باحث زميل أوّل بجامعة بريتوريا في جنوب أفريقيا. شغل منصب مدير المعهد الإفريقي للفكر والحوار بجامعة جوهانسبرغ، ومدير تنفيذي في مركز حلّ النزاعات التابع لجامعة كايب تاون.
استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، يوم الأربعاء 6 كانون الأول/ ديسمبر 2023، البروفيسور أديكيي أديباجو، باحث زميل أوّل بجامعة بريتوريا في جنوب أفريقيا، الذي قدّم محاضرةً عنوانها: "نحو سلام أفريقي جديد: تعزيز منظومة أفريقيا الأمنية في زمن ما بعد الحرب الباردة". تناول الباحث الأزمات الأمنية التي تعصف بقوة بالقارة الأفريقية، وطرح رؤيته لبناء سلام أفريقي جديد للحفاظ على أمنها، ولتمكينها من مواصلة العمل على تطبيق الحكم الفعّال، والتكامل الإقليمي، والتنمية الاجتماعية الاقتصادية.
استهل الباحث محاضرته بتقييم إطار تقرير خطّة السلام التي أعدّها الأمين العام المصري السابق للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي في عام 1992، والتي اعتمدها في محاضرته. وقال إن بطرس غالي أيّد بقوّة استخدام الترتيبات الأمنية الإقليمية لتخفيف العبء الثقيل الذي تتحمّله منظمة الأمم المتحدة في مجال حفظ السلام. وقد حدث ذلك في ليبيريا، في الفترة 1993-1997، في أثناء الانتشار الأوّل من نوعه الذي أجرته المنظمة إلى جانب قوة إقليميّة موجودة في الأصل. وقال الباحث إنه نظرًا إلى الدور البارز الذي أدّاه بطرس غالي، فإن مفهوم "بناء السلام"، المفصّل في خطّة السلام، يرتبط في الوقت الراهن ببعثات متعددة الأبعاد في أماكن عديدة، من بينها أنغولا وموزمبيق والصومال وسيراليون، وهي بلدانٌ بذلت جهودًا من أجل تبنّي نهجٍ شامل للسلام.
وبيّن الباحث أن بعض مهمّات بعثات حفظ السلام ارتبطت بمهمّات نزع السلاح وتسريح المقاتلين وإعادة إدماجهم، وإصلاح قطاع الأمن، وإعادة اللاجئين إلى وطنهم، وعملية رصد حقوق الإنسان، وتنظيم الانتخابات. وقد تصدّر كلّ من بطرس غالي والأمين العام الغاني، كوفي أنان، من بعده، مناقشات مفاهيمية مهمة بشأن التدخل الإنساني، وكان كلّ منهما من أسباب إنشاء لجنة بناء السلام والمحكمة الجنائية الدولية التابعتين للأمم المتحدة.
خاض الباحث في مفهوم السلام الأفريقي، وناقش كيفية تحقيقه من خلال تعزيز العلاقة بين المنظمات الإقليمية في أفريقيا والأمم المتحدة. ومن ثم، استعرض العوامل الرئيسة لنجاح بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وتوقف عن تقييمٍ لمفارقة حفظ السلام في أفريقيا والأزمة الحالية المتمثّلة في عمليّة حفظ السلام في هذه القارة.
وختم الباحث محاضرته بأربع توصيات سياسية رئيسة لتعزيز المنظومة الأمنية في أفريقيا، هي:
أولًا، يجب الإسراع في تفعيل قوة احتياطية أفريقية فعالة قوامها 25 ألف فرد للعمل جنبًا إلى جنب مع الأمم المتحدة. ثانيًا، يجب أن تكون البلدان التي تساهم في نشر قوات بعثات الأمم المتحدة على استعداد للسماح لقواتها بالمشاركة في العمليات المحفوفة بالمخاطر من أجل تحقيق السلام في أفريقيا. ثالثًا، يجب تعزيز قدرات لجنة بناء السلام. رابعًا، يجب أن يوسّع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عضويته الدائمة لتشمل، على سبيل المثال، نيجيريا وجنوب أفريقيا والبرازيل والهند.
وقد قدّم الدكتور إسماعيل رشيد، أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية في كلية فاسار الأميركية، مداخلةً تعقيبية شدد فيها على أهمية أخذ أهمية السياقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للصراعات في أفريقيا في الحسبان، وأكّد أن بناء السلام يقتضي مجابهة الأسباب الجذرية للصراعات. وأعقب السيمنار نقاشٌ ثري شارك فيه باحثون وأساتذة في المركز العربي ومعهد الدوحة للدراسات العليا، وطلبته، وقد سلطوا الضوء على الصراعات في الدول العربية الأفريقية.