عقدت وحدة الدراسات الاستراتيجية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مؤتمرها السنوي الرابع في الفترة 18-20 شباط/ فبراير 2023، وناقش المؤتمر "حالة حقل الدراسات الأمنية والاستراتيجية". وبحث المشاركون في المؤتمر، من باحثين رائدين في الحقل وخبراء ممارسين، في ثماني جلسات ومحاضرتَين عامتين، عددًا من القضايا الكبرى في الحقول الفرعية المختلفة للدراسات الأمنية والاستراتيجية. وشمل هذا رسم الخريطة الحالية لحقل الدراسات الأمنية، إضافةً إلى مجالات الحقول الفرعية لأمن الطاقة، والأمن البيئي، والأمن البشري، ودراسات الحرب والدفاع، فضلًا عن الحقول الفرعية لدراسات مكافحة الإرهاب وحركات التمرّد المسلح، والعلاقات المدنية - العسكرية، ودراسات الاستخبارات، ودراسات الأمن الدولي. كما تطرّق الباحثون المشاركون في المؤتمر إلى قضايا راهنة في الحقل، بما في ذلك الاستخدام المبتكر لعمليات محاكاة الحرب والمحاكاة التفاعلية بوصفها أداةً تعليمية في دراسات الأمن والدفاع، والحرب في أوكرانيا، والحروب الهجينة، والمعارك الحضرية. وإضافةً إلى النقاشات النظرية والمفهومية، تتطرق أوراق المؤتمر إلى حالاتٍ تجريبية وتعالج قضايا مختلفة تتعلق بعددٍ من البلدان، منها بلدان الخليج العربية، وأوكرانيا، وأفغانستان، وصربيا، وألبانيا، وتركيا، ومصر، والصين، وإيران. يتناول المؤتمر أيضًا مساهمات المركز العربي ومعهد الدوحة للدراسات العليا في مجال الدراسات الأمنية والاستراتيجية، من خلال المشاريع البحثية والمناهج الأكاديمية التي يقدمانها.

المساهمة العربية ونزع الاستعمار عن الحقل

ضمّت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر ثلاثة مداخلات. حاول بهجت قرني، أستاذ العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، في مداخلته بعنوان "الدراسات الأمنية والتهديدات الأمنية العربية المتعددة المستويات: نحو دراسات أمنية نقدية 2"، الإجابة عن سؤالين رئيسين: لم تنزع معظم التحليلات الأمنية إلى التركيز على مفهوم عسكري تقليدي للأمن القومي رغم وجوهه المتعددة في العالم العربي؟ وما حدود تطبيق مفهوم "الأمن البشري" على المنطقة العربية، وعلاقته بالدراسات الأمنية النقدية والنقاشات الأوسع حول الأطر المفاهيمية للعلاقات الدولية؟

ثمّ تناول ييروين خانينغ، أستاذ سياسة الشرق الأوسط ودراسات الصراع في كلية كينجز في لندن، في عرضه "الدراسات الأمنية النقدية وإنهاء الاستعمار"، كيف يمثّل إنهاء الاستعمار تحدّيًا لحقل الدراسات الأمنية النقدية، وكيف ارتبط الحقل تاريخيًا بالإنتاج المعرفي المتمحور حول الغرب وبنى السلطة الغربية، مشيرًا إلى الدروس التي يمكن أن يتعلمها الحقل من المحاولات العالمية المتعددة للتخلص من مصفوفة القوة الاستعمارية والعمل على إنهاء الاستعمار، وملقيًا نظرة على تطورات الحقل التي تعدّ مواقع واعدة لتعزيز إنهاء الاستعمار المعرفي.

