Author Search

​أستاذ مساعد في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بمعهد الدوحة للدراسات العليا

الأنظمة السلطوية بوصفها شبكات حاكمة موضوعًا لسيمنار المركز العربي
الدكتور عمار شمايلة
الدكتور مروان قبلان
الدكتور هاني عواد
الحضور المشارك في السيمنار

استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، يوم الأربعاء 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، الدكتور عمار شمايلة، الأستاذ المشارك ورئيس برنامج العلوم السياسية والعلاقات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا، الذي قدّم محاضرة بعنوان "الأنظمة السلطوية بوصفها شبكاتٍ حاكمة"، تناول فيها إشكالية تصنيف الأنظمة السلطوية وفق منظور الشبكات الحاكمة، متّخذًا نظام الأسد نموذجًا.

افتتح الباحث محاضرته بنقد التصنيفات التقليدية للأنظمة السلطوية التي تعتمد على تحديد الكيانات المهيمنة أو قياس القوى الممنوحة لمؤسسات معينة. وأوضح أن هذه التصنيفات، رغم أهميتها، غالبًا ما تفشل في رصد السمات المهمة للأنظمة. واقترح تصوّرًا بديلًا يقوم على فهم الأنظمة السلطوية بوصفها شبكات حاكمة، مؤكدًا أن هذا التصور قد يساعد على فهمٍ أفضل لديناميات العلاقات داخل النظام والاختلافات بين الأنظمة المختلفة.

وقدّم الباحث دراسة حالة مفصلة عن سورية تحت حكم حزب البعث، موضحًا أن التصنيفات التقليدية لم تستطع رصد التغيرات المهمة التي طرأت على النظام. فعلى سبيل المثال، ظل تصنيف النظام السوري في مقياس "الديمقراطية-الدكتاتورية" ثابتًا منذ عام 1963 حتى نهاية مجموعة البيانات، رغم التغيرات العميقة التي شهدها هذا النظام خلال هذه الفترة.

واستعرض الباحث التحولات المهمة في شبكة الحكم السورية، بدايةً من انقلاب البعث عام 1963، مرورًا بفترة حكم أمين الحافظ وصلاح جديد، ثم وصول حافظ الأسد إلى السلطة عام 1970. وأشار إلى أن نجاح الأسد في الاستيلاء على السلطة كان مرتبطًا أساسًا بقدرته على تطوير شبكة قوية من العلاقات مع ضباط الجيش خلال فترة قيادته للقوات الجوية ووزارة الدفاع.

وتطرّق الباحث إلى التغيرات الهيكلية التي أدخلها دستور 1973، والذي عزز سلطة الرئاسة وأسس لنظام مؤسسي يوزع السلطة بشكل محدود. وتناول كذلك محاولة انقلاب رفعت الأسد عام 1983 وتداعياتها على هيكل النظام، موضحًا أن إعادة هيكلة شبكة النخبة الحاكمة بعد هذه المحاولة أدّت إلى أكثر فترات النظام استقرارًا.

وناقش الباحث التغيرات العميقة التي شهدها النظام بعد وصول بشار الأسد إلى السلطة عام 2000، مشيرًا إلى أن التحرير الاقتصادي السريع أدى إلى تحوّل مركز القوة من الفاعلين السياسيين والعسكريين إلى المقربين في القطاع الخاص. وخلص إلى أن هذه التغيرات لم تكن لتُرصد من خلال التصنيفات التقليدية للأنظمة السلطوية.

وقد عقّب الدكتور مروان قبلان، مدير وحدة الدراسات السياسية في المركز العربي، على المحاضرة، مشيدًا بمتانة إطارها النظري وطموحها في تفسير العلاقات بين الشبكات الحاكمة. وأشار إلى أن المستوى التقني العالي للورقة يواكب التيار السائد في كمكمة العلوم الاجتماعية. وركز قبلان في تعقيبه على الحالة السورية، موضحًا أن النظام السوري، رغم استمراريته الظاهرية وقدرته على تجاوز التحديات المختلفة، شهد تحولات عميقة في العقود الستة الماضية. وأكد أهمية العامل الخارجي في تشكيل ديناميات النظام، مستشهدًا بتأثير حرب 1967 التي أضعفت الحزب لمصلحة الجيش، والدور السوفياتي في دعم انقلاب حافظ الأسد. وقد لفت الانتباه إلى التحول في طبيعة النظام من حزبي-عسكري إلى صراع داخل الطائفة، ثم داخل القبيلة نفسها، مشيرًا إلى أن القوة الحقيقية في النظام غير الرسمي كانت بيد رفعت الأسد قبل إقصائه.

وشهد السيمنار نقاشًا ثريًّا شارك فيه باحثو المركز العربي وأساتذة معهد الدوحة وطلابه، تناول موضوعات متنوعة منها: دور المؤسسات في تشكيل شبكات الحكم، والعلاقة بين التحولات الاقتصادية والسياسية في الأنظمة السلطوية، وإمكانية تطبيق إطار تحليل الشبكات على أنظمة سلطوية أخرى في المنطقة العربية.