بدون عنوان

الدكتور عبد الرحيم بن حدة - رئيس تحرير "أسطور" متحدثا في افتتاح الندوة
المتحدثون في الجلسة الأولى
من الجلسة الثانية

بدأت يوم الإثنين، 14 آذار/ مارس 2022، أعمال اليوم الأول من ندوة دورية أسطور للدراسات التاريخية، التي يُنظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بالشراكة مع فرع المركز في تونس، ومركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية بتونس، ومخبر تاريخ الاقتصاد المتوسطي بتونس، والتي تستمر يومين، وتبحث في الإرث المعرفي للمؤرخ التونسي هشام جعيّط وفكره. وتُعقد أعمال الندوة في تونس والتي ستُبثّ جلساتها عبر منصات المركز العربي على شبكات التواصل الاجتماعي (فيسبوك، وتويتر، ويوتيوب).

استُهلّت الندوة بجلسة افتتاحية رحّب فيها كلٌّ من المدير العام لمركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية، يوسف بن عثمان، ومدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات – فرع تونس، مهدي مبروك، ومديرة مخبر تاريخ الاقتصاد المتوسطي، حياة عمامو، ورئيس تحرير دورية أسطور عبد الرحيم بنحادة، بالباحثات والباحثين المشاركين والحضور.

هشام جعيّط والتجديد التاريخي

افتتحت سمية الوحيشي، الباحثة المتخصصة في تاريخ الدولة العثمانية المتأخر والتاريخ التركي المعاصر، بورقة عنوانها "هشام جعيّط في ميزان ’السيرة الحديثة‘" ركّزت فيها على الكتابات المختلفة التي تناولت بالتحليل والنقد إنتاجه في تاريخ الإسلام المبكر، مُلاحِظةً أنها تدرس هذا الإنتاج وتقيّمه بمعزل عمّا أنتجه الفكر العربي الحديث حول المواضيع ذاتها خلال ما يزيد على قرنٍ. وفي هذا الصدد، سلّطت الباحثة الضوء على موضوع "السيرة النبوية"، ونظرت فيما أنتجه جعيّط من جهة، المتمثّل في ثلاثيته في السيرة النبوية من جهة، ومختارات من محطّات مختلفة فيما أنتجه الفكر العربي الحديث من جهة أخرى. ثمّ بحثت، من خلال أمثلة أنموذجية، عن نقاط التواصل والانفصال في منهجيات العمل والمحتوى، وحاولت، في ضوء هذه المقارنة، من خلال مَوْقعة جعيّط ضمن هذا النتاج الفكري الحديث في السيرة، أن تلقي أضواءً تقييمية جديدة على عمله.

وفي ورقة بعنوان "هشام جعيّط والتأريخ للمؤسسات ببلاد المغرب"، اهتمّ حسن حافظي علوي، أستاذ تاريخ المغرب وحضارته في العصر الوسيط بجامعة محمد الخامس بالرباط، بما كتبه هشام جعيّط حول النُّظم والمؤسسات ببلاد المغرب في القرنين الأولين للهجرة، مبرزًا دوره الرائد والمؤسس في هذا الباب. وقارن الباحث ما أنتجه جعيّط في هذا الموضوع بإنتاجات بعض المؤرخين العرب والمستشرقين. وكشفت ورقته الآراء التي تفرّد بها هذا المؤرخ في دراسته لخصائص النظم العربية بإفريقية؛ بما فيها دواوين الجند والبريد والخراج والصدقات والأعشار والطراز ودار السكة وبيت المال، ودرجة تأثر هذه الأجهزة الإدارية بالنظم الساسانية، أو البيزنطية، أو ما عرفه المشرق الإسلامي من تنظيمات إدارية من بدايات الإسلام إلى العهد العباسي الأول. ورصد الباحث أيضًا مراحل تحرّر النُّظم الأفريقية من آثار الموروث القديم إلى أن استوت على سوقها وصارت مؤسسات عربية بحتة.

أمّا عمرو عثمان، الأستاذ المشارك في قسم العلوم الإنسانية بجامعة قطر، فقد استعرض في ورقته "هشام جعيّط والسيرة النبوية: في نقد المنهج" بعض أوجه النقد لثلاثية جعيّط المتعلّقة بالسيرة النبوية، لا سيما ما يرتبط منها بالجوانب المنهجية في دراسة السيرة. واختتم ورقته بملاحظات تُعنى بالعديد من الردود على جعيّط؛ وذلك فيما يخص طبيعة الكتابة والنقد التاريخيَّين في العالم العربي المعاصر، وفرص التواصل بين أصحاب المناهج المختلفة.

هشام جعيّط والتجديد المعرفي

استهلت حياة عمامو، أستاذة التاريخ الإسلامي الوسيط في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة تونس، الجلسة الثانية بورقة عنوانها "هشام جعيّط والمستشرقون"، عالجت فيها اهتمامه بالاستشراق بوصفه تيارًا اتّخذ مواقف معيّنة من الإسلام وثقافته. وخلافًا لما يتداوله منتقدو جعيّط، بيّنت الباحثة أنّ جعيّط نفسَه لم يكُن منه إدانةٌ للمستشرقين ولا تمجيد لهم أيضًا، بل تعامل معهم بمنهج النقد العلمي الصارم، واعتمد عليهم في بعض الأفكار، ونقد كثيرًا من أفكارهم الأخرى فصوّب بعضها ورفض بعضها الآخر، من خلال فهمٍ مختلف لما ورد في المصادر والمناخ الثقافي.

من ناحية أخرى، ركّز كمال عبد اللطيف، أستاذ الفلسفة السياسية والفكر العربي المعاصر بكلية الآداب في جامعة محمد الخامس بالرباط، في ورقة عنوانها "هشام جعيّط والتأسيس لأنوار عربية" على البحث في جوانب من كيفيات إسهام المفكر التونسي جعيّط في التأسيس لأنوار عربية، وقد بيّن انحيازه المعلن إلى خيارات الأنوار والتنوير في الحاضر العربي، وهي الخيارات التي مارس فيها، بكثير من العمق، نقدَه للغرب وللمركزية الثقافية الغربية من جهة، ومارس فيها دفاعه الكبير عن الحداثة والتنوير من جهة أخرى.

ثم اختتمت سلوى بالحاج صالح، الأستاذة المحاضرة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة، أوراق الجلسة الثانية بورقة عنوانها "الدين والديني لدى هشام جعيّط من خلال كتابه ’التفكير في التاريخ، التفكير في الدين‘"، وقد ركّزت الباحثة على تعامله مع الدين والديني في كتابه الأخير تفكّر في التاريخ تفكّر في الدين (2021)؛ إذ يمثّل الدين والديني إشكاليتين أساسيتين من ضمن الإشكاليات المهمّة التي يثيرها في كتابه. وفي هذا السياق، اهتمّت الباحثة خصوصًا بالمنهج الصارم الذي اتّبعه جعيّط في تناول نشأة الأديان وانشغاله بدور الدين في التاريخ.

أعقب كل جلسة من جلستَي اليوم الأول تعقيبات وتساؤلات تناولت جوانب عدة في البحوث المعروضة. وتتواصل أعمال الندوة إلى يوم الثلاثاء 15 آذار/ مارس 2022.

* كتيب الندوة