بدون عنوان

من الجلسة الأولى التي ترأسها مروان قبلان (وسط) وشارك فيها نصر الدين سعيدوني (يمين) ونور الدين بكيس
من الجلسة الأولى التي ترأسها مروان قبلان (وسط) وشارك فيها نصر الدين سعيدوني (يمين) ونور الدين بكيس
فوزي أوصديق متحدثا خلال الجلسة الثانية والتي ترأسها حيدر سعيد (وسط) وشارك فيها عمار جفال (يسار)
فوزي أوصديق متحدثا خلال الجلسة الثانية والتي ترأسها حيدر سعيد (وسط) وشارك فيها عمار جفال (يسار)
جانب من الجمهور الحاضر
جانب من الجمهور الحاضر
من الجلسة الثانية للندوة
من الجلسة الثانية للندوة
محمد قراط متحدثا خلال الجلسة النقاشية الختامية للندوة
محمد قراط متحدثا خلال الجلسة النقاشية الختامية للندوة
من الجلسة النقاشية
من الجلسة النقاشية

عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات يوم السبت 20 نيسان/ أبريل 2019، بمقره بالدوحة، ندوة "آفاق الحركة الاحتجاجية ومستقبل التحول الديمقراطي في الجزائر"، التي جاءت في جلستين تناولت الأولى "ديناميات الحركة الاحتجاجية" والثانية "القوى الفاعلة في المشهد السياسي"، واختتمت بجلسة نقاشية حول "مستقبل الانتقال الديمقراطي في الجزائر".

ديناميات الحركة الاحتجاجية

ناقشت الجلسة الأولى ديناميات الحركة الاحتجاجية ضمن مداخلتين الأولى للمؤرخ الجزائري ناصر الدين سعيدوني تناولت "الخلفية التاريخية للحراك الشعبي في الجزائر"، والثانية للدكتور نور الدين بكيس تحدث فيها عن "بنية الحركة الاحتجاجية في الجزائر"؛ وترأسها الدكتور مروان قبلان.

تناول الدكتور سعيدوني الحراك الشعبي الذي انطلق في "22 فبراير 2019" من زاوية تاريخية مبنية على المقارنة بينه وبين تجارب سابقة مثل "مجازر 8 ماي 1945"، والثورة التحريرية 1954، و"أحداث 5 أكتوبر 1988"، وتجربة العشرية السوداء في التسعينيات. كما ناقش مدى استفادة الجزائريين من تجربة الربيع العربي ومآلاته. واعتبر أن الحراك الشعبي هو ردة فعلٍ عادية على نظام سياسي غير ديمقراطي عاجز عن بلورة مشروع مجتمع ودولة وطنية ديمقراطية حديثة قادرة على استثمار طاقة الشعب الجزائري ومكنوناته في الصالح العام.

أما الدكتور بكيس فقام بتشريح الحركة الاحتاجية الحالية وربطها بخط متواصل من الأحداث أهم محطة فيه هي احتجاجات 2011 التي حدثت بالتوازي مع احتجاجات الربيع العربي في تونس ومصر. فقد خلقت احتجاجات 2011 واقعًا سياسيًا جديدًا يتم فيه انتزاع تنازلات من السلطة الحاكمة بالاحتكام للشارع، ومن مخرجات هذه الحركة الاحتجاجية إلغاء حالة الطوارئ في 2012 بعد أن دامت ما يقارب العقدين.

يعتبر بكيس أن احتجاجات 22 فبراير 2019 هي امتداد طبيعي لاحتجاجات 2011؛ وأن الشارع اكتسب خبرة في التعامل مع السلطة الحاكمة؛ كما تعد انتقالًا من المطالب السوسيواقتصادية إلى المطالب السياسية التي تنادي برحيل النظام وبناء نظام ديمقراطي. فالغالبية الشبابية التي تقود الاحتجاجات لا تجعل منها احتجاجات جيلية؛ إذ إن كبار السن الذين عاشوا العشرية السوداء يؤدون دورًا مُعقلِنًا لها يتجلى أساسًا في الطابع السلمي، تفاديًا لانزلاقاتها وضياع قضيتها الأساسية.

القوى الفاعلة في الاحتجاجات

 استهلت الجلسة الثانية برئاسة الدكتور حيدر سعيد، بمداخلة للخبير الدستوري الدكتور فوزي أوصديق حول الوضع الدستوري الراهن والحلول الممكنة وسط تعارض مسارين أحدهما سياسي والآخر دستوري، اعقبتها مداخلة الدكتور عمأر جفال التي كانت بمنزلة رصدٍ لمواقف القوى الاقليمية والدولية ومصالحها.