أمّا عمر عاشور، مدير وحدة الدراسات الاستراتيجية بالمركز العربي ورئيس برنامج الدراسات الأمنية النقدية بمعهد الدوحة، فتطرق في عرضه "الدراسات الأمنية والاستراتيجية: مساهمة الدوحة"، إلى إسهام المركز العربي ومعهد الدوحة في الدراسات الأمنية والاستراتيجية النقدية، من خلال المشاريع البحثية والمناهج الأكاديمية. فمنذ عام 2018، تمثّل وحدة الدراسات الاستراتيجية، للمختصين والناشطين والمسؤولين، منصّةً وطنية ودولية للاجتماع والمناقشة والنشر حول قضايا مهمة في الدراسات الأمنية والاستراتيجية. وشملت فعالياتها مؤتمرات ومحاضرات وندوات، إضافةً إلى دراسات محكمة صادرة باللغتين العربية والإنكليزية، ضمن سلسلتَي "أوراق استراتيجية" و"تحليلات استراتيجية". وفي أيلول/ سبتمبر 2019، أطلق معهد الدوحة البرنامج الأول من نوعه في دولة قطر والعالم العربي، وهو ماجستير الدراسات الأمنية النقدية، الذي صُمّم لتثقيف جيل جديد من المختصين المؤهلين، والقادة المحترفين والناشطين في المجال العام للدراسات الأمنية في قطر وجميع أنحاء المنطقة وخارجها. وفي عام 2022، أطلق المعهد برنامج الدكتوراه في الدراسات الأمنية النقدية. ولتعزيز التعليم التطبيقي والمتعلق بصنع السياسات في مجال الدراسات الأمنية، سيطلق معهد الدوحة برنامج الماجستير التنفيذي في الدراسات الأمنية النقدية في عام 2023، ليكون أول برنامج تنفيذي للدراسات الأمنية النقدية في قطر والمنطقة ككلّ.

الدراسات الأمنية: تعيين خريطة حقل صاعد

ترأّس الجلسة الأولى من المؤتمر، حيدر سعيد، الباحث في المركز العربي ورئيس تحرير دورية "سياسات عربية"، وكان محورها "الدراسات الأمنية: تعيين خريطة حقل صاعد"، وشارك فيها ثلاثة من أساتذة الدراسات الأمنية النقدية في معهد الدوحة. قدّم سيد أحمد قوجيلي ورقةً بعنوان "من التقليدية إلى النقدية: تطوّر حقل الدراسات الأمنية". تتبّع فيها كيف تطوّر حقل الدراسات الأمنية خلال العقود السبعة الأخيرة، متطرقًا إلى كيفية استجابة علماء الأمن (والمؤسسة الأكاديمية عمومًا) للتغيّر المستمرّ في البيئة الأمنية، وأساليب التفكير الجديدة المستخدمة لمواكبة تلك التطوّرات، ومخرجات هذه التفاعلات وأثرها في إنجاز الأمن على كافة المستويات (الأفراد والمجتمع والدولة والمحيط الحيوي).

وحاول مهند سلوم في ورقته "دراسات الاستخبارات في العالم العربي: حالة الحقل" الإجابة عن ثلاثة أسئلة رئيسة: لماذا تفتقر مكتبة دراسات الاستخبارات إلى البحوث الأكاديمية التي تدرس أجهزة الاستخبارات العربية على نحوٍ منهجي يعتمد على البيانات الأولية، رغم مركزية أجهزة الاستخبارات في كثير من الأنظمة السياسية العربية؟ وما صعوبات العمل الميداني التي تواجهها دراسات الاستخبارات؟ وكيف يمكن تقييم محاولات دراسة تطور دور أجهزة الاستخبارات العربية وفهمها؟

أمّا عماد منصور، فانتقل في ورقته "الأسس المشتركة في دراسات الأنظمة الإقليمية والتنافس الإقليمي" إلى البعد الدولي للدراسات الأمنية والاستراتيجية، من خلال معالجة كيف تطورت دراسة النسق الإقليمي، ومن ثمّ الأمن الإقليمي، وكيف تقدّم المدارس المختلفة في دراسة التنافس الإقليمي/ الدولي فرضيات مرتبطة بكيفية تغيّر أشكال النسق في المناطق، وكيف بمقدور دراسة التنافسات تقديم تفسير وجيه لشكل النسق الإقليمي وتحولاته في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟

