بدون عنوان

من قاعة السيمنار
محمد الشرقاوي خلال مناقشة الحاضرين
الشرقاوي يتوسط مراد دياني (مدير الجلسة/ يسار) ومروان قبلان (المعقب)
محمد الشرقاوي أثناء تقديم ورقته
طلبة وأساتذة وباحثون ناقشوا الشرقاوي حول الأفكار التي طرحها في ورقته

استضاف المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات يوم الأربعاء 24 كانون الثاني/ يناير 2018 ضمن برنامج السيمنار الأسبوعي الدكتور محمد الشرقاوي، أستاذ تسوية النزاعات الدولية في جامعة جورج ميسن في واشنطن، الذي قدّم محاضرةً بعنوان "الترامبية كفلسفة سياسية وتأثيرها في العلاقات الدولية المعاصرة".

أوضح الشرقاوي في بداية عرضه مرامَه البحثي الكامن في تفكيك الخطاب الترامبي بحسب منطلق التحليل العقلاني لـ "الظاهرة الترامبية"، والبحث فيها من الداخل إلى الخارج، قبل تحديد سياق المرجعيات الفلسفية والأيديولوجية في اتجاهٍ معاكس من الخارج إلى الداخل. وقد ركّز الباحث في عرضه على أربعة محاور رئيسة:

  • تفكيك أضلاع "الظاهرة الترامبية" التي لا يميل أغلب علماء السياسة إلى إضفاء عبارة فلسفة سياسية أو مذهب سياسي عليها. في حين يرى الدكتور الشرقاوي أنه يمكن وصفها بـ "الفلسفة التبسيطية في الحكم"، لكونها خلاصة المدّ الشعبوي في الولايات المتحدة الأميركية القائم على ستة أسسٍ؛ هي العدمية ومعاداة النخبوية، والشعبوية، والانعزالية والحمائية، ومعاداة المهاجرين الجدد وصناعة الآخر، ودغدغة المشاعر القومية تحت غطاء الروح الوطنية، والتعهّد بتصحيح خطايا الحزب الجمهوري، سواء إزاء مسألة التعددية أو عدم الانفتاح على الأقليات.
  • إستراتيجية الترويج للترامبية المتمثّلة في الاستعراضية، والانطباعية، والارتجالية والكذب، بغضّ النظر عن عدم تحقيق نجاحات تشريعية أو سياسية أو إعلامية.
  • "استعادة عظمة أميركا من جديد"، من حيث إعادة الاعتبار لما يطلق عليه "الاستثناء الأميركي" الذي يجعل كثيرًا من الأميركيين يعتزون بأنّ ديمقراطيتهم لا تشبه أنظمة بقية دول العالم، وأنها نتيجة مساعي الآباء المؤسسين الذين صاغوا الدستور من خلال تأملاتهم في الدروس والعبر التاريخية من خطايا الأنظمة الملكية والإمبراطورية التي كانت سائدة في أوروبا في القرن الثامن عشر؛ ما يجعل دونالد ترامب يتمسّك بهذه الرؤية بوصفها مشروعًا سياسيًا واقتصاديًا لاستعادة "عظمة أميركا من جديد".
  • الترامبية وتحولات العلاقات الدولية المعاصرة، ولا سيما من خلال التناول بالدرس والتحليل تذبذب ترامب بين سياستين متناقضتين: سياسة التدخل العسكري الانتقائي في نزاعات الدول الأخرى، وسياسة الانعزالية والحمائية عملًا بمبدأ "أميركا أولًا"، و"أنا أمثّل الولايات المتحدة، ولا أمثّل العالم".

بيّن المحاضر من خلال هذه المحاور الأربعة أنّ دونالد ترامب يسعى لتكريس معادلة جديدة في السياسة الدولية يمكن تسميتها "نظرية القيمة"؛ من خلال فرض حسابات صارمة أكثر ممّا ذهب إليه منظّرو الواقعية الكلاسيكية، والإصرار على عائدات مالية مرتقبة من حماية الأمن القومي لدول مثل السعودية واليابان وكوريا الجنوبية. كما بيّن أنه يستند في تمسّكه بالعائد المادي وغلبة الاقتصاد في تدبير الدبلوماسية إلى الفلسفة النفعية، محاولًا فرض نسق براغماتي في مجالين؛ أولهما، عملية المقايضة النقدية والاستثمارات الخليجية في الولايات المتحدة والاستثمارات الأميركية (وحتى الشخصية الخاصة به) في دبي وغيرها من إمارات الخليج. وثانيهما، التراجع عن المطالبة باحترام حقوق الإنسان والحريات الفردية المتصلة الذي تخصّص له وزارة الخارجية الأميركية تقارير سنوية عن سجلات تلك الدول وغيرها في انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الدينية والاتجار بالبشر، وتمثّل مرجعًا أساسيًا لدى أعضاء الكونغرس أثناء سجالاتهم بشأن التعاون وإبرام صفقات الأسلحة مع الحكومات العربية.

وقد عقّب على محاضرة الدكتور الشرقاوي الدكتور مروان قبلان، مدير وحدة تحليل السياسات في المركز العربي، مبرزًا تأثيرات سياسات دونالد ترامب في مؤسسات النظام الدولي الليبرالي والاقتصاد العالمي والتحالفات الأمنية والعسكرية الغربية (حلف شمال الأطلسي "الناتو" بالأساس).

ثم أعقب ذلك نقاشٌ ثريّ بين الباحث والحضور، تناول قضايا منهجية وتحليلية في موضوع البحث.