Author Search
كاتبة وباحثة لبنانية، تحمل شهادة الدكتوراه في العلوم الاجتماعية. تعمل مستشارة في "إسكوا" وعضوًا في لجنتي جائزة الصحافة العربية وجائزة العويس للعلوم الإنسانية. لها عدد من المؤلفات، منها: مصر ضد مصر؛ ومصر التي في خاطري؛ وسنوات السعادة الثورية. ولها أيضًا كتاب صادر عن المركز العربي بعنوان "دفاتر الحرب الأهلية اللبنانية 1975-1990" ضمن سلسلة "مذكرات وشهادات".
الباحثة الدكتورة دلال البزري والدكتور أحمد قاسم حسين رئيس الجلسة
الباحثة دلال البزري خلال تقديم العرض
جانب كبير من الحضور المشارك في المسينار
البزري تجيب على تساؤلات الحضور
جانب آخر للحضور المشارك
مداخلات ونقاشات عقب انتهاء البزري من العرض

استضاف برنامج السيمنار الأسبوعي الذي يعقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يوم الأربعاء 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، دلال البزري، الباحثة اللبنانية في علم الاجتماع التي قدمت محاضرة بعنوان "اللبنانيون والانقسام الكبير"، تناولت فيها دراسة الخلفية التاريخية، القريبة، لانقسام اليساريين اللبنانيين وسجالاتهم السياسية في لبنان.

جادلت البزري بأن اليساريين قد رسَوا على قطبين متناقضين: أحدهما يعتبر محاربة الإمبريالية والصهيونية أولوية، والآخر يرى أن محاربة الاستبداد أولوية. وقد ركزت في دراستها على عام 1996، بصفته عامًا شهد تفاعلًا بين كتاب وحدث؛ فالكتاب هو طليعة الكتب المعادية لـ "حزب الله"، دولة حزب الله: لبنان مجتمعًا إسلاميًا، لوضاح شرارة، أمّا الحدث فهو عدوان إسرائيلي على جنوب لبنان، والنقاش الحاد الذي نتج منه بين ما سوف يكون لاحقًا اتجاهين متناقضين جذريًا. ثم عرجت الباحثة على عام 2000، حيث أطلق الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، موجةً أخرى من النقاش، تدور حول الحاجة إلى سلاح "حزب الله". وقد رأت الباحثة أن اغتيال رئيس الحكومة اللبناني رفيق الحريري عام 2005، واندلاع انتفاضة الاستقلال، مثّلا المحطة الرابعة في تدرج الخلاف بين الاتجاهين، وتبلوره. عام 2006، كان أول إعلان رسمي عن اتجاه لبناني سوري، بين المثقفين اليساريين، "إعلان دمشق"، وما يتضمن من رأي حول التركيبة الحاكمة في سورية، وعلاقة الوصاية السورية بسلاح "حزب الله". وبعد هذا الإعلان اندلعت حرب تموز/ يوليو في العام نفسه، وهو الحدث الذي أعطى جرعة إضافية للانقسام بين اليساريين. وتتوّج الثورة السورية بدءًا من آذار/ مارس 2011، الخلاف، ليصبح نقطة الاستدلال شبه الوحيدة في صياغة المواقف السياسية بين المثقفين اليساريين.

في القسم الثاني من المحاضرة، عرضت البزري صفات اليساريين الذين تعنيهم الدراسة؛ بأيّ معنى هم يساريون، فضلًا عن طبيعة نشاطاتهم بوصفهم مثقفين، وطبيعة "تمثيليتهم" لرأي أو اتجاه، وتنوّع مساراتهم. ثم عرجت على الأحزاب التي انتمى إليها أولئك المثقفون، وأسباب حجب أحزاب أخرى عن الدراسة، رغم كونها تصف نفسها بـ "اليسارية".

والجدير بالذكر أن الغرض من الدراسة هو قراءة نصوص أولئك المثقفين ومضمون المقابلات معهم: استحضار أصول فكرتهم وحوافز تحولاتهم، ورسم إطار تفكير تاريخي لليسار اللبناني، سيكون جزءًا من تاريخ لبنان، عبر ديناميكية واحدة من نخبه، بدءًا من عام 1967، وهو التاريخ الذي وقع عليه الخيار، بوصفه نقطة انطلاق اليسار اللبناني. وعرض قسم آخر من الدراسة النصوص التي تناولتها الباحثة في تحليلها مواقف المثقفين المعنيين؛ من قبيل الكتب، والمقالات، والمحاضرات، والمؤتمرات، والأبحاث المشتركة، والسير ذاتية، والروايات ذات المنحى البيوغرافي. وقد ناقشت البزري في هذا القسم من الدراسة بعض ما تجلى من مضامين تلك النصوص حتى الآن؛ فهي تفتقر إلى البراكسيس، أي الحافز الذي يربط بين الفكرة والتغيير السياسي - الاجتماعي، وأسباب غيابه، بين افتقاد صفة "العضوية" وتراجع دور المثقف.

ثم تفترض البزري، بعد عرض الأسئلة التي تتضمنها المقابلات وإدراج الأسباب التي تصوغ المواقف، من الشخصية إلى العقلية، ومن الحامية إلى الباردة، أن السجال بين الطرفين ليس مأخوذًا بتغيرات ممكنة أو لائحة، خلافًا لسجالات أخرى بين مثقفين يساريين، أو بين يساريين وأحزاب يسارية، أفضت إلى تغير العقلية، أو الوجهة الفكرية أو الثقافية.

في ختام المحاضرة عرضت الباحثة صعوبات تواجهها الدراسة، من بينها صعوبة الموضوعية، وهي تتمثل في الأثر السلبي للخصومة السياسية في البحث، والفوضى المجتمعية اللبنانية، والافتقار إلى المراجع والمعرفة التكنولوجية. ثم أعقب المحاضرة نقاشٌ ثريّ من الحضور.