تكون مصدر فخر واعتزاز، أو قد تكون أغلالًا في الأعناق.
وأعقب المحاضرة نقاش ثريّ، شارك فيه عن بُعد الباحثون في المركز العربي، وأساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وطلبته، وأساتذة باحثون من ربوع الوطن العربي وخارجه، كما شارك فيه جمهور المتابعين عبر وسائط التواصل الاجتماعي.