Author Search
باحث ومدير قسم التحرير في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. حاصل على شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية ودراسات الشرق الأوسط من جامعة سكاريا التركية، وعلى شهادة الماجستير في الدراسات الاستراتيجية من جامعة بونا في الهند. نُشر له أربعة كتب، آخرها "تركيا: إستراتيجية طموحة وسياسة مقيدة: مقاربة جيوبولتيكية" (2015). كما نشرت له العديد من الدراسات المحكمة في الدوريات الأكاديمية. تتركز اهتماماته البحثية حول الجيوبولتكس، والعلاقات الدولية، والدراسات التركية.
الدكتور عماد قدورة
الدكتور عماد قدورة
الدكتور أحمد حسين مديرا لجلسة السيمنار عن بعد
الدكتور أحمد حسين مديرا لجلسة السيمنار عن بعد
يتم نقل السيمنار على المباشر من قاعة السيمنار التي لا يتواجد فيها غير مدير الجلية والمحاضر
يتم نقل السيمنار على المباشر من قاعة السيمنار التي لا يوجد فيها غير مدير الجلسة والمحاضر

بعد فترة انقطاع بسبب ظروف أزمة كورونا، استأنف المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة سيمناره الأسبوعي، في صيغةٍ عن بُعد ونقلٍ مباشر عبر وسائط التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تويتر، يوتيوب).

واستضاف السيمنار في أول حلقةٍ نقاشية بهذه الصيغة الجديدة الدكتور عماد قدورة، الباحث ومدير قسم التحرير في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الذي قدّم اليوم الأربعاء 15 نيسان/ أبريل 2020، محاضرةً بعنوان "إلى أين تتجه السياسة الخارجية التركية؟".

استهلّ الدكتور قدورة عرضه بإبراز الهدف الاستراتيجي الرئيس للسياسة الخارجية التركية منذ بداية التسعينيات وحتى اليوم، والذي يتمحور حول إعادة توجيه هذه السياسة إقليميًا ودوليًا، بما يخدم تصور المركزية التركية واستعادة الدور الفاعل. وأوضح أنه يصعب فهم السياسة الحازمة أو الهجومية الحالية، التي تجمع بين الجهود الدبلوماسية والتدخل العسكري، وفهم الرغبة في تحقيق "الاستقلالية" لدى الرئيس رجب طيب أردوغان، من دون تتبع جذور المحاولة الأولى لكسر سياسة الانعزال التقليدية، وتدشين دور إقليمي استراتيجي نشط على يد الرئيس تورغوت أوزال، عندما حاول استثمار فرصة انتهاء الحرب الباردة للانفتاح على دوائر تعد مجالات للتأثير التركي، مثل آسيا الوسطى، وحوض البحر الأسود، والبلقان، والشرق الأوسط. غير أنّ وفاة أوزال، وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي بعده، أسفرا عن تأخّر تركيا عقدًا كاملًا عن تنفيذ سياسة فاعلة. ومع تولي حزب العدالة والتنمية الحكم، استهدف هذه المرة استعادة مكانة تركيا المركزية، في "عمقها الاستراتيجي"، واستطاع تدشين سياسة خارجية نشطة قامت على "الاتجاهات المتعددة" والعلاقات الجيدة مع الجميع إقليميًا ودوليًا، التي صادفت نجاحًا وإخفاقات.

ثم انتقل الباحث لتسليط الضوء على الفترة 2015-2020، التي شهدت تضافر متغيرات محلية عديدة في تعزيز الاتجاه الخارجي الذي يتطلع إلى زيادة مستوى العلاقات الاستراتيجية مع الشرق، وبخاصة مع روسيا، واتباع نهج تدخلي في الخارج. فالائتلاف الذي جمع أطيافًا فكرية وسياسية متنوعة، وأهمها ذات الجذور الإسلامية، والذي تماسك خلال العقد الأول من القرن الحالي في إطار حزب العدالة والتنمية الناشئ، قد تعرّض لهزات كبيرة إثر الصراع مع جماعة فتح الله غولن، ثم خروج شخصيات محافظة رئيسة ومؤسِّسة للحزب مثل الرئيس السابق عبد الله غول، وبشير أتلاي، وعلي باباجان، ثمّ أحمد داود أوغلو، وغيرهم. ورغم التفاوت بين التوجهات الخارجية لهؤلاء، فإنّ ما يجري حاليًا هو محاولة موازنة التوجه الغربي والأوروبي في السياسة الخارجية، الذي كانت تدفع باتجاهه بشكل رئيس جماعة غولن، والتي أدت أحداث عدة إلى إقصائها، أهمها محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز/ يوليو 2016. وعوضًا عن ذلك، سعى زعيم حزب العدالة والتنمية والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وفقًا لعماد قدورة، إلى تعزيز مكانته في الحزب والدولة، وكذلك التحالف مع قوى مؤثرة أخرى عمادها القوميون الأتراك، مثل حزب الحركة القومية، وحزب وطن. وتتشارك القوى القومية النظرة إلى الغرب بأنه يسعى للهيمنة على تركيا وإضعافها ومنعها من تحقيق الاستقلالية في القرار الخارجي، أو أن تكون فاعلة في محيطها، وأنّ مجال تحالفاتها يجب أن يكون مع دول الشرق مثل روسيا والصين وحتى إيران، لتحقيق ريادة تركيا. ويُطلق على هذا الاتجاه "الأوراسيون".

وقد احتل التحوّل الذي جرى في عام 2017، حين منح النظام الرئاسي التركي الجديد رئيس الجمهورية دورًا تنفيذيًا وسياديًا كاملًا في الشؤون الداخلية والخارجية، أهميةً خاصة، وذلك لأنّ السياسة الخارجية التركية أصبحت، وفقًا للباحث، في ظل هذا النظام، من مسؤولية مؤسّسة الرئاسة بالدرجة الأولى، وأضحى أردوغان يؤدي دورًا كبيرًا في صنع هذه السياسة والقيام بتنفيذها، إلى جانب وزير الخارجية، ممّا جعل نشاط الرئيس يتزايد خارجيًا ضمن ما يسمى "الدبلوماسية الشخصية"، وأصبح حلّ العديد من المشاكل يجري على أساس علاقات الرئيس مع قادة دول أخرى، مثل الولايات المتحدة وروسيا، من أجل توفير "حل سريع" عبر الاتصال واللقاء المباشر بدلًا من الاعتماد على البيروقراطية الدبلوماسية فقط.

وختم الدكتور قدورة المحاضرة بتناول التوجهات المستقبلية للسياسة الخارجية التركية، والتي أوضح أنها من المحتمل أن تستمرّ في محاولة تحقيق هدف "الاستقلالية"، وتعزيز علاقات تركيا بالشرق، مع المحافظة على العلاقات بالغرب؛ لكن عوامل عديدة قد تحول دون تحقيق الاستقلالية، منها محدودية قدراتها كي تكون قوة كبرى في المنطقة، وحاجتها المستمرة إلى التحالف مع قوى دولية وإقليمية لتنفيذ سياساتها.

وأعقب المحاضرة نقاشٌ ثريّ، شارك فيه عبر برنامج ويبيكس الباحثون في المركز العربي، وأساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وطلبته، كما شارك فيه جمهور المتابعين عبر وسائط التواصل الاجتماعي.