بدون عنوان

اختتمت أمس (الأحد 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015) أعمال ندوة "مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني" التي عقدها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة لمدة يومين. وناقشت الندوة في يومها الثاني موضوعات متعلقة بقضايا اللاجئين والمبادرات الشبابية، ومركزية القدس ومدى إمكانية إقامة الدولة في ضوء السياسات الإسرائيلية، والمشروع الوطني الفلسطيني والمنظمات الدولية والاقتصاد السياسي.

وقد ترأس الجلسة الأولى محمد المسفر وتحدّث فيها شفيق الغبرا حول "رحلة إلى فلسطين: شهادات من الأرض المحتلة"؛ إذ أشار فيها إلى أن الحالة الفلسطينية الجديدة هي تعبير عن طموحات خريجي الجامعات وطلبتها وتعبير عن الشبان والشابات المرتبطين بالأرض والمكان، وأن النهوض الفلسطيني الجديد قابل للتطور باتجاه تحدي المشروع الصهيوني وإيقاف اندفاعه ودفعه للتراجع بنسب مختلفة، ما يعني تسجيل نقاط جديدة في صراع الحقوق ضد الظلم. وأضاف الغبرا أن "اللغة الجديدة للفلسطينيين تبدو كأنها تخاطب لغات الثوريين والناشطين العرب الذين احتلوا الميادين وحلموا قبل أكثر من أربع سنوات بعصر بلا فساد واستقواء وبلا هيمنة وتهميش. والفارق بين الحالة الفلسطينية وتلك العربية أن الفلسطينيين بحكم التجربة والتاريخ يتواصلون مع ماض قاس وواقع جوهره الاضطهاد القومي والتوسع الاستيطاني والسلوك العنصري".

أما الباحثة عروب العابد فتحدثت عن التهميش القانوني الذي يعانيه اللاجئون الفلسطينيون في الدول العربية المجاورة لفلسطين المحتلة. وأشارت إلى أنه في الأحداث التي تعيشها دول المنطقة تصبح وثائق السفر التي يحملها اللاجئون الفلسطينيون وثائق بلا قيمة لا تمنحهم أي حقوق أساسية. وقد ناقشت الباحثة الدور القانوني للأمم المتحدة في تأمين الحماية ودور الدول العربية المضيفة في رعاية اللاجئين الفلسطينيين. وأظهرت الفجوة في اتفاقيات السلام التي لم تذكر حماية اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، ولم تدرك الخطر الذي يهدد الوجود والهوية الفلسطينية. وخلصت إلى أن هناك أصواتًا تدعو إلى تأمين اللاجئين الفلسطينيين، وضمان حقوقهم المدنية ولا بد من دعمها.

وفي ورقة "الحركة الطلابية الفلسطينية العابرة للحدود: فهم الماضي وبناء المستقبل" أشارت الباحثة مريم أبو سمرا إلى الدور الأساسي الذي أداه الطلاب الفلسطينيين في تحريك الجماهير إلى نهاية عقد السبعينيات، كما ارتبطت الحركة الطلابية بمفهوم نضالي يحمل في ثناياه شحنة من العلامات المؤشرة إلى التغيير والعطاء والنضال، وكثيرًًا ما أرتبط اسمها بحركات التغيير الجذرية على الصعد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في العالم، وتمثل ذلك من خلال قوة وجودها وحضورها في القضايا التي تلامس وتشتبك مع المطالب القاعدية التي تعبر عن مجموع مصالح الشعوب التي تطمح إلى الكرامة والعدالة الاجتماعية والاقتصادية.
وأشارت إلى أن تجربة الكتل الطلابية في الجامعات الفلسطينية ومأسسة عملها النقابي ودورها السياسي يختلف حسب البيئة الثقافية والأكاديمية والسياسية التي نشأت فيها وتطورت في ثناياها.