الأمن الطاقي والبيئي والبشري

عُقدت الجلسة الثانية، التي ترأّسها حامد علي، عميد كلّية الإدارة العامة واقتصاديات التنمية في معهد الدوحة، بعنوان "الأمن الطاقي والبيئي والبشري"، وتضمنت ثلاث مداخلات، افتتحها جودت بهجت، أستاذ شؤون الأمن القومي في جامعة الدفاع الوطني التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، بورقة عنوانها "دول الخليج والتحول في مجال الطاقة"، ناقشَ خلالها آفاق التحوّل الطاقي في الدول الرئيسة المنتجة للنفط والغاز في الشرق الأوسط، مجادلًا بأنّ هناك حاجة إلى تحقيق التوازن بين أزمة المناخ وتلبية احتياجات الطاقة العالمية، وأنّ تنويع مصادر الطاقة ضروري لضمان أمن الطاقة على الصعيد الإقليمي والعالمي، وضمان الازدهار الاقتصادي.

ثم قدّمَ عبد الكريم قزيز، أخصائي علم الأوبئة وباحث الدكتوراه في كلية كينغز في لندن، ورقة عنوانها "الأمن الصحي في العالم العربي: التأطير المفهومي والتطبيقات العملية والأجندة المستقبلية"، ركّز فيها على مفهوم الأمن الصحي وتطبيقاته في العالم العربي. مشيرًا إلى تعرّض الحصول على الرعاية الصحية في العالم العربي للخطر بسبب النزاعات المسلحة والعنف في المنطقة، فضلًا عن الأوبئة وتفشّي الأمراض المعدية، وغياب أجندات وطنية مرتبطة بالأمن الصحي.

وخُتمت الجلسة بورقة قدّمها بيل وينينغر، الأستاذ في مركز دانييل ك. إينوي لآسيا والمحيط الهادئ للدراسات الأمنية، عنوانها "أمن الطاقة والتعقيد في عالم غير آمن"، أشار فيها إلى أنّ الطاقة تُعّد نظامًا معقّدًا غالبًا ما يُساء فهمها وتكون عرضةً للفهم العقيم للأزمة القصيرة المدى، مجادلًا أنّه من الأجدى النظر إلى أمن الطاقة في سياق نظام مرن من الإمدادات/ الموردات (العامة والخاصة)، وأنظمة التوصيل، والمستهلكين الذين استجابوا على نحو متوقع إلى حدٍ ما لمؤشّرات العرض والطلب.


اليوم الثاني

بدأت أعمال اليوم الثاني للمؤتمر بمحاضرة، ترأسها باسل صلّوخ، رئيس برنامج العلوم السياسية والعلاقات الدولية بمعهد الدوحة للدراسات العليا، وقدّمها ركس براينن، أستاذ العلوم السياسية في جامعة مكغيل في مونتريال، عنوانها "الألعاب الحربية أداةً منهجية للتحليل والتعليم في الدراسات الأمنية"، جادل فيها بأنّ الألعاب الحربية وتقنيات المحاكاة التفاعلية، وغيرها من الألعاب الجادة، يمكنها أن تمثّل أداةً قيّمة لتوفيرِ فهمٍ أفضل لمجموعة واسعة من التحديات الاستراتيجية، متطرّقًا إلى نقاط القوة والضعف بالنسبة إلى الألعاب الاستراتيجية بوصفها منهجيةً، مع تسليط الضوء على المقاربات والاعتبارات الأساسية، وتحديد الموارد الإضافية التي يمكنها إفادة الباحثين والخبراء في حقل الدراسات الأمنية.

دراسات الحرب والدفاع

انعقدت الجلسة الثالثة للمؤتمر بعنوان "دراسات الحرب والدفاع"، وقد ترأسها محمد حماس المصري، رئيس برنامج الإعلام والدراسات الثقافية في معهد الدوحة، وشارك فيها أربعة باحثين. قدّم ستاثيس كاليفاس، أستاذ كرسي غلادستون لدراسات الحكومة في جامعة أكسفورد، ورقة بعنوان "منطق التعويض في العنف السياسي"، تطرّق فيها، من منطلق إعادة مفهمة العنف السياسي، إلى منطق استبدال التصنيفات في حالات العنف والصراعات الداخلية، من خلال النظر في مجموعة من الثنائيات؛ على شاكلةِ التطهير العرقي والمذبحة، والانقلاب العسكري والحرب الأهلية. في حين تمحورت الأوراق الثلاث التالية حول قضايا استراتيجية متعلقة بالحرب في أوكرانيا.

