Author Search
​باحث مختص في النظم السياسية وعلم الاجتماع الديني والأنثروبولوجيا، حاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة "اكس-مرسيليا"، ودرس العلوم السياسية في الجامعات المغربية وعدد من الجامعات الأوربية. نشرت له العديد من المؤلفات

استضاف برنامج سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات يوم الأحد 24 كانون الأول/ ديسمبر 2017 الباحث المغربي محمد الطوزي الذي قدّم محاضرةً بعنوان "المثقف العصامي وتكوّن الطهرانية السلفية".

استهل الباحث عرضه بوضع إطاره المنهجي من خلال موقفين منهجيين؛ يتمثّل أولهما بتناول "ممارسات" الإسلام في حدّ ذاتها بالبحث والتحليل وليس تمثّلها لدى المسلمين. أما الموقف المنهجي الثاني فهو علم الاجتماع المقارن؛ أي مقاربة الإسلام مقارنةً بالأديان الأخرى وليس في حدّ ذاته، خصوصًا فيما يتعلّق بمسألة الطهرانية.

وتمثّلت "نقطة أرخميدس" بمقاربة الطوزي لظاهرة تكوّن الطهرانية السلفية في نصٍّ مطول للسوسيولوجي الألماني ماكس فيبر عن الخلاص عند المثقف في سعيه للاتساق بين عوالمه الداخلية وعالمه الخارجي، والذي يقيم علاقةً بين امتلاك ملكات الكتابة والقراءة والطهرانية الدينية. ولم يفت الباحث أن يقيم في ذلك تماثلًا بين البروتستانتية وقراءتها للنص الديني والسلفية، بما يفيد الامتلاك الشخصي للكتاب المقدس وتعميم القراءة الأحادية للنص المقدس. وأكد الطوزي أنّ المدرسة ضمن إطار الدولة الوطنية قامت بدور الوسيط الأساس في التقريب بين "الثقافة العليا" و"الثقافة الشعبية"، مقيمًا في ذلك تماثلًا ثانيًا مع النموذج النهضوي المصري في القرن التاسع عشر.

انطلاقًا من نصّ ماكس فيبر، يستمد الطوزي إطارًا نظريًا لفهم نشوء الطهرانية السلفية في المنطقة العربية، محللًا ثلاث تجارب من المغرب، وتونس، ومصر، ومانحًا هذه السلفية سماتٍ أساسيةً تتمثل بأنها تعتني بالنص الديني ولا شيء غيره، وتنغلق في قراءته الحرفية، بعيدةً في ذلك عن أيّ تساؤلٍ ميتافيزيقي، ومعتمدةً منطقًا ثنائيًا (إمّا... وإمّا...)، وتنبذ الإسلام الموروث وكل ما هو تاريخي وثقافي؛ أي إنها ترى المعطى الديني بوصفه لاتاريخيًا ولاثقافيًا؛ ليخلص الباحث إلى تماثلٍ ثالثٍ مدهش بين السلفية والمقاربة الوضعية.

وخصّ الباحث، في نهاية تحليله لما يسمّيه "السلفية المقاصدية"، التجربةَ المغربية من خلال تدبير الدولة للشأن الديني الذي يقوم على المذهب المالكي في الفقه، وطريقة الجنيْد في التصوف، والمذهب الأشعري في العقيدة، وهي الثوابت الثلاثة المتعارف عليها تاريخيًا في المغرب، التي نصّ عليها الفقيه عبد الواحد بن عاشر في منظومته المشهورة: "في عَقد الأشعري وفقه مالك وفي طريقة الجنيد السالـك". وأوضح الطوزي أنّ هذا النموذج في التدبير إنما يقوم على الشكل دون المضمون، وعلى البُعد الإجرائي دون بُعد الروحانيات.

وفي الختام، دار نقاش ثريّ بين الباحث والحضور، تناول قضايا منهجية وتحليلية في موضوع البحث