Author Search

أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة مولاي إسماعيل في مكناس، والباحث الزائر بالمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة.

عبد اللطيف المتدين
رئيس الجلسة مراد دياني
من قاعة السيمنار
ناصر الدين سعيدوني
ناصر جابي
عز الدين العلام

استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، يوم الأربعاء 2 شباط/ فبراير 2022، الدكتور عبد اللطيف المتدين، أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة مولاي إسماعيل في مكناس، والباحث الزائر بالمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، الذي قدّم محاضرةً بعنوان "سياسات الهوية واستقرار الدولة في المغرب العربي".

بدأ الباحث بمناقشة مفهوم الهوية بوصفه دالًّا على الخصائص الإثنية واللغوية والثقافية والدينية، الموروثة أو المكتسبة، التي تميّز مجموعة من الأشخاص من غيرهم فيُعرَفون بها، والتي تَظهر معالمها عليهم من خلال التفاعل بينهم، والتفاعل مع الغير. وأبرز أنّ هذه الخصائص تنتظم في إطار القيم المتوارثة والأنظمة الوضعية، وأنها تشمل مجالات شتّى من الحياة تتولى الدولة تعريف بعضها وحمايته في إطار تشريعات وقوانين ملزمة، وأكدّ تزايد التركيز على الهوية مع تقلص الحدود الفاصلة بين الذوات والأماكن واختلاف الخصوصيات التي تميّز الأفراد داخل المجتمع الواحد.

ثم انتقل الباحث إلى الحديث عن الهوية في المجتمعات الحديثة؛ إذ تتولى الدولة تحديد الإطار العامّ للهوية الوطنية وحمايتها. ومن ثمّ، عرّف الهوية الوطنية بأنها جُماع العناصر المشتركة لشعب معيّن؛ كاللغة، والدين، والجغرافيا، والتاريخ المشترك، وكذا الرموز التي تعتمدها السلطة السياسية في الدولة، والتي تُترجَم بمجموعة من المحددات القانونية الشكلية التي تُمنح للفرد منذ ولادته؛ من قبيل تحديد مكان الميلاد وتاريخه، والأوصاف الجسدية الظاهرة، وبصمات الأصابع، والعنوان، والجنسية.


وبيّن الباحث أنّ الإطار الجغرافي لبحثه هو بلدان المغرب العربي، حيث ارتبط النقاش حول الهوية بجهود التحديث التي رافقت النضال ضد الاستعمار، وبناء الدولة ومؤسساتها المختلفة، مستعرضًا، في الآن ذاته، التعايش بين الثقافة الأمازيغية العريقة في القِدم، التي طبعت عادات وتقاليد شعوب شمال أفريقيا، والثقافة العربية المتجذرة منذ الفتح الإسلامي، وسيادة الانسجام والامتزاج بينهما عبر التاريخ. ورأى الباحث أنّ هذه البلدان تميّزت، نتيجةً لهذا التصاهر، بتجانس اجتماعي؛ بفضل اعتماد لغة واحدة مهيمنة حافظت على تماسكها ووحدتها المركزية إلى أن ظهر في ستينيات القرن الماضي خطاب أمازيغي يطالب بالحقوق الثقافية للأمازيغ، مستخدمًا وسائل شتّى من التأثير والنضال؛ ما أدّى إلى تنامي المدّ الأمازيغي في المغرب والجزائر وارتفاع سقف مطالبه.

عقب ذلك، عرّج الباحث على اختبار مدى قدرة بلدان المغرب العربي على فرض عناصر هوية وطنية جامعة، وكيفية مواءمة ذلك مع مقتضيات الحقوق والحريات المرتبطة بالهوية الثقافية واللغوية، على وجه الخصوص، مستعينًا بنتائج "المؤشر العربي" الذي ينشره المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مقارنًا إياها بنماذج غير عربية (فرنسا، وكندا، وبلجيكا، وإسبانيا)، حيث نجح نموذجُ التنميط الصارم للهوية الوطنية في تخفيف الصراع حول عنصر اللغة، وتجنيب هذه البلدان مخاطر الفرقة والتفكك، ليخلص إلى أنّ عدم قدرة الدولة على حَسْم الصراع حول الهوية اللغوية والثقافية يؤثّر سلبيًّا في استقرارها السياسي والاجتماعي، ويعرضها لخطر الانقسام.

وقد أعقب المحاضرة نقاش ثريّ، أسهم فيه المؤرخ الجزائري الدكتور ناصر الدين سعيدوني، والدكتور عز الدين العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، والدكتور ناصر جابي، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الجزائر، إضافةً إلى باحثين في المركز العربي، وخبراء معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، وأساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وطلبته، وأساتذة باحثين من ربوع الوطن العربي وخارجه، وشارك في النقاش أيضًا جمهور المتابعين عبر وسائط التواصل الاجتماعي.