حاول ياسيك بارتوشاك في ورقته "التحولات العسكرية ومستقبل الاستراتيجي: دروس من أوكرانيا"، تقييم الاستراتيجية الروسية الكبرى تجاه أوروبا، إضافةً إلى الاستراتيجية الكبرى لبولندا، في أعقاب الحرب في أوكرانيا، وصولًا إلى الخلاصات التي يُمكن استنتاجها من تلك الحرب. أمّا ماريا زولكينا، فقد ركّزت في ورقتها "الصمود الشعبي بوصفه مكونًا للأمن القومي في أوقات الحرب: دراسة حالة أوكرانيا (2014-2022)"، على "الصمود الشعبي الأوكراني" بوصفه مسألةً مرتبطة بالأمن القومي، ويضطلع بدور مهمّ في صمود الدولة وتحقيق السيادة السياسية ووحدة الأراضي. ومن ناحية أخرى، تطرّق بترو بوركوفسكي، المدير التنفيذي لمؤسسة إلكو كوتشريف للمبادرات الديمقراطية، في ورقته "كتائب المقاتلين المتطوعين الأوكرانية: من الطرف الأضعف إلى سادة الحرب الحديثة"، إلى ظاهرة المقاتلين المتطوعين في أوكرانيا وأثرها الاستراتيجي في مجريات الحرب.

دراسات الإرهاب والتمرد

عُقدت الجلسة الرابعة التي ترأستها مروة فرج، أستاذة السياسات العامة في معهد الدوحة، بعنوان "دراسات الإرهاب والتمرد"، وتضمنت أربع مداخلات، افتتحها آرون زيلين، زميل ريتشارد بورو في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، بورقة عنوانها "من الإرهاب والتمرد إلى مكافحة الإرهاب والتمرد: حرب طالبان ضد تنظيم الدولة - ولاية خراسان"، ناقشَ خلالها كيفية تحوّل الجماعات التي شاركت سابقًا في تكتيكات إرهابية متمردة، إلى اتباع نهج معاكس ما إنْ تصل إلى السلطة؛ أي القيام بمكافحة الإرهاب ومكافحة التمرد. ثم قدّمت شارلوت هيث-كيلي، أستاذة السياسة والدراسات الدولية بجامعة ووريك، ورقة عنوانها "إعادة النظر في الحقل الفرعي لدراسات الإرهاب النقدية"، قيّمت فيها الآفاق المستقبلية لدراسات الإرهاب النقدية، بعد أن عاد الجيوبوليتيك بقوة إلى المسرح العالمي (مع الغزو الروسي لأوكرانيا).

وفي السياق ذاته، قدّم كومار راماكريشنا، أستاذ الأمن القومي في جامعة نانيانغ التكنولوجية، ورقة عنوانها "إعادة النظر في الدعاوى ضد دراسات الإرهاب النقدية"، جادل فيها بأنّ دراسات الإرهاب النقدية تعاني المشكلة الأساسية التي تواجه المقاربات النظرية النقدية الأوسع: الحدود غير الواضحة بين الدراسة الأكاديمية البحتة والنشاطية الأيديولوجية (وحتى السياسية) في بعض الأحيان. وخُتمت الجلسة بورقة قدّمتها مارزينا زكوسكا، أستاذة الأمن القومي بجامعة دراسات الحرب، عنوانها "الحرب الهجينة والتمردات المدعومة من الدولة: دراسة حالة شرق أوكرانيا"، بحثت فيها حركات التمرد التي تدعمها الدولة بوصفها أحد الإجراءات المستخدمة في الحرب الهجينة، من خلال دراسة كيفية استخدام روسيا هذه الأداة بشكل فعّال، لا سيما في منطقتَي دونيتسك ولوهانسك، لتقويض سيادة أوكرانيا.

