Author Search

أستاذ الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة صفاقس في تونس

حضور مزدوج في قاعة السيمنار وعلى منصة زووم
المولدي عزديني
مراد دياني مترئسا جلسة السيمنار
من قاعة السيمنار
المحاضر والمشاركون عبر زووم

استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، يوم الأربعاء 22 أيلول/ سبتمبر 2021، الدكتور المولدي عزديني، أستاذ الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة صفاقس في تونس، الذي قدّم محاضرةً بعنوان "منظورية نيتشه النقدية للديمقراطية الحديثة وجمهورها".

استهلّ الباحث محاضرته بالتساؤل: ما الذي يشرِّع من ناحية الفلسفة السياسية اعتراض نيتشه على هيئة الدولة الحديثة وصيغ حياتها السياسية المخاتلة؟ وهل كان من أهل البصيرة السياسية القادرة على توقُّع مآلات النظام السياسي الأوروبي للمرحلة المعاصرة؟ وما الخلاصة الفلسفية السياسية التي يمكننا استنتاجها من اعتبار نيتشه للديمقراطية عرجًا سياسيًّا مردُّه مرج الأغلبية المعتقِدة السويَّةَ في اختياراتها؟

قدّم الباحث في المحاضرة عناصر إجابة عن هذه الأسئلة المركزية، خصّ أوّلها نهج التدبير السياسي، على اعتبار أنّ نيتشه يرى أنّ هذا الأمر مكفول لمعدنٍ خاص من البشر داخل المجتمع؛ وهو يقرُّ في هذا السياق بأن الشأن السياسي يكاد يكون حصريًّا من قبيل الأهليَّة التي لأناس تمرَّسوا بالسياسة من موقع الرّفعة والاقتدار وتداولوا على الفعل السياسي بالميراث أو التحصيل الحياتي. فالانتساب إلى سلالة بعينها، وفق نيتشه، هو مدار الأهلية المؤكَّدة التي للبعض دون الآخر، ولكن تدبير السياسة، في النهاية، هو أيضًا شأن وراثة: فما من مواطن عادي ينتظر أن يصير إنسانًا متمتِّعًا بأفق غير محدود.


وأكد المحاضِر، أيضًا، على إنكار نيتشه الصيغة التمثيلية في البرلمانات المنتخَبة، وذلك تبعًا لمفعول تزوير آليات العمل الديمقراطي التي كشف عنها التأويل الجنيالوجي ممَّا جعله مناهضًا للديمقراطية؛ فضلًا عمَّا يتوفَّر عليه تشريع هذه الآليات المشوَّهة أيديولوجيًّا وأخلاقيًّا وماليًّا من صيغ تتيح لأهل المغانم من المطامع الجشعة التمكُّن من الجمهور. فلا يُنظر إلى هذا الأخير بما هو موضوع خدمة سياسية، وإنَّما هو فريسة تبرِّر بصوتها الانتخابي حقَّ العابثين بها مِرَاسَ جَوْرٍ وقد تلبَّس بقناع الدفاع عن المغلوبين والمحرومين من الناس.

وأخيرًا، بيّن عزديني أنَّ جون جاك روسو نفسه، بالرغم من ازدراء نيتشه ديمقراطيته، كان قد أنكر إمكان تجسيم الديمقراطية بمقياس الدقة المفهومية، فيما لو حاولنا التأكُّد من التناظر بين المفهوم في حَرْفِيَّته اللغوية وواقعه ممارسةً.

وقد أعقب المحاضرة نقاش ثريّ، شارك فيه الباحثون في المركز العربي، وأساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وطلبته، وأساتذة باحثون من ربوع الوطن العربي وخارجه، كما شارك فيه جمهور المتابعين عبر وسائط التواصل الاجتماعي.