بدون عنوان

من الفعالية
لوسيانو زكارا
مهران كمرافا رئيس وحدة الدراسات الإيرانية

استضافت وحدة الدراسات الإيرانية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات لوسيانو زكارا، وهو باحث وأستاذ مساعد متخصص في السياسة الخليجية بجامعة قطر، في فعالية إطلاق كتابه الأخير السياسة الخارجية لإيران في عهدة الرئيس حسن روحاني الأولى (2013-2017)، في 27 آب/ أغسطس 2020. يشغل زكارا، أيضًا، منصب مدير مرصد السياسة والانتخابات في العالمين العربي والإسلامي في إسبانيا.

يتناول الكتاب المحرر لزكارا، والصادر عن دار نشر "بالغريف ماكميلان"، السياسةَ الخارجية للرئيس الإيراني حسن روحاني في فترة رئاسته الأولى. ويبحث في عقيدة روحاني في السياسة الخارجية، وكذلك العلاقات بين إيران وكلّ من سورية، والعراق، والسعودية، والولايات المتحدة الأميركية، وروسيا. وهناك، أيضًا، فصول تحلل مقاربات إيران الإقليمية تجاه أفريقيا وأميركا اللاتينية.

جرى تحرير الكتاب ضمن نطاق مشروع منحة من جامعة قطر لتحليل السياسة الخارجية الإيرانية وتأثيرها في منطقة الخليج. بدأ زكارا بمناقشة أسباب تركيز كتابه على السياسة الخارجية الإيرانية في فترة الرئيس روحاني الأولى، فأكد أن السنوات الأربع الأولى من رئاسته توضح قدرة الرؤساء المنتخبين في إيران على تغيير أوجه السياسة الخارجية. وأوضح، أيضًا، أن أحد الأهداف المركزية لكتابه هو دراسة إرث الرئيس روحاني وسط تطورات حصلت في فترته الرئاسية الأولى، كتوقيع الاتفاق النووي مثلًا. ويذهب إلى أن رئاسة علي أكبر هاشمي رفسنجاني (1989-1997) تُذكّر بإعادتها بناء الاقتصاد الإيراني والسياسة الخارجية، وأن رئاسة محمد خاتمي (1997-2005) تُذكّر بشروعها في حوار الحضارات، أمّا رئاسة محمود أحمدي نجاد (2005-2013)، فهي تُذكّر - في نظره - بنزعته المتطرفة "العالم ثالثية"، وأسلوب مواجهته للغرب؛ ما أدى إلى فرض مجلس الأمن عقوبات على إيران.


لاحظ زكارا أن أحد التطورات الرئيسة في ولاية روحاني الأولى كانت محادثة هاتفية جرَت بين الرئيسين باراك أوباما وحسن روحاني في نيويورك، بعد انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، وقد شكّل ذلك أوَّلَ اتصالٍ مباشر بين الولايات المتحدة وإيران منذ أكثر من ثلاثين عامًا. ويدافع الكتاب عن أن "هذا التغيير الجذري في العلاقات الإيرانية الأميركية لم يكن مجرد تغيير في النهج الإيراني تجاه الولايات المتحدة فحسب، بل إنه كان إشارةً أيضًا إلى أنّ الإيرانيين لم يعُد مُحرَّمًا عليهم أنْ يتعاملوا مباشرةً مع الأميركيين للخروج من مأزق البرنامج النووي الإيراني". وأسفر ذلك عن توقيع الاتفاق النووي، الذي أعلن كثيرون عن أنه إنجازٌ دبلوماسي حقيقي. ويرى الكتاب أيضًا أن اهتمام روحاني الواسع بالسياسة الخارجية، ولا سيما المفاوضات النووية، أدى إلى إهمال الأمور الاقتصادية والاجتماعية. لقد كانت البراغماتية التي أظهرها روحاني في رئاسته واضحةً، خصوصًا في القضية النووية. وأن عهدة روحاني الأولى امتدت حتى انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لكن إعادة انتخابه لم تتأثر لأن الولايات المتحدة لم تكن قد انسحبت بعدُ من الاتفاق النووي عند إجراء انتخابات 2017.

ورغم ضرورة الحوار والتعاون في المنطقة، لم يكن لدى روحاني برنامج أو خطة عملٍ محددين لحل القضايا الشائكة مع البلدان المجاورة لإيران. وأضاف زكارا موضحًا أن "الواقعية الدفاعية التي طبقها روحاني أعطت الأولوية للمخاوف الأمنية، ولكونها متناقضة مع استمرار الواقعية الهجومية في الشؤون الإقليمية". وبحسب المؤلف فإن التناقضات المتأصلة في مدرستين للفكر كانت في الأساس سببًا في عرقلة مشاركة روحاني مع الغرب.

يُنهى زكارا حديثه بإلقاء الضوء على الفصل الختامي للكتاب بعنوان: "من العزلة إلى التأقلم" الذي كتبه الخبير الإيراني الشهير أنوشيرفان احتشامي. تميزت فترة روحاني الأولى، في السنوات الثلاث الأولى على الأقل، بحقبة من الازدهار والانفتاح قادت البلاد بعيدًا عن توجهات السياسة الخارجية للرئيس أحمدي نجاد. ويرى زكارا أن "الرؤساء الإيرانيين يستطيعون إجراء تغييرات في السياسة الخارجية، على الرغم من تقييدات النظام السياسي، ومن تقييدات الدستور الذي يمنح المرشدَ الأعلى أعلى سلطة". القضية التي أبرزها زكارا هي أن الانفتاح الذي شهدته إيران تغلب عليه قلة الفوائد التي تحققت من الاتفاق النووي، وعدم كفاية التغييرات الداخلية على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وانتصار دونالد ترامب في الولايات المتحدة.