اعتبر أوصديق أن الوضع السياسي الراهن في الجزائر يحكمه تصارع وتعارض منطقين الأول سماه "منطق الاصلاح" ويتمثل في المسار الدستوري الذي اقترحه الجيش في آذار/ مارس 2019 القاضي بتطبيق المادة 102 من الدستور التي تنظم حالة شغور منصب الرئاسة عبر انتقال السلطة لرئيس مجلس الأمة (الغرفة العليا في البرلمان الجزائر) لمدة 90 يومًا ينظم خلالها انتخابات رئاسية. والثاني "منطق تغيير" ينادي به الشارع والمعارضة، لا يستند إلى القواعد الدستورية المكتوبة. وبيّن أن المادة 102 من الدستور صممت لإدارة الظروف السياسية الطبيعية وليس لوضع استثنائي واحتجاجات ضاغطة. وقد خلص إلى أن الحلول الدستورية تم استنفادها وأن الانتقال نحو الديمقراطية يتطلب حلولًا سياسية.

أما الدكتور عمار جفال فقام بتتبع المواقف الرسمية للقوى الكبرى كالولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وروسيا والصين. وذلك بعد تقديم وصفٍ للسياسة الخارجية الجزائرية التي تشكل أساسًا لتعامل المحيط الإقليمي والدولي مع الجزائر. ومن جملة مبادئ السياسة الخارجية للجزائر عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والحل السلمي للأزمات والصراعات الإقليمية والدولية.

اعتبر جفال أن المؤشرات تدل على أن الموقف الرسمي الفرنسي لم يكن راضيًا عن استمرار عبد العزيز بوتفليقة في الحكم منذ وقت مبكر يعود إلى 2016، وأن السلوك الفرنسي تجاه الجزائر والاحتجاجات يُفهم عبر مدخلين أساسين الأول مصلحي يتعلق بالمصالح الفرنسية في الجزائر في مجال الأمن والطاقة والامتيازات الاقتصادية، والثاني يتعلق بتخوف الإدارة الفرنسية من وصول إسلاميين إلى الحكم قد يشكلون قاعدة لضرب المصالح الفرنسية. وتابع الباحث تحليل المواقف الدولية الأخرى، ليصل إلى تحليل المواقف العربية مركزًا على الموقف المغربي الذي كان الشق الرسمي منه إيجابيًا يحتكم لمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر، أما الشق الشعبي العام فكان متفائلًا بتغيير قادم في أنظمة الحكم في دول المغرب العربي.

مستقبل الانتقال الديمقراطي في الجزائر

أما في الجلسة النقاشية، فقد تحدث فيها متحدثان رئيسان هما الدكتور محمد قيراط والإعلامي الجزائري حفيظ دراجي ضمن موضوع عام للنقاش هو استشراف مستقبل الانتقال الديمقراطي في الجزائر على ضوء الحركة الاحتجاجية الراهنة، ترأسها الدكتور عبد الفتاح ماضي.

اعتبر قيراط أنه لا يمكن قراءة مستقبل الحركة الاحتجاجية في الجزائر دون الأخذ في الاعتبار خمسة متغيرات رئيسة هي المؤسسة العسكرية والأحزاب والإعلام والقضاء والمجتمع المدني. فمستقبل دور الجيش وسلوك الأحزاب المعارضة وأداء الإعلام في الظروف الانتقالية واستقلال السلطة القضائية وحركية مؤسسات المجتمع المدني من شأنها التأثير في مسار التحول الديمقراطي سلبيًا أو إيجابيًا.

أما الأستاذ حفيظ دراجي فقد استعرض تجربته في العمل لمدة عقدين في التلفزيون الرسمي في الجزائر محللًا تقاطعات الإعلامي والسياسي في فترة حكم بوتفليقة. كما بين أن النضال السياسي السلمي في الجزائر حقق الكثير، وأشعر المجتمع بقدرته على التغيير واقتحام مجال السياسة الذي يسيطر عليه نظام سياسي غير ديمقراطي. كما أكد على دور الجيل السابق في عملية عقلنة الحراك الاحتجاجي وإضفاء صبغة من الحذر المُحتكم إلى تجربة تاريخية مريرة تتمثل في العشرية السوداء. وقد اعتبر أن للحراك نتائج في الواقع لا يمكن إنكارها أهمها استقالة رئيس الجمهورية وبعده رئيس المجلس الدستوري. وذكّر دراجي بالوعود الإصلاحية لبوتفليقة عام 2012 القاضية بتسليم السلطة للشباب، والتي شكلت آنذك بادرة أمل في انتقال سلس نحو الديمقراطية، معتبرًا أن ترشح الرئيس لولاية رابعة عام 2014 كان رِدةً عن تلك الوعود؛ الأمر الذي أدى بالضرورة إلى الحراك الحالي الذي يعتبره دراجي "ثورة" و"نهضة".

وقد فُتح المجال للمداخلات والتعقيبات والأسئلة من طرف الحضور وباحثي المركز العربي والأساتذة بمعهد الدوحة للدراسات العليا وطلبته.