بدون عنوان

انطلقت اليوم الإثنين، 14 شباط/ فبراير 2022، أعمال اليوم الأول من مؤتمر "النزاع في اليمن: المشهد الحالي وسَبْر المستقبل"، الذي يعقده مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، بالتعاون مع كل من المركز العربي -واشنطن دي سي، ومؤسسة ديب روت (Deep Root) ، في يومي 14 و15 شباط/ فبراير 2022. اشتمل جدول أعمال اليوم الأول على كلمة رئيسة ألقاها تيموثي ليندر كينغ، المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، تبعتها كلمة افتتاحية ألقاها رئيس المكتب الفني للمشاورات وعضو الفريق المفاوض عن الحكومة اليمنية محمد العمراني، إضافة إلى المشاركات المميزة لمجموعة من الباحثين والمتخصصين، الذين قدموا أوراقهم الأكاديمية خلال المؤتمر.

استُهلت الجلسة الأولى بكلمات افتتاحية ألقاها كل من البروفيسور سلطان بركات، مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، والدكتور خليل جهشان، المدير التنفيذي للمركز العربي بواشنطن، والأستاذ رأفت الأكحلي، الشريك المؤسس في مؤسسة ديب روت. وقد أكدوا جميعًا أهمية هذا المؤتمر الأكاديمي، وأهمية توقيته في ظل التطورات الراهنة في اليمن، وأن المؤتمر يوفر فرصة استثنائية لرصد وفهم آخر التحليلات حول الأزمة اليمنية ومسار عملية السلام في اليمن، والتي يقدمها مجموعة من الخبراء والأكاديميين والباحثين البارزين المتخصصين في الشأن اليمني.

رحب بركات بالمشاركين، مؤكدًا أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي انسجامًا مع تطلعات مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، الذي يعد الأول من نوعه في العالم العربي، ويعمل على إنتاج المعرفة العالمية ورسم السياسات في مجال إدارة النزاع والعمل الإنساني، بما يجسر الهوّة بين النظرية والممارسة، ويساند الجهود العملية المتمثلة في الحوار والوساطة. وأشار جهشان إلى أن فكرة هذا المؤتمر نابعة من التزام الشركاء الثلاثة بدعم عملية السلام وتسوية الصراع في اليمن الذي تحول إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم وبوضع حد له. وأكد الأكحلي أن هذا المؤتمر فريد من نوعه، لتنوع المتحدثين والمساهمين فيه؛ ما يثري المناقشات الدائرة، ويعزز المساهمة في البحث عن حلول لإنهاء النزاع الذي أنهك البلاد.

وتابعت الجلسة أعمالها بكلمة ليندر كينغ، الذي أكد كارثية الوضع في البلاد، والحاجة الماسة إلى دعم عملية السلام. وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأميركية لا تدعم الحلول العسكرية في اليمن، إلى جانب رغبة بلاده في دعم عملية التعافي في المنطقة، مع إقراره بأنه لا يوجد لدى بلاده حلول مثالية للنزاع في اليمن. وقد أكد أيضًا أن واشنطن تدعم عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، مع استمرارها في تقديم الدعم الإنساني والاقتصادي جنبًا إلى جنب مع المجتمع الدولي، مشيرًا إلى التزامهم بالقانون الدولي وبأهمية وجود حل سياسي للأزمة.

تواصلت أعمال الجلسة الافتتاحية بكلمة تقدم وجهة نظر الحكومة اليمنية، ألقاها العمراني، الذي سلط الضوء على الغياب النسبي للعملية السياسية في اليمن منذ عام 2018؛ وذلك يعود إلى غياب الحوثيين عن عملية السلام وتعمدهم عدم الحضور بصفة مباشرة. وانتقد الباحث دور المبعوثين الدوليين السابقين في اليمن، ملقيًا الضوء على مسار عملية السلام التي قادوها، ويرى أنه قد غلبت عليها محاولات الإغراق في الجزئيات على حساب القضايا المركزية الكبرى. وفي هذا الإطار، لاحظ أن التركيز على قضية الأسرى وبناء الثقة ومحاولة الهروب من القضايا الأساسية والاستراتيجية، هو نهج ينسجم مع رؤية المجمتع الدولي، ولا ينسجم مع عمق الأزمة اليمنية.

