نظمت وحدة الدراسات الاستراتيجية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في الفترة 22-24 فبراير/ شباط 2020 مؤتمر "ميليشيات وجيوش: تطورات الأداء القتالي والسياسي للحركات والمؤسسات المسلحة". وناقش المؤتمر مجموعة من الأسئلة البحثية المهمة على غرار: كيف حصلت ثورة في الأداء القتالي والأدوار السياسية؟ ولماذا حصلت؟ وما التداعيات الاستراتيجية المترتبة على هذا التغير في النمط التاريخي؟ وكيف سيؤثر هذا النمط في مؤسسات الدولة المسلحة وتصاعد ما يعرف بـ "الحروب الهجينة" في منطقة الشرق أوسط وخارجها؟ وما تأثيرات ذلك في الاستقرار والإصلاح والدمقرطة وهوية الدولة وشرعيتها في هذه المنطقة؟

وقدم عمر عاشور، مدير وحدة الدراسات الاستراتيجية في المركز العربي، الكلمة الافتتاحية للمؤتمر، كما ألقى محاضرة بعنوان "الصعود العسكري للتنظيمات المسلحة: حالة تنظيم الدولة داعش". وحاول أن يقدم فيها تأطيرًا نظريًا عامًا لمختلف جلسات المؤتمر، ويطرح الأسئلة الفكرية والمنهجية التي تتعلق بموضوع صعود التنظيمات المسلحة التابعة للدول والخارجة عنها. كما ركز على أسباب وظروف ونتائج تطور القدرات القتالية والفاعلية العسكرية للأطراف المسلحة ما دون الدول، وتأثير ذلك في موازنة القوى بينها وبين الأطراف المسلحة التابعة للدول (الجيوش بالأساس).

إثر ذلك قدم لاري غودسون المحاضرة الافتتاحية بعنوان "الحرب العظمى الأولى في القرن الحادي والعشرين: الحرب الهجينة من سورية إلى بحر الصين الجنوبي". وطرح فيها ظاهرة الحرب الهجينة التي انخرطت فيها كل من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين، عبر استخدام أطراف مسلحة ما دون الدولة في شكل وكلاء، من أجل تحقيق مصالح واضحة باستخدام كل الطرق الممكنة، بما في ذلك العنف المسلح. كما حاول بيان أهمية تكتيك الحرب الهجينة وراهنيته في الصراع المسلح الحديث والمعاصر، وتأثيره في موازنات القوى العسكرية وفي شكل الصراعات المسلحة الدائرة ونتائجها.

جرت أعمال اليوم الأول من المؤتمر ضمن جلستين. ترأس الجلسة الأولى الدكتور مروان قبلان، وكان محورها "عودة المتمردين؟ قدرات قتالية ضد أنظمة قائمة". أما الجلسة الثانية، التي ترأسها الدكتور محجوب الزويري، فكان محورها "جنود الدولة غير النظاميين؟ قدرات قتالية مع أنظمة قائمة".

وتواصلت أعمال المؤتمر في يومه الثاني ضمن ثلاث جلسات، إذ كان محور الجلسة الثالثة (الأولى في اليوم الثاني) "الحرب الهجينة: الميليشيات والدول (الأجنبية)"، وناقشت الجلسة الرابعة موضوع "القتال والسياسة الدّولية"، والخامسة كانت بعنوان "من ميليشيا إلى جيش".

توزّعت أعمال اليوم الثالث والأخير على جلستين أساسيتين، إضافةً إلى جلسة ختامية. عُنونت الجلسة الأولى، وهي السادسة في أعمال المؤتمر، بــ "الجيوش: المركزية واللامركزية"، برئاسة دانا الكرد. وفي الجلسة السابعة، التي ترأسها راشد حمد النعيمي، شارك ثلاثة محاضرين بأوراق ضمن محور "التطورات التكتيكية" للجيوش والمليشيات.

ونهايةً، قدّم مدير وحدة الدراسات الاستراتيجية في المركز العربي عمر عاشور الملاحظات الختامية للمؤتمر، بدأها بشكر المدير العام للمركز العربي الدكتور عزمي بشارة والمشاركين والحضور والقائمين على المؤتمر، وكذلك أساتذة برنامج الدراسات الأمنية النقدية في معهد الدوحة للدراسات العليا. ومن ثمّ أشار إلى مخرجات المؤتمر، التي ستكون في كتابين مُحكّمين، الأول يجمع فصولًا مختارة من الأوراق المشاركة في المؤتمر، والآخر يُركّز على تحوّل الميليشيات إلى جيوش، والعكس، إضافةً إلى تقرير سياساتي يلخّص مناقشات المؤتمر، ويقدّم تحليلات وتوصيات. وقد نوّه عاشور إلى أن هذا المؤتمر وما سبقه يندرجان ضمن بدايات عمل وحدة الدراسات الاستراتيجية، كما أنّ هذه الموضوعات تُدرّس في مقررات برنامج الدراسات الأمنية النقدية. وختامًا لفت إلى أنّ المركز سيعقد خلال الشهور القادمة مؤتمر الأمن القومي وتحديات الأمن الإقليمي، ومؤتمر طلبة الدكتوراه العرب في الجامعات الغربية.