وعند قراءتها لواقع الحركات الشبابية والعمل الشبابي في فلسطين، أوضحت الباحثة آيات حمدان أن ما اصطلح على تسميته "الحراك الشبابي" الفلسطيني، وإن تفاوتت معدلات شدته وانتظامه وعناوينه، عكس في الضفة الغربية على وجه الخصوص تشابك عاملين مهمين: الأول، وجود حيز من الفراغ السياسي والتنظيمي الذي تركه تراجع الدور الكفاحي/ النضالي والسياسي للتنظيمات الفلسطينية المنخرطة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية بعد اتفاقات أوسلو عام 1993، والثاني تكثيف الحالة الاستعمارية وسياساتها التي طالت المكان والإنسان الفلسطيني .

وفي الجلسة الثانية "مركزية القدس وإمكانية إقامة الدولة في ضوء السياسات الإسرائيلية" التي ترأستها حصة العطية، أشار الباحث عصام نصار في مداخلته "رؤية مغايرة لمركزية الصراع على القدس: دروس من تاريخ المدينة" إلى أن العامل الجوهري في التعامل مع قضية القدس في مواجهة دولة تستند إلى أيديولوجية حصرية بجماعة متخلية محددة تستثني أهل المدينة لا يكون عبر رؤية دينية ضيقة، كما تفعل بعض الحركات الإسلامية في الراهن، بل اعتبار القدس ركيزة رئيسة في المشروع الوطني الفلسطيني (السياسي) الجامع في مواجهة الاحتلال.

أما الباحث منير نسيبة فقدم ورقة بعنوان "استغلال دولة الاستعمار الإسرائيلي للهواجس الأمنية في رسم سياساتها الاستعمارية في مدينة القدس"، وأوضح فيها أن من يتتبع السياسات الإسرائيلية يدرك تمامًا أن هذه الإجراءات ليست إجراءات أمنية على الرغم من أن حكومة الاحتلال وصمتها بهذه الصفة، بل هي إجراءات تهجيريه استعمارية ترمي إلى تقليل عدد الفلسطينيين إلى أصغر حد، وزيادة عدد اليهود إلى أكبر نسبة ممكنة.

وأشار الباحث علاء محاجنه في ورقته "الدور القانوني لمخططات التهويد في القدس" أن إسرائيل ما زالت تستعمل الورقة القانونية في كل تصعيد لتنفيذ مخططاتها المتعلقة بتهويد القدس وفي مواجهة كل فعل سياسي فلسطيني يسعى لتقويض المخططات الإسرائيلية ويتحداها حتى من خلال الإمكانيات المحدودة المتاحة. وأوضح أن عملية التهويد تقوم على مبدأ مزدوج ومتزامن من المحو والإنشاء، إذ تسعى إسرائيل بشكل حثيث لمحو المشهد الأصلاني الفلسطيني وثقافته في المدينة وذلك بهدف إنشاء مشروع سيادي استيطاني مكانه. وتجري عملية التهويد هذه من خلال دمج آليات وممارسات قانونيّة ورمزية وجيوديموغرافيّة وأمنيّة متكاملة.

واختتم الجلسة الباحث أسامه أبو ارشيد في مداخلته "معنى حل الدولتين في ظل تقويض إمكانية إقامة دولة فلسطينية" مشيرًا إلى أنه في ظل غياب إجماع وطني، أو حتى نوع من التوافق، على حدود دنيا لـ "مشروع وطني فلسطيني"، تشرذم الموقف الفلسطيني بين من يطالب بالتحرير الكامل الشامل من دون وضوح رؤية لكيفية تحقيق ذلك، وبين من لا يكاد يعرف قاعًا لحجم التنازلات التفاوضية مع إسرائيل. وقد دعا إلى ضرورة صوغ "مشروع وطني فلسطيني" يمثل الكل الفلسطيني، ويتوافق على حدود دنيا مرحلية عملية، في أفق تحقيق حلم التحرير والانعتاق الأكبر من الاحتلال الإسرائيلي.

وفي الجلسة الثالثة بعنوان "المشروع الوطني الفلسطيني: المنظمات الدولية والاقتصاد السياسي" والتي ترأسها خالد الجابر، ناقشت الأوراق موضوع المبادارات الفلسطينية في الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية، للباحثة سلمى كرمي أيوب، و"المشروع الوطني الفلسطيني والأمم المتحدة" للباحث سعيد عريقات، والتغلب على نظرية اللعبة في السياق الفلسطيني للباحث توفيق حداد.