رسم خريطة النزاع: الأسباب، والجهات الفاعلة، والديناميكيات

بدأت أعمال الجلسة الأولى من المؤتمر وعنوانها "رسم خريطة النزاع: الأسباب، والجهات الفاعلة، والديناميكيات"، بملاحظات موجزة لرئيسة الجلسة، الباحثة في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، منى هداية. ثم قدّم بيتر ساليسبري، كبير محللي اليمن في مجموعة الأزمات الدولية، الورقة الأولى، وقد ركّز فيها على الاتجاهات الحالية للنزاع ومساراته المستقبلية. وأشار الباحث إلى بروز عدة تحولات واتجاهات منذ اندلاع الحرب الأهلية في اليمن عام 2014: أولها، أن سلطات الأمر الواقع التابعة للحوثيين في صنعاء عززت من سيطرتها على الأراضي التابعة لها ومن قدراتها العسكرية؛ ثانيها، التدهور المستمر في موقف الحكومة اليمنية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، بوصفها جهة حاكمة وفاعلًا عسكريًّا ذا مصداقية؛ ثالثها، الارتفاع الملحوظ في المكانة العسكرية والسياسية للقوات المتحالفة مع الإمارات العربية المتحدة، التي قاتلت الحوثيين والحكومة؛ رابعها، زيادة أهمية اليمن في صراعات القوى الإقليمية بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، وإيران وحلفائها من جهة أخرى.

وتابعت الجلسة الأولى أعمالها بورقة لميساء شجاع الدين، باحثة أولى في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، ركّزت فيها على معضلة الفدرالية في اليمن. وقد أشارت إلى أن اللامركزية في اليمن لا تزال قضية محورية في النزاعات السياسية في البلاد منذ عام 1994. وتتبعت تطور الجدل الدائر بين المثقفين والأحزاب السياسية حول التحول إلى اللامركزية في الدولة اليمنية، وركزت على دور ذلك الجدل وخطة الدول الست في إذكاء جذوة الحرب الأهلية اليمنية الجارية، وجادلت بأن الفدرالية تظل واحدة من أهم الوسائل لإنهاء هذ الحرب.

وقدّم إبراهيم جلال، زميل باحث في المركز اليمني للسياسات، وباحث غير مقيم في معهد الشرق الأوسط، ورقةً، ركّز فيها على التصميم المؤسسي لمؤتمر الحوار الوطني، وانعكاساته على التمثيل والمفاوضات والنتائج. وتتلخص النتائج الأولية التي أشار إليها الباحث في أن الاختيار الانتقائي للمجموعات، والمظالم التي نوقشت خلال المؤتمر، يكشفان عن فجوات كبيرة في السعي لإيجاد حلول مستدامة وشاملة ضرورية لعملية التحول في البلاد. وأشار أيضًا إلى ضعف التصميم المؤسسي للمؤتمر، إضافة إلى عدم معالجته جذريًا لواحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل، والمتعلقة بمجموعتَي عمل، وهي الفدرالية، وهو ما أثر سلبيًا في المشهد الأمني والانتقالي في اليمن.

واختتمت الجلسة الأولى للمؤتمر بورقة لأندريا كاربوني، زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في كلية الدراسات العالمية بجامعة ساسكس في المملكة المتحدة، وكانت بعنوان: "ترويض الثعابين: التماسك والتفكك والعنف في اليمن في زمن الحرب". ويحاج الباحث بأن التغيرات في طبيعة العلاقات بين قادة الجماعات المسلحة المعنية، وبين القادة والكوادر والقواعد الاجتماعية لكل منهم، يمكن أن تفسر نشوء العنف بين المتحالفين. ويقترح أنه بدلًا من النظر إلى أطراف الصراع على أنها وحدات موحدة، يمكن تصور كل مجموعة من المجموعات التي شكلت التحالف على أنها شبكات متنافسة من النخب والمجموعات الاجتماعية ذات مستويات مختلفة من التماسك الداخلي.