العلاقات المدنية - العسكرية

بحثت الجلسة الخامسة للمؤتمر، التي ترأسها سيد أحمد قوجيلي، أستاذ الدراسات الأمنية النقدية في معهد الدوحة، موضوع العلاقات المدنية - العسكرية في سياقات مقارنة. قدّم عبد الفتاح ماضي، مدير وحدة دراسات الدولة والنظم السياسية في المركز العربي، ورقة عنوانها "حالة حقل العلاقات المدنية - العسكرية"، أجابَ فيها عن ثلاثة أسئلة رئيسة: ما المساهمات النظرية الرئيسة في حقل العلاقات المدنية – العسكرية؟ أَصَدرت عن منظّرين ومفكّرين من أجل توجيه الممارسة، أم تطورت مع تطور العلاقات المدنية - العسكرية ونظم الحكم على أرض الواقع؟ وهل يتفق الباحثون على نظرية عامة في العلاقات المدنية - العسكرية، أو على المفاهيم الرئيسة ذات الصلة؟

في حين ركّزت الأوراق الثلاث الأخرى على بحث حالاتٍ معيّنة؛ ففي ورقة عنوانها "فهم التباين في العلاقات المدنية-العسكرية في العالم العربي"، ركّزت ريسا بروكس، أستاذة العلوم السياسية في جامعة ماركيت، على الأنماط والخصائص الرئيسة للعلاقات المدنية - العسكرية في الدول العربية، مع الاهتمام، على نحو خاص، بكيفية اختلاف الأشكال المؤسسية للجيش وعلاقته بالقيادة السياسية. أمّا إيلر كاليمايج، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة نيويورك في ألبانيا، فقد حلّل في ورقته "العلاقات المدنية والعسكرية الصربية - الألبانية بوصفها بادرة لحل معضلة غرب البلقان"، ديناميات العلاقات المدنية - العسكرية بين صربيا وألبانيا في حقبة ما بعد تسعينيات القرن العشرين، ولا سيما العنصر الإثني الصربي والألباني في غرب البلقان، بما في ذلك كوسوفو. ومن جهة أخرى، حاجّ ملاذ الآغا، المحاضر في أكاديمية جوعان بن جاسم للدراسات الدفاعية، في ورقته "دمقرطة العلاقات المدنية - العسكرية خلال حكم حزب العدالة والتنمية في تركيا (2002-2022) وأثرها في تطور الصناعات الدفاعية"، بأنّ دمقرطة العلاقات المدنية - العسكرية في تركيا، خلال حكم حزب العدالة والتنمية، من خلال إخضاع المؤسسة العسكرية للسلطة المدنية المنتخبة، ساهمت في تعزيز حرفيّة المؤسسة العسكرية وتطوير قطاع الصناعات الدفاعية المرتبطة به.

اليوم الثالث

افتتحت أعمال اليوم الثالث للمؤتمر بمحاضرة، ترأستها عائشة البصري، الباحثة في المركز العربي، وقدّمها أنتوني كينغ، أستاذ ورئيس قسم دراسات الحرب في جامعة واريك بالمملكة المتحدة، عنوانها "الحرب في القرن الحادي والعشرين: المعارك الحضرية في أوكرانيا"، أجاب فيها عن ثلاثة أسئلة رئيسة: ما أسباب صعود التمرد في المناطق الحضرية في العقود الثلاثة الماضية؟ وما سبب مواجهات القوات الأوكرانية والروسية في المناطق الحضرية؟ وكيف يمكن تحليل المعارك المختلفة التي خاضتها هذه القوات ضدّ بعضها البعض؟

دراسات الاستخبارات

ترأسَّت آيات حمدان، الباحثة في المركز العربي، الجلسة السادسة للمؤتمر، وشارك فيها أربعة باحثين. استهلها بيتر جاكسون، أستاذ الأمن الدولي في جامعة غلاسكو، بورقة عنوانها "دراسات الاستخبارات: الماضي والحاضر والمستقبل"، حاول فيها تقييم الوضع الحالي في المجال متعدد التخصصات لدراسات الاستخبارات، من خلال النظر في أصول دراسة الاستخبارات وتاريخها المبكر، ومن ثم في الاتجاهات البحثية السائدة في دراسات الاستخبارات، والأساليب الجديدة والمشجعة لدراسة الاستخبارات. أما أوين سيرس، الأستاذ المساعد للدراسات الأمنية في جامعة مونتانا، فبيّن في ورقة عنوانها "دراسات الاستخبارات في العالم العربي: دراسة حالة جهاز المخابرات العامة المصرية"، أنّ التحليلات المستقبلية للأمن القومي العربي والتاريخ ستكون غير مكتملة، إذا فشلت في دراسة مجموعات الاستخبارات الوطنية.

