رئيس وحدة دراسات الخليج والجزيرة العربية في المركز العربي ورئيس تحرير دورية "سياسات عربية".
عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، يوم الأربعاء 12 نيسان/ أبريل 2023، سيمنارًا خاصًّا في الذكرى العشرين لغزو العراق، استضاف فيه الدكتورة دينا رزق خوري، أستاذة تاريخ الشرق الأوسط في جامعة جورج تاون الأميركية والباحثة الزائرة في المركز العربي، والدكتور حيدر سعيد، الباحث في المركز العربي ورئيس تحرير دورية "سياسات عربية"، ناقشا فيه مسألة الاستمرارية والقطيعة في النظام السياسي العراقي قبل غزو العراق عام 2003 وبعده.
وقالت الدكتورة دينا خوري في عرضها لورقتها المعنونة بـ "الاقتصاد السياسي للفساد وحرب الولايات المتحدة الطويلة على العراق: 1991-2011"، إنّ نمط الفساد المنتشر في العراق اليوم، والذي يشبه ممارسات الفساد التي تصاحب عادة السياسات النيوليبرالية وعملية خصخصة موارد الدولة في العديد من البلدان في العالم الثالث، هو جزء لا يتجزأ من "اقتصاد الحرب" الذي نشأ في الثمانينيات، واتخذ سماتٍ مميزة في التسعينيات. وأشارت خوري إلى أنّ غالبية التحليلات التي تناولت سياسات الفساد في العراق ركزّت على المحاصصة الطائفية، وكذلك على النظام الاقتصادي النيوليبرالي الذي أسسته الولايات المتحدة الأميركية في أعقاب عام 2003، إلا أنّ دراستها للفساد تبيّن أنّ جذور النمط الحالي تمتد إلى الوضعية التي فرضها نظام العقوبات الدولية في التسعينيات، والتي أدت إلى تفكيك سيادة الدولة على الأرض والاقتصاد، وخصخصة احتكار الدولة للوسائل القسرية، وتراجع أولوية دورها بصفتها ضامنًا للسلع الاجتماعية. واستنتجت خوري أنّ النظام السياسي والاقتصادي لما بعد عام 2003 خلق طبقة من رواد الأعمال السياسيين والاقتصاديين، وأسّس لاقتصاد غير رسمي للفساد الذي كان موجودًا في التسعينيات.
من جهته قال الدكتور حيدر سعيد في ورقته المعنونة بـ "الغزو الأميركي للعراق وإسقاط نظام صدام في التاريخ العام: قراءة استكشافية في قطيعته واستمراريته"، إن غزو العراق عام 2003 قُرئ بوصفه حدثًا بسيطًا؛ أي من منظور أنه حدث له وجه واحد، يرتبط بالغزو الأميركي ومسؤولية قوة الاحتلال عن التخطيط لمرحلة ما بعد صدام حسين وإدارتها، في حين يرى أنه ينبغي النظر إلى مسألة غزو العراق بوصفها حدثًا مركبًا، مشيرًا إلى أن هذا التركيب يبدأ من الجمع بين معنيين يتضمنهما الحدث (إسقاط نظام استبداد وطني بيد قوة احتلال عسكرية أجنبية)، ولا يقف عند المخرجات المباشرة للحرب، بل يستمر إلى المرحلة الانتقالية وسائر تفاصيلها، التي يجري تصورها على أنها خضعت (وهي نتاج) لمخطط أميركي، في حين أن الفاعلين المحليين أسهموا في فرض تصوراتهم التي كان لها الدور الأكبر في تحديد مسار الانتقال. وأضاف أنّ النقاش العربي حول الديمقراطية كان من أهم تداعيات الغزو الأميركي للعراق، مجادلًا بأن الغزو دفع الفكر العربي إلى محاولة صياغة نسخة محلية من الديمقراطية، خاصّة بعدما تبيّن أن سقوط نظام الاستبداد في العراق لم يؤد إلى سقوط أنظمة أخرى وتداعيها.
وعقّب على المشروعين البحثيين الدكتور حارث حسن، الباحث الأول في مركز كارنيغي، والدكتور خليل عثمان، الباحث الأول في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني في معهد الدوحة للدراسات العليا؛ حيث أشار حسن إلى أهمية إيلاء اهتمام للدور الذي ما زالت تؤديه الدولة في العراق في مسار الانتقال بعد الغزو، في حين أشار عثمان إلى أهمية دراسة سلوك مختلف القوى السياسية المحلية العراقية بعد الحرب، والتي ساهمت في تشكيل النظام السياسي الجديد. وقد أعقب السيمنار نقاشٌ شارك فيه باحثون وأساتذة في المركز العربي ومعهد الدوحة وطلبته.