وفي ورقة بعنوان "الاستخبارات والتهديدات الهجينة: الترابط والتشابك"، تناول جوردون أكراب، أستاذ علوم المعلومات في جامعة زغرب، العلاقة بين الاستخبارات والتهديدات الهجينة ودراسات الاستخبارات والدراسات الأمنية، وإن كان ثمّة أي رابط بينها، وإن كانت متشابكة ومترابطة أم تمثّل مجموعة متوازية من الأحداث، أم أنها مرتبطة على نحوٍ فضفاض بأحداث ومسارات عشوائية. بينما تناول غازي العساف، أستاذ مشارك في اقتصاديات الدفاع في أكاديمية جوعان بن جاسم للدراسات الدفاعية بقطر، في ورقته "الاستخبارات الاقتصادية والمالية: دور أنظمة الإنذار المبكر في توقع الأزمات المالية"، مفهومي الاستخبارات الاقتصادية والاستخبارات المالية وتطورهما في الدراسات الاقتصادية والاستخباراتية، محاولًا تقديم تطبيق عملي حول أهمية الاستخبارات الاقتصادية في صناعة القرار على مستوى الاقتصاد الكلي.

الأمن الدولي

تضمنت الجلسة السابعة، التي ترأستها بيفرلي ميلتون-إدواردز، المستشارة الأولى في إدارة السياسات والتخطيط في وزارة الشؤون الخارجية القطرية، أربع مداخلات، افتتحها هاميش دي برتون-غوردون، الزميل الباحث في كلية المجدلية بجامعة كامبريدج بالمملكة المتحدة، بورقة عنوانها "اللحظة النووية"، ناقش من خلالها أهمية وجود ضوابط وتوازنات من شأنها ضمان عدم تسبب الانتشار النووي والتهديد المتزايد الناجم عنه بإشعال حرب كارثية. وقدّم توماس سمورا، مدير مكتب الأبحاث في مؤسسة كاسيمير بولاسكي، ورقة بعنوان " أثر تحديث جيش التحرير الشعبي الصيني في الأمن الدولي"، تطرّق فيها إلى مساعي الحزب الشيوعي الصيني في تسريع عملية الإصلاح والتحديث لجيش التحرير الشعبي ليصبح قوة مسلحة حديثة بحلول الذكرى المئوية لتأسيسه في عام 2027، وآثار ذلك في التنافس والأمن الدوليين.

أما طوني لورانس، رئيس برنامج السياسة والاستراتيجية الدفاعية في المركز الدولي للدفاع والأمن في تالين بإستونيا، فبحث في ورقة بعنوان "الدعم العسكري ونتائج الحرب: الحرب الروسية في أوكرانيا"، حجم المساعدات العسكرية ونوعها التي تلقتها كل من أوكرانيا وروسيا من مصادر خارجية، وكيف تغير ذلك مع استمرار الحرب، والآليات التي أوجِدت لتقديم المساعدات، وتأثير هذه المساعدات في سير الحرب ونتائجها. وختم محجوب الزويري، مدير مركز دراسات الخليج وأستاذ التاريخ المعاصر وسياسة الشرق الأوسط في جامعة قطر، الجلسة بورقة عنوانها "إيران وديناميات الأمن الإقليمي الجديدة"، بحثت التحديات الأمنية الجديدة للجمهورية الإسلامية الإيرانية وتطوراتها، وآثار تلك التطورات في منطقة الشرق الأوسط، وإن كانت قد منحت إيران مزيدًا من الفرص، أم أنّها أضافت تحدياتٍ جديدة انعكست في اتساع الفجوة بين المجتمع الإيراني والنظام السياسي.